هي ليست إعادة بمفهومها الفني والموضوعي البحت، إنما هي طروحات جديدة دخلت في نمطية أعمالي، وفيها تقديم واضح من النمطية المألوفة للأعمال السومرية، إذ كما شاهدتم لديّ تجربة تعتمد طقوسها الخاصة على دلالات ملموسها الواقعي واليومي والغريزي، لأن الكثير من البحوث والأعمال والموضوعات انطوتْ على المجال هذا، نبهني الباحث ناجح المعموري في معرضي الأول خوفاً من الوصول إلى الطريق المسدود، إلاّ أنني أقنعته بأن أعمالي تبحث عن الخلود كما تشير ملحمة جلجامش، طبعاً هذه من الناحية المفاهيمية والمعرفية. فبين فترة وأخرى أكتشف الكثير من الثيمات التي تساعدني على الانطلاق لفتح شفرات جديدة في المكون الميتولوجي على صعيد التقنية خصوصاً.
الشكل النحتي في أعمالك يعتمد على تقنية تشريحية خاصة بك، هل هي امتداد لما ألفناه في بداياتك، أم لك إضافات أخرى؟
بكل تأكيد هناك إضافات، وهناك تقنية، وهناك أسلوب محدث، كلّها تنطوي على المستوى التقني. وقد ظهر بعض أعمالي الأخيرة في مستويات متنوعة، بمعنى أنّ هناك ترحيلاً مقصوداً في أحجام المنحوتات من شكلها المصغر إلى أحجام أخرى بمختلف الخامات المعمول عليها. لديّ أعمال جديدة (نصبية) ما أزال أعمل عليها، من مادة الجبس ومادة الإسمنت وشيش الحديد، فضلا عن تداخلها الأجناسي. قد يتبادر الى ذهن المتلقي سؤال فحواه: هل أعطت الثيمة نفسها؟ أقول بأنها - أي الأعمال - أعطت قراءات مفتوحة، وكأني أغور في طرح شكل جديد له ميزاته التجريبية وهذا حق مشروع.
بخصوص ذلك هل أنجزت أعمالا نحتية؟
بكل تأكيد، أنجزت أربعة أعمال وبأحجام مختلفة، على ارتفاع مترين إلى ثلاثة أمتار، نفذتها بمادة الجبس والإسمنت وشيش الحديد. وفي ما يتصل بالموضوعات المتناولة، اشتغلت على ثيمة المرأة بعدما تعاملت معها بقصدية واعية مع الشكل الحيواني الآخر (الثور). واذا كانت تقنية معينة من العمل النحتي كشكل، فإنها تحمل أيروسية واضحة من حيث الموضوع ودلالته.
ماذا يشكل لك الاشتغال على المنحوتة في حجم اللوحة، والمنحوتة في حجم الجدارية؟
الأولى أجد أنها مهمة وتشكل نقطة للانطلاق أو التأسيس الذي مارستُ فيه احترافي الفني، أما الثانية فإنها نقطة تحول مغايرة لما قـُدِّم في الأولى، رغم الخطوط البيانية الواضحة من حيث وحدة الموضوع. والمعرض الذي أستعد لإقامته سيشهد ظهور أعمال كبيرة الحجم، وستغادر الجدار، فهي في حد ذاتها جداريات. فبعدما عرضت أعمالاً نحتية بأحجام متعددة بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة نسبيًا، ستكون محطتي المقبلة أكبر من ذلك.
لديك تجربة نحتية خاصة بالوجوه، وجوه ثقافية من مدينتك أو غيرها، فهل كان ذلك مشروعاً فنياً، أم مشروعاً بيبلوغرافيا؟
بكل تأكيد هو مشروع فني، لكنه اختياري. أردت أن أوثّق رموز المدينة التي أسكنها. ولم أشتغل على الأعمال كثيراً. ثلاثة عشر عملاً نحتياً لرموز الحلة والعراق، وهم: طه باقر ويوسف كركوش وعبد الكريم الماشطة وأحمد سوسة وغيرهم، كما لم أغفل الأحياء الذين لهم ثقلهم في الساحة العراقية كموفق محمد وناجح المعموري وسعد الطائي وغيرهم. أما آخر أعمالي، في هذا المجال، فهو لمؤسس مدينة الحلة صدقة بن مزيد، وسيتصدر مدخل المدينة بصورته نفسها المنصوبة في إحدى ساحات المدينة، مع تعريف خاص به في مكان قاعدته.
شاهدنا في الآونة الأخيرة إقبالاً على أعمالك داخل وخارج البلد، هل يمكن شرح هذا الإقبال؟
نعم، هناك إقبال جيد داخل البلد على أعمالي، أما خارج البلد فلدي أعمال في إيطاليا والإمارات وهولندا. قبل مدة قريبة زارني رجل إيطالي واقتنى بعض أعمالي النحتية، وهو صاحب منظمة إنسانية، ويعمل في المجال الثقافي، وصاحب شأن في الثقافات القديمة؛ منها الثقافة الرافدينية. أشعر بالفخر والاعتزاز وأنا أشاهد أعمالي تصل إلى مناطق عربية وعالمية، بمعنى أننا استطعنا، ولو في جزء معين، إيصال رسالتنا الفنية إلى الآخرين، بعدما كنا فقط نتلقى رسائلهم.