|
|
مهرجان روتردام السينمائي الدولي:
635 فيلما عن العراق والمواطن العربي يخرج من صورته |
|
|
|
|
تاريخ النشر
19/02/2008 06:00 AM
|
|
|
يغضب كثيرون منا حين يشاهدون أفلامًا تقدم المجتمعات العربية أو مواطنيها في المجتمعات الأخرى التي يهاجرون إليها، كمجتمعات أوروبا تحديدًا، ونقول وقتها إن «التمويل الأوروبي» يتسبب في تقديم صورة مشوهة عنا- يحدث هذا منذ عقود حين نسافر إلى المهرجانات السينمائية الدولية فنرى كثيراً من الأفلام التي نراها في بلادنا. خلت المسابقة الرسمية لمهرجان روتردام السينمائي الدولي (وهو أكبر المهرجانات الهولندية وواحد من أكبر خمسة مهرجانات دولية للسينما) من الأفلام العربية المتنافسة في مختلف فروع المسابقة(روائية طويلة أو أفلام قصيرة). وهذه الدورة هي دورة المهرجان السابعة والثلاثين (وبالطبع لاعلاقة لها بمهرجان روتردام للفيلم العربي الذي يقام في نفس المدينة). لكن هذه المسابقة تضمنت فيلمًا عربيًا يحمل الجنسية الدنماركية، ومخرجه عربي يعيش في بلاد الشمال هو محمد شرقاوي، وكذلك ممثلوه الذين قاموا بأدوار «العرب» المهاجرين في وطن جديد، والذين يحملون معهم كل المساوئ لمجتمعاتهم القديمة، بل يحملون نوعاً مخلقاً من المساوئ لو شئنا دقة التعبير، فليس في حياة بطل الفيلم- واسمه جميل- كما أن اسم الفيلم هو «مع السلامة يا جميل» وهو مستوحى من مسيرة البطل التي تنتهي بموته في فاجعة ميلودرامية دموية حيث يقتل جميل بيد مواطنيه العرب الإرهابيين الذين ذهبوا إلي بلاد الغربة وبدأوا في تصفية بعضهم بعضا، وعندما يحاول جميل الانسحاب من علاقته بهم بعد أن ثار عليه أبوه الطيب «لمرة واحدة»، يطاردونه، ويخطفون ابنه الطفل، وينالون منه بالرصاص في الشارع. من المؤسف أن هذا الفيلم، حتى مع كونه إنتاجًا غير عربي، سوف يعامل كما لو كان فيلمًا عربيًا، فالعرب هم موضوعه، ومخرجه عربي واسمه كذلك، ومن جهة أخرى، فقد قدم المهرجان بعض الأفلام الأخرى، في برامج مختلفة، عن العرب، من خلال إنتاج عربي منها الفيلم اللبناني «السقوط من الأرض» للمخرج شادي زين الدين الذي يطرح صورة شديدة السواد للحرب الأهلية اللبنانية وقد عرض في مهرجان دبي من قبل. أفلام كردية.. وفيلم عن سجن النساء الحرب العراقية، أو أحداث العراق تحديدًا حظيت بأفلام متعددة ويمكننا اعتبارها الأكثر في هذا المهرجان الذي بلغ عدد أشرطته السينمائية 635 فيلمًا- وعلى رأسها فيلم المخرج محمد دراجي عما يحدث في بلاده الآن من فوضى وتدمير وقتل للمدنيين الذين يدخلون يوميًا- بحسب الفيلم- في مواجهات جسور من أجل البقاء على قيد الحياة. الفيلم اسمه «حب وحرب، ورب، وجنون» ومخرجه ترك بغداد فرارًا من حكم صدام حسين وعاد في نهاية هذا الحكم ليصور فيلمه الطويل الأول «أحلام»، وأثناء نهاية التصوير سقط حكم صدام وقرر الدراجي أن يساهم بأي شيء في تحقيق الانتقال من عهد لعهد موقنًا بأنه سيكون جزءًا من فصيلة المنتصرين لزمن جديد ينعم فيه العراق وأهله بالحرية والسلام، ولكنه اكتشف أن الأمر اختلف تمامًا، وأنه معرض للقتل في كل لحظة هو وفريقه في حال إنجازهم هذا الفيلم، عاد للخارج ليعرض فيلمه الأول الذي تلقفته المهرجانات الدولية وحصل على عدد من الجوائز جعلته أقوى معنويًا وماديًا، فاشترى معدات لصنع الفيلم الجديد وعاد ليعمل على إنجازه.. ومن جانب آخر، فقد عرض المهرجان في إطار برامج الأفلام القصيرة له خمسة أفلام كردية عراقية هي «طريق الموت» إخراج ستان نجيم، و«البحث عن الله» إخراج زيرك ميرا و«ماء» إخراج مهدي حسن و«عندنا بنزين» إخراج شامكسوار إدريس و«الصفحة البيضاء» إخراج فتحي مقاري.. وكلها أفلام تشير إلى الأزمة العراقية من زوايا مختلفة، أما الفيلم القصير السادس فهو ليس كرديًا، وإنما للمخرج العراقي عدي صالح عن «سجن النساء في الكاظمية» وحيث يطرح صورة لما