اتجه مصمموا الازياء منذ مدة ليست بالقصيرة، الى استخدام موديلات (اجساد نسائية) مبالغ في رشاقتها ، الى درجة ان اجسادهن لا تكاد تبدي من مظاهر الانوثة الجسدية شيئا ، يقابل هذا الافراط في اظهار اكثر ما يمكن من ملامح هذه الاجساد ، ليس هذا فحسب بل ان الحرفية التي يجب ان يظهر فيها الموديل مع غياب التعابير على الوجه ترسخ نوعا من الحضور مكرس لخدمة الزي المصمم هل يعكس ذلك تغييرا في المقاييس الجمالية التي يتعامل معها المصمموم تجاه الجسد الانثوي؟ واذا كان الامر كذلك فكيف يمكن ان نعزل مفهوم الجمال الانثوي عما يميز هذا الجسد؟ وان كان هذا الجسد هو المتن الي يتعامل معه اساسا ، اذ ان المصمم معني اولا بالمادة التي تكسو الجسد وبتعبر اكثر دقة بالمادة التي تنسجم مع ما يظهره الزي من سسطحه، وعليه اصبح الجسد هامشا وليس متنا ، وان كان المصمم احيانا يمارس تحاذقا على المتلي رجلا كان ام امراة من خلال مداعبة المتن الغرزي للطرفي نولكنه هنا يكتفي بالمداعبة لا اكثر فما يريده هو تلك القماشة التي تتحاور مع حركة الجسد ولونه، بوصفه كائنا متحركا له زوائئد غرائزية ينبغي تشديبها لكي لا تطغى على المتن
قد تمثل هذه النظرة انقلابا على تصور ساد لقرون عن ااجسد المكتنزة وما تلعبه الازياء من دور في اظهار مفاتنها بحيث يلعب الزي دور الهامش بوصفه دالا على الجسد. وربما يعد دالك الى ان نظرة المصمم للجسد لم تعد تمثل شاغلا غريزيا بالنسبة للمصمم الغربي ولا يقع في منطقة المحرمات فهو كيان له وظيفة محددة يجب ان لا تطغى باي حال من الاحوال على منطقة اشتغاله الاساسةي وهي : كيفية تجميل الكائن البشري بوصفه جزءا من سياق الحياة المعاصرة ، يمل زيه متنا منسجما مع ايقاع الحياة
قد يلتحفظ البعض على مقولة الجسد بوصفه هامشا مقابل الزي بوصفه متنا ، خصوصا مع البذخ الذي كانت تحاول فيه التصاميم ان تظهر الجسد متوافقا مع النظرة الجمالية السائدة ( الخصر الضامر والورك المتضخم والصدر البارز). وهنا لابد من الاشارة الى ان طريقة النظر الى الانوثة في الوقت الحاضر تواجه تحولا سيميائيا ((semiotic change فلم تعد الملامح الانثوية في الجسد تقف في الواجهة عند النظر الى معاني الانوثة.
ان الانوثة المعاصرة هي نمط سلوكي اكثر منه علامات جسدية ، ومن علامات هذا التحول السيميائي عدم اشتراط ان يكون شعر المراة طويلا او مسترسلا بوصفه معيارا جماليا معاصرا ، قد يكون ذلك مرتنط بالواقع العملي او المهني الذي اصبح جزءا من واقع المراة المعاصرة. لقد اصبحت الانوثة مرتبطة اكثر بالدلالات السيميائية المتمثلة بالايماءة المقتصدة والملامح الناعمة وابالطريقة الناعمة التي تتعامل فيها المراة مع وجودها الجسدي.
هل يعني ذلك ان المؤامرة على الجسد تسهم فيها المراة بشكل ما؟ لا يمكن ان نغالي ف هذا التصور ولكن يبقى ان نعي ان المصمم لا يمكن ان يتجاوز التغيير في الدلالات السيميائية المعاصرة التي كان لها الدور الابرز في هذه المؤامرة.
|