تمثل اعمال فيان سورا اطلالة على ذاكرة حلمية تمارس انتقاءا للواقع ، والواقع هنا يمتد في الزمن والشعور والتخيل، وبالتالي فهي تخلق واقعا موازيا يستمد مواده من ذاكرتها الفنية ، وما اعنيه بالذاكرة الفنية هو البعد القصصي فيها فهي تمنحنا في لوحاتها قصة مبهمة، كما هو شان الاحلام، من خلال لقاء هادئ مع ضيوفها القادمين من ممالكهم وحقولهم ، على قماشة لا يتاح مثل هذا اللقاء على غير الوانها الضبابية، انها قماشة فيان الحلمية الباذخة .
لقد منحتنا لوحاتها فرصة اللقاء باناس احبتهم واحبوها فوافقوا ان تعرفنا عليهم في لحظة مختبئة بين الحلم والواقع تحيط فيان سورا أطياف احبتها بحاجز حلمي يعزل واقع المتلقي عن فضاء قماشتها فهي تجرد المتلقي من حاضره وهو يترجل من همومه ليدخل عبر ستارة اللوحة الى عالمها، وقد يفسر ذلك احساسنا ونحن نعيش اللقاء باننا في ذات الوقت بعيدين عنه لقد منحت فيان سورا المتلقي فرصة ان يتحرك احساسه مع مكانها وزمانها.
و في ذات الوقت الذي تمارس فيه اعمالها عملية ترشيح انتقائية لوعي المتلقي الذي فتحت له ابواب عالمها السحري، فهي لا تمكنه من ان يعبث به من خلال اسقاط الامه على قماشتها فعملت على تنقية فضاءه الادراكي لحظة لقاءه بقماشتها، مما يبرر حضور التعاويذ والتمائم الحارسة التي تبعد فوضى المتلقي من الدخول وتشويه نوافذها المطلة على الحلم .
ان هذه التعاويذ تمارس الدور الذي تمارسه هيبة الحضور لاميرات ميديا في ارض سومر و هن يتقدمن احلامها على القماشة . يسلبنا ذلك الحضور وتلك التمائم ومنذ النظرة الاولى ارادة الاختيار وتقودنا حسب مشيئة الالهة والكهان الحفظة للعالم العلوي انها اللحظة المقدسة التي يدخل فيها ابناء سومر معابدهم وهم يرددون صلواتهم لتحفظ الالهة احلامهم من كل شر ان فيان سورا وقد اختارت الابتعاد الى عالم بديل على قماشتها ابقت على ايمانها بالانسان الذي تراه مؤهلا ليتسيد حلمها اميرا كان ام راعي غنم ولكنها تفرض اشتراطاتها غلى وجودنا على جنة احلامها فعلينا اولا اذا اردنا ان ندخل عالم فيان سورا ان نحفظ التمائم ونؤدي الصلوات الخاشعة وان ننقي قلوبنا من كل ما يثقلها ، ان الانسان الجدير بدخول عالم فيان سورا هو المؤمن بالحلم والقادر على رؤيته بالوانه الحارة ان اعمالها تمنحنا فرصة ان نختبر ارادة الحلم فينا وقدرتنا على ان نراه عيانا يمكن تلخيص الفعل الابداعي لدى فيان سورا من خلال اعتبار قماشتها نافذة يدخل منها المتلقي الى لحظات خاصة في وعي الفنانة وهي مع حرصها على ان تبقينا اسرى لحظة اللقاء الاولى، فانها تتحرك بارواحنا في زمانها الذي يحتضن عالمها الذي امنت بتحققه ، الامر الذي ابقاها تشخيصية figurative وكأن اللوحة حقيقة مطوية في تاريخنا /تاريخها .
لقد ساعدت الالوان الحارة بقوة حضورها في تاكيد امكانية تحقيق هذا العالم ، وهذا ما يجعلنا ونحن امام لوحاتها لا نتساءل عن مبررات هذا اللقاء او نتائجه ونحن نعيشه بحميمية مع شخوصها ان فيان سورا وهي تسير على قماشة احلامها لم تبخل على المتلقي بان يراها في ثوب اميرة سومرية او فلاحة عراقية انها تمارس في اعمالها طقسا متصوفا ممتلئا بالحب محروسا بتعاويذ الحلم وهذا ما ارادتنا ان نراه فيها عبر قماشتها . |