يحدث داخل هذا السجن الشهير الذي يجمع بين نزيلاته الكثير من الملامح المشتركة، بالرغم من أن كل واحدة منهن لها تهمة تخصها وحدها، وعلى عكس توقعاتنا فالفيلم ليس له علاقة بالحرب في العراق، إلا أنه صور في زمنها ولذلك لا نجد فيه ذكراً للواقع المضطرب خارج السجن إلا في جملة واحدة تقولها نزيلة عن أن الجنود الأميركيين يستلمون حراسته.. وما عدا ذلك متاعب وأحوال النساء في كل سجن. جرب المرور من ضمن الأفلام القصيرة المصورة بالفيديو في مهرجان روتردام، فيلمان من لبنان.. الفيلم الأول بعنوان «جرب.. جرب المرور» إخراج المصورة والمخرجة اللبنانية رانيا ستيفان «33 دقيقة» والذي تقدم فيه أنشودة حزينة للخراب الذي أصاب أحوال بلدها اليوم وحيث تدهورت الحياة المدنية لدرجة أن الكثير من الطرق امتلأت بالأشغال أو اختنقت أو دمرت فلم يعد بوسع أحد المرور منها. والفيلم الثاني لنفس المخرجة بعنوان «حرب لبنان» ومدته 47 دقيقة، وهو ليس فيلمًا واحدًا، وإنما ثمانية مقاطع قصيرة تقدم صوراً من الحرب في مواقع متعددة من بيروت كلها تطرح في النهاية صورة حزينة لبلد ينهار. ومن لبنان أيضًا فيلم ثالث قصير إنتاج مشترك مع فرنسا إخراج وسام شرف وإنتاج 2007 وعنوانه «جيش النمل» ويحكي عن «صبي من الجنوب» اكتشف أن حياته ضاعت بين ما لقن له وما يراه هو وأصدقاؤه في الواقع. أما الفيلم اللبناني الرابع فهو إنتاج مشترك مع أميركا وإخراج لينا ميرهج وهي فنانة تشكيلية ولدت في ألمانيا وطافت العالم قبل أن تعود للاستقرار في وطنها وتمارس الرسم وتتنفس فيه بالتعبير لما يحدث حولها، والفيلم يقدم رسومها عن الناس في زمن الحرب والأزمة. فيلم فلسطيني يتيم نادين.. هو اسم الفيلم الفلسطيني الوحيد في المهرجان.. وفي برامج الأفلام القصيرة، وله مخرجتان هما نادين ناعوس ولينا روكسيد ومدته 58 دقيقة وفيه تسجيل بأسلوب يجمع بين الشاعرية والواقعية لأطفال فلسطينيين من بين سكان أحد المخيمات في لبنان، حضروا إلى ورشة أقامتها المخرجتان ليحكي كل طفل وطفلة عن حياته وآماله، وليختار الخلفية التي يود أن يتصور خلفها. وهل تفرق نيويورك عن باريس عن بيروت.. عن القدس بالنسبة إليه. الفيلم يجعلك تدمع في لحظات حين يتساءل أبطاله الصغار عن صورة الوطن الذي لا يعرفونه. حبوب الكسكسي ربما قصدنا في السطور السابقة إلقاء أضواء على الأفلام التي لا تعرض عادة في دور العرض العربية ولا الأجنبية، لا عندنا، ولا عند الأوروبيين، وإنما في المهرجانات فقط، ولكن مهرجان روتردام بالطبع مهرجان كبير يبدأ العام الجديد قبل غيره من مهرجانات العالم الكبرى لم يشأ أن يترك بعضًا من أفضل الأفلام العربية التي عرضت في نهاية عام 2007 ومازالت في حالة عرض حتى اليوم وعلى رأسها فيلم «هي فوضى» آخر أفلام فنان السينما الكبير يوسف شاهين والذي شهدت عروضه الأربعة إقبالاً كبيراً هنا، وأيضًا فيلم المخرج القدير عبداللطيف عبدالحميد «خارج التغطية» من سوريا، وفيلمان جزائريان من إنتاج مشترك مع فرنسا، الأول هو «المنزل الأصفر» إخراج عمر هكار والثاني هو «سر حبوب الكسكس»من إخراج عبداللطيف كشيش.. وكلاهما يعيش في فرنسا، لكن الفيلمين جزائريان بالدرجة الأولى وقادران عن التعبير عن لمحات مؤثرة والهوية العربية في كل حالاتها الجميلة والفتية والضعيفة إنهما فيلمان يضعاننا في مفارقة أساسية مع الفيلم الأول الذي صنعه عمر الشرقاوي «مع السلامة يا جميل» لأنك حين تراهما تجد شعبًا وهوية وأصالة وحيرة..ولكنك حين ترى هذا الفيلم ترى بشراً بشعين يستحقون الفناء.. بلا رجعة.. والمهم.. أي صورة يصدق المشاهد الأوروبي الذي يرى هذه الأفلام على شاشاته.. وقد لا يراها كلها.. وإنما بعضها وهذه قضية أخرى مهمة تستحق المناقشة.
|
|
رجوع
|
|
مقالات اخرى لــ ماجدة موريس
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| |
|
|
|
|
|