مؤيد نعمه قراءة في خطوطه النبيلة المشاكسة

.

المقاله تحت باب  محور النقد
في 
07/06/2007 06:00 AM
GMT



مؤيد نعمه قراءة في خطوطه النبيلة المشاكسة د. فائز يعقوب الحمداني شكل صراع الخط واللون في اللوحة علامة بارزة في تاريخ الفن التشكيلي ولعل من ابرز محطات هذا الصراع تبني اسلوب الكلاسية الجديدة للخط وجعل هذا التبني من اساسيات صرامة العمل الفني وربط هذا التبني بنبل الموضوع ، هذه الثوابت لم تحد عنها الاكاديمية الفرنسية للفنون التي التزمت بخط الثورة الفرنسية والتي شكلت اعمال جاك لويس دافيد وانغريس مثالا ناصعا لها.
 
 
 
 لم يات هذا التبني الا رد فعل للميوعة اللونية -ان صح التعبير- التي تميز بها فن الركوكو والذي نظرت اليه الثورة الفرنسية مثالا لميوعة طبقة النبلاء التي لعبت دورا سيئا ابان الحكم الملكي في فرنسا ان ذاك.
هذه النظرة الصارمة التي شاكستها الرومانسية فبدات اللوحة تتخذ طريقها شيئا فشيئا الى ترك صرامة دور الخط والانطلاق في فضاء اللون. وهنا ياتي السؤال، اهناك علاقة بين ايمان البعض بالخط بوصفه مقترنا بالنبل الفني وبين تبني الفنان مؤيد نعمة للخط في ادائه الفني هذا التيني الذي ظل سمة بارزة في ادائه الفني حتى في قصص الاطفال التي كان يرسمها في مجلتي والمزمار؟ طالما شكل الخط منطقة اشتغال واعية لديه وكان يمثل لديه اداة الحركة والانفعال وبتكثيف عال.
 
هل يعود ذلك الى ان رسامي قصص الاطفال وعلى نفس الدرجة الكاريكاتير معنيون بالاداء التشخيصي للوحة وبالتالي يصبح الخط اداة الابداع الاساسية لديهم ؟
 ام ان للمسالة بعدا اخر ؟
 
ان خطوط مؤيد نعمه تلعب دورا اكبر من كونها حدودا للشخوص فهي تمارس ادوارا اخرى فبالاضافة لكونها تمنح الشخصية بعدا حادا يتناغم مع حدة المعنى التي تريد ايصاله، وهو من مميزات فن الكاريكاتير، فان مؤيد يجعل الخط مهيمنا على مناخاته وفضاءاته اي انه يحرك فضاء اللوحة ويوجه ادراك المتلقي من خلال خطوط مائلة تكرس الفعل الذي تقوم به الشخصية المرسومة وبشكل يستفز وعيه ايجابيا، و بما يجعله اكثر تفاعلا وهو يعمد الى ان يؤدي الخط دوره حتى في المساحات التي يتوقع المتلقي خلوه منها اذ ان مؤيد نعمة يعمد الى رسم خطوطه لتغطي ملامح الوجه ليخلق حالة من الحركة تشاكس الاستجابة العادية .
 
 ان الخط عند مؤيد نعمة ليس حدودا ولا اطرا بل هو صرخة قلم مستنفر وهذا ما يميز كاريكاتيراته وشخوصه . يمكن القول ان الخط لدى مؤيد نعمه كان اداة تثوير وتحد بكل محمولاته التكوينية والادائية ان مؤيد نعمة لا يترك حتى الفضاء سليما من خطوطه الخادشة باختصار ان مؤيد نعمة كان امام طريقين لتثوير وعي المتلقي امام اللوحة:
 الطريق الاول من خلال الاداء اللوني وهو طريق يمنح الفنان مساحة كبيرة للتحرك .
الطريقة الثانية هو الخط وهو مجال محدود لرسام الكاريكاتير وكما هو معروف فان رسام الكاريكاتير يعتمد بالدرجة الاولى على المفارقة المقترنة بالاداء الفني الموازي اما بالنسبة لمؤيد نعمة فان صرخته لم تكن لتكتفي بذلك فاخرج خطوطه عن مجال ادائها وارسلها صرخات حادة في الوجوه والفضاءات ليشحن اللوحة الكاريكاتيرية بطاقة نافرة. جدير بالذكر ان لدى مؤيد نعمة وهو رسام كاريكاتير من طراز رفيع طاقة اختزال بارعة تكفي وحدها لتميزه ولكن حسه النبيل كان اكثر تمردا.

 ولكن كيف تعامل مؤيد نعمة مع اللون؟
ان مؤيد نعمه وان كان لايسمح لالوانه ان تتجاوز حدود خطوطه فانه يمنح الوانه حساسيته المرهفة ذاتها الى درجة انه لا يشعر المتلقي امام لوحاته بالتنوع المثير للمساحات اللونية الصغيرة لانه يمارس على المتلقي هيمنة تمكنه الادائي التي تجعل عين المتابع تتنقل بين مساحات الوجوه بدون تعثر وكان لوحاته الملونة بالنسبة له مساحة استجمام لمحارب داب على مداهمة الوعي الخامل بخطوطه الصارخة، هذه الخطوط التي جعلت من اعمال مؤيد نعمه الكاريكاتيرية الغاية التي طمحت لها الكلاسية الجديدة حين كرست الخط في سبيل بحثها عن الفن النبيل، ولكن بطريقته هو.