زينة المظفر صاحبة الطائر المتمرد .. وارثة جينات الفن من أرض الحضارات الحب إلهامي والرومانسية عطر لوحاتي
زينة .. ألوان حارة وطائر متمرد
ألواني حارة تشتعل على سطح اللوحة العراق ليس ألم فقط .. بل طبيعة.. حنين.. طفولة.. سلام .. حضارة.. عشق.. أمل .. وفراق غرست أحد أعمالي في أوتاوا .. أعيش تجربة متميزة مع ( سيدات الفصول )
فنها أبلغ من الكلمات التي نطقتها.. ريشتها أصدق في التعبير عن ما في داخلها، بدأ فنها منذ إدراكها للموجودات من حولها، وتؤكد ذلك بقولها إن فني بدأ قبل نطقي للكلمات لأنه وسيلتي الأولى للتعبير عن ما في دواخلي وهو أبلغ من كلامي .. ترى أن الفن سمة من سمات الإنسان العراقي الذي ورث خصلاته وإستمد وجودها من وجود حضارات وادي الرافدين الذين زرعوا جينات الفن بداخل الوجدان العراقي.
نار من الداخل
الغروب بالنسبة لها يمثل أكثر لحظات الزمن رومانسية بلحظة التقاء الشمس مع السماء والأرض بعلاقة وجدانية .. الحب تفسره بعشقها للطبيعة.. والناس.. والسماء و الطيور.. لكل الموجودات وغير الموجودات. .. مدارسها تبدأ من الواقعية ومرورا بالانطباعية والتعبيرية .. في حين بدأت مشاركاتها من العراق مرورا بدول عديدة حتى وصولها لكندا .. جوائزها عديدة بدأ ت بمعرضها الشخصي عام 1999 على أروقة مركز الفنون في بغداد .. ثم نشاطاتها في عمان و الآن في كندا التي تمثلت بمعارض فنية ومشاركات بمعارض جماعية وعمل جداريات.
عطر الارض
إنها زينة المظفر.. فنانة نشأت في بيت يحمل من الإبداع أوجه عديدة.. والدتها كانت مدرسة للغة العربية.. و مبدعة في مجال الشعر والرسم.. أما والدها فكان مبدعا ومتذوقا للفن .. حيث كان يقوم بأرشفة أعمال ابنة ذات الثمان سنوات .. كما أنه نال في حينها 5 براعات إختراع في مجال الطرق والجسور ...
الفن والتكوين الإنساني
* إستهلينا الحديث مع زينة المظفر بسؤال .. متى بدأت أولى المحاولات للرسم فقالت: سؤال لطالما راودني .. فلم أعرف له إجابة فالفن بدأ معي منذ تكويني الإنساني .. بدأ مع حواسي وإدراكي للموجودات.. حتى أنني أعتقد أنه بدأ قبل نطقي للكلمات لأنه وسيلتي الأولى للتعبير عن دواخلي وهو أبلغ من كلامي.
احتفالية الشهيد 1999
الاب.. وإكتشاف الموهبة *مشرقيات: متى إكتشفت الموهبة الرائعة التي تملكينها أو من إكتشفها و في أي مرحلة عمرية؟
-الاب..كان له الدور الاساسي في إكتشافي لموهبتي وذاتي وبنائي كفنانة من صغري .. كان يرعى موهبتي مدركا أهميتها أكثر مني في ذلك الوقت.. و يقوم بأرشفة أعمالي منذ صغري حوالي 8 سنوات ويدون تواريخها ويناقشني بها ليعرف أفكاري التي لطالما كنت أفرح لدهشته وإعجابه بما أنجز إن كان أمامي أوأمام الناس، فخره بي كان له واقع كبير على استمراري وثقتي بفني .. واستمر تشجيعه لي إلى أن أكملت الدراسة المتوسطة وكنت حينها لم أتجاوز 16 عاما وإصطحبني بنفسه للتقديم إلى معهد الفنون الجميلة .. حيث كانت أول خطوة فعلية في رحلة الفن التي بدأتها، ومن ثم الأكاديمية فقد درست الفن 9 سنوات.. وإذا أردت الكلام عن أبي ودعمه لي ولفني فلا تكفيني صفحات كتاب لأفي بحقه.
