فرحنا المسروق ... حين يعود ..!

المقاله تحت باب  منوعات
في 
04/08/2007 06:00 AM
GMT



 منذ سنوات طويلة .. وبداية مرحلة الشباب، كنت اتابع واتتبع سباقات كرة القدم بدءاً بالسباقات التي تجري بين "طرفنا" خضر الياس و"أطراف" أخرى في جانب الكرخ ببغداد وكنا ننتشي بالفوز ونفرح ذاك الفرح "الطفولي" الابيض .. لتنتقل تلك المتابعات الى سباقات مدرستنا "الكرخ المتوسطة" والتي كانت تسمى بـ "الكرخية".. ثم نشاطات وسباقات بقية المدارس .. حتى كبرنا وصار النضج حالة نسعى اليها لكي يكتمل استيعابنا طبيعة وتفاصيل تلك اللعبة الشعبية الاثيرة عندمختلف شعوب العالم .. لكنني لم امارسها .. بل كنت منصرفا – بعد المسرح، الى – الملاكمة – ورفع الاثقال .. وباندفاع غير حماسي وبتأثير معلمي الرياضة الى كرة السلة.

كرة القدم ومن خلال اصدقاء اقتربت منهم وكان بعضهم "معلماً" للرياضة وانا طالب في مدرسة "دار السلام" وبفضل نشاطي المسرحي .. اقتربوا مني لنكون اصدقاء اكن لهم كل احترام وتقدير في مقدمتهم "مجيد السامرائي" رحمه الله ثم الصديق العزيز "اسماعيل محمد" أطال الله في عمره وهو – أول – من علق في الاذاعة على السباقات المهمة التي كانت تجري في بغداد .. بعد الاستاذ مجيد السامرائي .. والذي اعترف بقدرات وسعة اطلاع الاستاذ "اسماعيل محمد" لنقف بعد فترة من الزمن مع المبدع "مؤيد البدري" حيث كانت بدايته معنا "محرراً" رياضياً في مجلة "السينما" اواسط الخمسينات .. والذي افتقدت حضوره اوسماع تعليقاته عبر شاشات التلفزيون ونحن نتابع سباقات الفريق العراقي الفذ وهو يرسم لنا انتصاراته المضيئة التي اعادت الينا احلامنا السعيدة.

لست ناقداً رياضيا لكرة القدم لاتحدث عن فريقنا في كرة القدم الذي خاض دورة أسيا برصانة وكفاءة عالية .. لكنني ومن باب الوفاء والتقدير لابد ان اقول كلمة اعتزاز ومحبة لا لسبب محدد ولكن "لعراقيتي" التي اعتز بها .. كما اعتز الفريق "بعراقيته" واصالته وشعب العراق الجريح .. ليرّش الفرح المسروق منه .. بل الفرح المقتول الذي اماتته ايادي الشر والجريمة والحقد الاسود لتاريخ زاه ومسيرة حضارية مشرقة .. ولتمحو من امامه آمالاً مضيئة كالشمس وتكوِّم الظلام الاسود كي يقع في المتاهات السوداء ثم يضيع بلا حلم.

فريقنا الذي كان يبدو "واعداً" لايام قادمة تؤهله لان يكون في مقدمة الفرق الناجحة .. سبق زمنه .. ليقف رائداً مع تجارب سبقته ثم ومن كل تلك التراكمات المضيئة اضاف تجربة مبدعة وخلاقة لا على صعيد المستوى الفني حسب .. بل على صعيد المثل العليا رياضية كانت ام اخلاقية .. واجتماعية .. فيضع نفسه امام "المسؤولية" العالية لا في مجال الرياضة حسب .. بل امام الموقف القيادي النموذجي لما يجب ان يكون عليه "العراق" وشعب العراق .. فحوَّل .. "اللعب" الى سلوك عال من الالفة والمحبة بين الفريق كله لتضيع الفوراق بينه وتسقط "الأنا" لتبرز روح "نحن" .. ونحن هنا تعني العراق العظيم، وشعب العراق الوفي .. وتزول كل عوائق وفوراق هذه الزمن الردئ الذي يحيطنا .. بل الذي احاطنا وحولنا الى شعب يبحث عن الفرح النظيف الذي عرفه العراقيون في اشد حالات المعاناة صعوبة ومرارة..

لقد ايقن الفريق .. كما ايقنا جميعاً اننا بلا فرح!! وعدنا نقترب من كآبة شملت كل جوانب حياتنا وصار اليأس مرضاً فينا يوشك ان يقتلنا .. فلا امل يرجى من ايامنا القادمة .. ولاقيمة لاي عمل نقدمه سوى تكرار ماكان...

