|
|
الاحتفاء بالفنان محمود صبري |
|
|
|
|
تاريخ النشر
12/11/2007 06:00 AM
|
|
|
لبلوغه الثمانين من العمر ،احتفى العديد من الفنانين والنقاد والتجمعات الفنية والثقافية العراقية في الخارج بالفنان الرائد " محمود صبري " . وكانت مناسبة لائقة بحق لاستذكار دوره كفنان رائد ومنظّر فن ‘ وهما المهمتان اللتان جعلتا منه يحتفظ بأهمية راسخة في الريادة الفنية في العراق، الى جانب الفنانين فائق حسن وجواد سليم وشاكر حسن آل سعيد. هؤلاء الذين منحوا الفن التشكيلي العراقي هوية قائمة على الاحترافية والتجديد ، وتجاوزوا به صفة الهواية والحضور المحدود الذي طبعه قبل خمسينيات القرن المنصرم . تتأكد مكانة الفنان الرائد " محمود صبري " ، بدءا بتلك الأعمال واللوحات التي اتخذت الموضوعة الاجتماعية والسياسية وفعل الالتزام في الفن منحى لها ،فكانت لوحات " الشهيد 1950 " ، ثورة الجزائر 1956" ، إحدى أهم الأعمال التي وثّقت هكذا اتجاه في الفن العراقي .
وتاليا في اكتشافه نظرية " واقعية الكم " التي عّرف بها في معرضه الشخصي الأول في "براغ عام 1971 " ، وهي المدينة التي أقام فيها منذ عام 1963. لقد وصّف الفنان هذه النظرية بكونها تدعو لفن جديد في عصر جديد . وكانت حقا تصورا غير مسبوق في مجال النظرية الفنية ، بتأكيدها على إمكانية ان يستلهم الفن طروحات العلم وكشوفاته المختبرية . تقوم نظرية " واقعية الكم " على مبدأ علمي جاءت به الفيزياء الحديثة في بدايات القرن الماضي ، من ان العالم ليس كيانا ثابتا وموجودات ساكنة بل وجود في حالة تحّول وصيرورة ، بأثر اكتشاف العلاقة بين الكتلة والطاقة داخل المادة وتحولاتها في الطبيعة . بواقع هكذا معرفة ، يبرّر الفنان رؤيته تجاه الأساليب الطليعية في الفن وخاصة ما جاءت به التجريدية والاتجاهات اللا شكلية ، من إنها وصلت الى طريق مسدود، ولم تعد قادرة على التعبير عن روح العصر الذي أصبح العلم والتقانة فيه هما المهيمنتان. من هنا كان يرغب بوضع أشبه ما تكون بأبجدية في الرسم ، تتخذ من الأطوال الموجية الكائنة في العناصر الذرية مفردات لونية وموضوعات لها. لاشك في ان هكذا نظرية قد تعرّضت الى سوء فهم وسجال ، بأسباب مقولة تتبنى التعارض الكائن بين مجال العلم والفن، خاصة ان الأخير تجربة تعتمد الخبرة الذاتية بمكوناتها الانفعالية والتعبيرية وصفة الفرادة فيها ،بعكس العلم القائم على الخبرة الموضوعية والملاحظة المختبرية للتجربة وصدقية مقدماتها . ولكن نجد ان مثل هكذا قراءة ، اعتمدت اختزال النظرية الى مفارقة اعتمدت على أفكار مسبقة لطبيعة العلم والفن على حد سواء وهي ما أستبعد تميزها الفكري ، وحيّدت صيغة الحوار وجدليته عنها لجهة عادات فكرية وتصورات تقليدية . ان نظرية " واقعية الكم " في حاجة حقا لقراءة جديدة ، وإعادة معرفة ثانية بها ، ليس بذريعة استذكارنا التاريخي عنها ، ولكن لتفحص جدليتها التي اثبت العصر صوابيتها . وذلك حينما بدأ الفن بالفعل بالاستفادة مما توصلت له الكشوفات العلمية والتقنية ، كما في تجارب الفن المعاصر والعديد من اتجاهاته المتقدمة ، وهي المهيمنة الان في الفن العالمي . عدا تصوراتها السديدة بالنظر الى الفن بوصفه معرفة وليس الاكتفاء بمعاينته من خلال الذائقة. .. من هنا تكمن إحدى امتيازات الفن العراقي ، بتقديمه منظّراً فذاً بمستوى الفنان الرائد " محمود صبري " ونظريته المتألقة التي أطلق عليها تسمية" واقعية الكم".
عن جريدة المدى |
|
رجوع
|
|
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| |
|
|
|
|
|