عروس الليل
جينات الفن
* مشرقيات: هل الموهبة ممكن توارثها ؟هل أنت مع فكرة أن الفن هو الشي الوحيد الذي لا يورث؟ -تقول زينة: الفن ..هو ..ملكة..إستعداد..مهارة أكيد أن الوراثة تلعب دورا فاعلا في هذا المجال .. فجينات الفن هي كالفايروس المعدي يتنقل عبر خلايا الإنسان.. الدليل الراسخ والموثوق لهذا إستمراية حضارة وادي الرافدين أولى الحضارات الإنسانية وأرقاها وتجددها بين طيات التاريخ في فنانينا ومفكرينا لحد يومنا هذا ومازال الفن التشكيلي العراقي يتصدر المقدمة في مجال الفنون وخاصة بالشرق الأوسط وبدأ يأخذ حيزه الحقيقي بين دول العالم أيضا وما هذا إلا رؤية عامة لإستمرارية توارث الأجيال لجينات الفن ..أما بصفة شخصية.. نشأت في بيت يحمل من الإبداع أوجه عديدة .. والدتي كانت مدرسة لغة عربية.. مبدعة بالشعر والرسم أيضا .. لكنها إكتفت أن يكون الفن هواية لها لا حرفة وهذا أيضا أخذته عن أسرتها المثقفة والفنية والتي تضم شخصيات فنية وفكرية معروفة.
بجانب تصميمها في أوتاوا
أما والدي .. فهو مبدع بالفطرة ومتذوق للفن .. فقد شغل مناصب مهمة في الدولة وفقا لكونه ضابط بالشرطة.. فقد برز بمواهب فنية وإبتكارات عديدة حين إختير ليكون مديرا لمعمل علامات المرور أكبر معمل في الشرق الأوسط والذي تأسس في عهده .. نال في فترة خدمتة 5 براءات إختراع في مجال الطرق والجسور ... وما الحظه اليوم إستمراية تلك الموهبة المتوارثة في ابنائنا ..الجيل القادم. * ما الأسلوب والفكر الذي تنطلقين منه؟ -لم أكن متعمدة بإختيار منهجي الفني والايدلوجية الفكرية التي رسمت ملامح أعمالي .. بل سرت على ما توجهني به عاطفتي طبعا بمحاذاة بناء أسسي الفكرية وإطلاعاتي الفلسفية حول الفن والإنسانية .. مما جعلني أمر بمدارس الفن بدءا من الواقعية ومرورا بالإنطباعية والتعبيرية التي أجدها قريبة لنفسي جدا فهي تشبه عاطفتي اللونية فهي ثورة أحادية على الكانفاس وإشتعال لون لحظوي، أما الانطباعية لدي هي تحاول وتلاعب بمفردات اللون وتحريره من سطحيته وجعله ينطق ويحدث بقصصه على سطح اللوحة وإتخذت من الطبيعة حجتي للدخول في جوهر اللون واستنباط طاقته التعبيرية، وبالنهاية لا يمكنني أن أحجز أسلوبي وفني في زاوية واحدة فما بداخلي هو طائر متمرد على القوانين المنهجية بالفن .. وأنتقل بحرية وتلقائية من أسلوب إلى آخر حسب ما يسحبني طائري.
رقصة الخوف
الحب و مشاعر الفرحة والألم
* لكل فنان وحي أو إلهام يفجر ما في داخله من طاقات فنية ما هو أو من هو الهامك الذي يوقض ما في داخلك؟ -الهامي..الحب الذي هو..عشق الطبيعة..الناس..السماء الطيور..كل الموجودات وغير الموجودات .. فالحب.. يوقظ عندي مشاعر الفرحة والألم معا..الخوف والجرأة..الرهبة والسكون هناك لحظة مبهمة لدي ..أتجرد فيها من كل ما حولي وأتوحد فقط مع ذاتية ذاتي..أنتخم من مشاعري ويحين الوقت لصبها في اللون الذي هو لغتي ..هذه أكثر اللحظات تقديسا بالنسبة لي..فلرهبتها أشعر أني واقفة على الهواء وأرسم.. وأكثر لحظة أكون فيها متعبدة تنحني أمام قوة الخلق التي تلهمني هذا الإحساس الالهامي.