هكذا اوشكنا .. واكرر على كلمة – اوشكنا – لاننا مازلنا في صراع بين اليأس والامل البعيد عن امكانات الحصول عليه .. ورحنا ونحن لانستطيع العيش بلا امل .. ولا البقاء بلا ضوء .. والحياة حولنا تخلو يوماً بعد يوم من ممارسة حية ممتعة، تحوك الساكن في مشاعرنا المتقدة التي مارسناها وعرفناها سنوات العمر كله ..

غادر بعضنا الوطن .. بل هُجر الكثيرون قسراً .. وابتعد الاخرون بحثا عن النجاة من الموت او الخطف .. وتشبثاً بأمان يعيد بعضاً من حياة طبيعية عشناها .. لكن الفرح ظل مسروقاً . بل مقتولاً كما اشرت اليه وراح الكثيرون يفتعلون المناسبات كي يفرحوا .. لكن المهم ظل في داخل النفس حالة هي جزء من وفاء للوطن – العراق – وشعب العراق.

ولكن ..!

مجموعة خرجت من العراق تحمل روحه الموحدة .. وشرف كلمته النظيفة .. وعمق مسؤوليته المخلصة .. وتقف في وجه كل العصابات والمعوقات لتتمسك بالمحبة والتعاون وتمسح كل الفوارق وتعمل من اجل ان تكون بمستوى الحلم "حلم شعب العراق الوفي المخلص والنبيل .. وتحفر في الصخر .. وتقدم المعجزات لكي ترتفع – درجة – درجة – ومرحلة مرحلة .. وهي في كل خطوة نكتشف درباً يقودها الى الامام .. فمع المسؤولية والوفاء كانت اخبار الوطن وناسه الشرفاء الامهات والاطفال والاباء .. والشيوخ ومن سبقهم ومن يحلمون بالاتي .. كل هؤلاء لاينتظرون منهم ان يعيدوا مجد العراق .. جاءوا عساهم يحصدون الفرح ليرشحوه عن بعد امام "الناس" كل الناس الطيبين بلا استثناء .. انهم هنا لا يحملون إسما ولا فئة سوى "العراق" وشعبه الطيب الكريم والباسل..

وهنا وجب عليهم ان يستبسلوا .. ولاتهمهم – كما قلت – الصعاب او العوائق .. فكل ما يشعرون به ويواجهونه .. ليس كما يجري في وطنهم .. حتى صارت الام التي استشهد ولدها في الاحتفال بنصر الفريق الماضي تؤجل "فاتحة" ابنها حتى يأتيها نبأ انتصار فريق العراق وحصوله على – الكأس- والام واحدة من امهات قدمن خيرة الابناء فداء لهذا الوطن.

هنا صار الاستبسال قضية بل موقفاً مقدساً .. وراح الجمع بلا استثناء "يلعب" بل، يناضل بروح – اجوّز لنفسي ان اقول انها مقدسة".. لانها كانت نقية وشريفة وفاضلة وحقق الفريق الهدف .. وعلت الاصوات وراح الشعب العراقي على اختلاف مواقعه ولاول مرة .. يداعب الفرح ويحتضنه، وكانت بغداد تنفذ حالة – منع التجول – حفاظاً على ارواح برئية قد تسقط بأيدي وسخة تريد ان تقتل وتسرق وتشوه الفرح .. سبيلاً الى متعة عفنة لا يمكن لدين او قيمة انسانية ان تقبلها في اي بلد او زمان..!

رغم ذلك كان الفرح معهم .. وهم يتأملون فرح العراقيين في بعض مدن من العراق وفي بلدان هم فيها مهاجرين او مُهجرين .. ومع ذاك الفرح شعروا ان فرحهم، اعني المهاجرين او المهجرين، كان فرحاً ناقصاً لان الوطن بمن فيه لم يكن التعبير عن فرحهم فيه منفتحاً كما يريدون .. لكنهم شعروا ان الفرح .. فرحهم الصادق والنبيل .. لن يفارقهم مادام العراقيون الصادقون والمخلصون يرسمون درب الامل .. عبر الوفاء والحب والاستبسال والتوحد. من اجل العراق الواحد والشعب الواحد..

اكتب اليوم كلمتي هذه وانا استمع الى اصوات العراقيين تغني وتزغرد والاعلام العراقية ترفرف بايدي العراقيين هنا في واحد من دول الجوار .. ولاتسمع غير العراق الزاهي .. الذي ارتسم من خلال نصر الفريق العراقي بكرة القدم .. كل الفريق بلا استثناء او تفرقة فقد كان العراق كله هو الذي اعاد فرحاً غائباً اعلن عن عودته الفريق .. قريباً ان شاء الله.

فشكراً لهم..!
 
عن المجلس
www.Almajlis.org