* هل الرومانسية تجسد ألوانك التي تستخدمينها لرسم لوحاتك؟ -تقول زينة المظفر : الرومانسية .. هي عطر لوحاتي بالرغم من أنني لا أرسم الرومانسية المباشرة بالشكل التقليدي المتعارف عليه..إنني أرسم رومانسية الأشياء..كمداعبتي عصفور على كتف امرأة بيضاء البشرة أو جذع شجرة منسيا أصحي به مشاعر جديدة..أو رومانسية الخوف والوحدة فأجد لها جمالا غير مألوف..أي أنني أرسم المشاعر وأحولها شكلا ولونا.
الرواد ومدن الخيال
* ما هي أقرب تجربة فنية إلى قلبك و لماذا؟ -هناك الكثير من الفنانين ممن يستحق الإنحناء أمام إنجازاته إن كانوا سطروا على صفحات التاريخ أو ما زالوا أحياء ومنهم من أخذ حقه بشهرته ومن كان منسيا.. وكثيرة هي التجارب التي أثرت بي واستوطنت مدن خيالي الفني من فناني العراق .. الرائع فائق حسن والمبدع جواد سليم ومن فناني العالم .. فان كوخ و سيزان و ماتيس وخوان ميرو وجاكسن بولوك وغيرهم من رواد الفن في كل أنحاء العالم. أعجبت جدا بأعمال الفنان المجنون الحالم فان كوخ حين تفاجأت أول مرة أرى عملا له في مصدر ومدى قربه لإحساسي باللون، تأثرت كثيرا وأحسست إني توحدت مع روحيته بالفن إلى حد ما إلا أنني مهما أعجب باسلوب فنان ويشدني أسلوبه انحرف بالسير بعيدا عن مساره متعمدة لحرصي بعدم تشابهي ونسخي لغيري ولأنني أريد إثبات بصمتي كما فعل من هم قبلي .. فالفنان كالمخترع يجب عليه أن يبتكر أساليب جديدة يغني بها الفن ومسيرته الفنية مستفيدا من تجارب غيره بتحفيزه للنهوض بالتفرد والإبداع.
* ثم كان الحديث عن المعارض العراقية والعالمية فقلنا لها ماهو دور زينة المظفر في معارض العراق؟
-لي مشاركات عديدة داخل بلدي الحبيب وقد ودعته بمعرض شخصي عام 1999 على أروقة مركز الفنون في بغداد .. ولي نشاطات خارج العراق مثل عمان وكندا .. تتمثل بمعارض فنية ومشاركات بمعارض جماعية وعمل جداريات. . * هل أنت فنانة تراجيدية أم التفاؤلية هي أساس لإختيار أفكارك وألوانك؟ -التراجيديا ..ولع الشرقيين..لكني لم أركز على الألم كثيرا ولم ابالغ ايضا بالتفاؤل..أحاول فقط أن أنقل لحظة من الصدق حين تخرج مني مخترقة عالم البشر.. رسمت الألم وجسدته والبكاء والموت وما بعد الموت وصورت لحظات السعادة والحلم والدفء والحنين لبلدي والأمل كلهم تناولتهم بجمالية لأن كل المشاعر جميلة عندي لأنها إنسانية ، مواجهتي للوحتي تجعلني شفافة لدرجة يظهر كل ما في خلجاني من مشاعر بوضوح.
الغروب لحظة لونية * الغروب للعديد من الناس رمز التفاؤل وللبعض الآخر رمز للحزن ماذا يرمز لك هذا الوقت؟كيف تجسدين ذلك في لوحاتك؟ ، تجيب السيدة زينة : -تجيب السيدة زينة :الغروب إنه لحظة لونية..لا دخل لها بالتفاؤل أو التشاؤم ..إ نها أكثر لحظات الزمن رومانسية تعيشها الشمس مع السماء والأرض بعلاقة وجدانية أسطورية نراها كل غروب.
* ماهي أبرز ألوانك التي تستعملينها؟ -كوني إنسجمت مع المدرسة التعبيرية ..والفلك يقول إن برجي ناري ..ولأني آتية من تربة حارة قريبة من الشمس .. كل هذا جعل الواني حارة أي من الأصفر ومشتقاته إلى الأحمر ..إلا أنني أرسم بكل الألوان حتى الباردة مثل الأزرق والأخضر ولكن يكون عبارة عن إشتعال على سطح اللوحة لتأثير الألوان الحارة عليه وتلاعب الظل والضوء الذي يحرك اللون ويضيف له دفئا وجاذبية في العمل. * الإلهام لبعض الفنانين يأتي من لحظة جنون أو غضب أو أحيانا النقيض كلحظة نشوى ؟الهامك في أي من هذه الحالات؟ -الإلهام عملية فجائية تخترقنا من الداخل..تأتي بدون موعد أو إنذار مسبق الإلهام ..غير قابل للتفسير..فهو يشبه إلى حد ما خواص الهواء عديم اللون والطعم والكتلة لكنه ذو رائحة تغطي أرواحنا.. وذو كثافة تحملنا مع الغيوم..
العراق .. طبيعة مشرقة
* كيف وصفت العراق في جميع مراحله التي مر بها في الوانك و لوحاتك ؟ و ما أبرز لوحاتك التي جسدت بها العراق؟ -تقول:العراق تناولته بكل ظروفه..فالعراق ليس فقط ألم ..العراق طبيعة..حنين..طفولة..سلام..حضارة..عشق..أمل..أزقة..مراسيم..فراق..حمام مثلما رسمت طبيعته وجماله رسمت بكاءه ومناجاته ولي عمل قديم أسميته احتفالية الشهيد سنة 1999 يصور بكاء بلدي وحزنه وكل لوحة طبيعة مشرقة هي بلدي.
* ثم كان السؤال، الطفل و المرأة في العراق عانيا وقاسيا كثيرا كيف جسدت ذلك في فنك و كيف وصفتهما؟ - تقول : المرأة تلعب دور البطولة بمشاهد أعمالي الفنية فهي العنصر الأساسي والوسيط بين مشاعري وبين المتلقي.. و التي تحكي قصصي الأسطورية وتسرد كل أوجاعي وأفراحي.. أما الطفل فهو يعامل باسلوب رمزي أحيانا فيكون طيرا أو أوراق أشجار أو لونا لأن الإنسان يبدأ عصفورا صغيرا وما أن يبلغ حتى يتحول إلى بشر.
تصميم في شوارع أوتاوا
*ما هي الجوائز التي حصلت عليها زينة المظفر دولية كانت أم محلية؟ - تقول: إنجاز عمل فني مهم بكل مقاييسه الفنية والإبداعية وترسيخ إسمي في الوسط الفني والثقافي هو الجائزة بالنسبة لي ..الحمد لله فلي قاعدة فنية رصينة بين أقراني من الفنانين والنقاد وهذا لي أثمن جائزة، وقد حصدت جائزة كندية عام 2009..حيث أختير تصميم لي ونفذ بالمعدن وغرس في شوارع أوتاوا العاصمة السياسية لكندا وإني أعتبره توقيع من بلدي العراق على أرض كندا وأفخر به جدا.
سيدات الفصول
* ما جديدك الآن وما هي مشاريعك المستقبلية؟
-أعيش الآن تجربة فنية مميزة بالنسبة لي .. مع فصول أكثر شاعرية وفاتنات تحركن هذه الفصول بسحرية ونرجسية ..رؤية بها من الشفافية والوجدانية وما تحمله عاطفة كل موسم ..آلهة تحرك الطبيعة بين ثنايا شعرها وموسيقى أصابعها وخصوبتها، أسميت تجربتي ..سيدات الفصول. وأتهيأ لطرحهن بمعرض شخصي،إضافة إلى نشاطات فنية أخرى في صيف كندا 2010.
* كيف تصفين الغربة ؟ الغربة ليست أرضا وجدران ..هي شعور بالعزلة .. وهذ الشعور يراودني مذ كنت بوطني.. يقترب مني وطني حين تحضنني إبنتي.. يقترب مني وطني حين أشم رائحة البحر فيأتي منه عطر دجلة والفرات فالبحار تختلط مع بعضها. |