... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  محور النقد

   
النحات عامر خليل .. غزل تلاحقه المراثي

محمد كاظم جواد

تاريخ النشر       06/06/2008 06:00 AM


 يبني النحات منجزه الابداعي علي طبيعة المادة الخام التي يتعامل معها وفق اشتغالاته الفنية ،فالشكل الذي يشتغل عليه هو الذي يقوده الي بلورة هيكل العمل من خلال منظوره الحسي ،فيمنحنا القدرة علي خلق الترابط في الاتصال .
فالأحجام الصغيرة تقود الفنان الي تجسيد الأجزاء المفردة من الجسد ،فالنحت بشكل عام يتخذ غالبا من الشكل الاسطواني مادته الأساسية وذلك لسهولة الحصول عليها وتقع ضمن حدود جذوع الأشجار وأغصانها وبعض الأحجار الصغيرة ويكون النحت عليها ضمن حدود امكانياتها وكلما كبر حجم المادة اعطي للعمل الفني سمة الأبعاد الثلاثة.
ومادمنا نتحدث عن موضوعة تحديد اجزاء الجسد فان الرأس هو العنوان الذي يتجسد فيه روح العمل الفني باعتباره المركز الذي تتجمع فيه الحواس وبما ان الحواس هي بوابات العالم للمعرفة علي حد تعبير كارل ماركس فان النحات يستطيع أن يجسد شكل الوجه بتعابير مختلفة فيملي عليه أفكاره من خلال لغته التشكيلية وذلك بالحفر والتنقيب والتخلص من الأشكال الزائدة التي تحيط بالعمل ،وبالنسبة الي خشب الأشجار يتجسد هيكلتها احيانا باشكال متناثرة فتظهر بعض التداعيات الدائرية والاسطوانية وحتي الأشكال المزواة التي تكونها السيقان .ففي النحت الأفريقي يتعامل الفنان مع الأشجار بقدسية خاصة لأنها تمثل المأوي الحقيقي للروح..ينبغي أن تتمثل روح خفية أخري وراء اشتغال أي عمل يدخل فيه عنصر الخشب كمادة أساسية .

هكذا نري وجوه أعمال الفنان عامر خليل ،يغلفها الحزن والألم والانكسارتستطيل بأشكال متناغمة وتجتمع فيها الأضداد ..فرح يكسوه الحزن ..نشوة يغلفها الألم ..غزل تلاحقه المراثي ..عيون تتوجس خيفة تنظر الينا وهي مسبلة تبتعد وتغور الي المجهول ..ابتسامات فاترة علي شفاه ذابلة

لقد تعامل عامر خليل مع خامات مختلفة التي تدخل في مضمار اشتغالاته (العظم ،الخشب،البرونز،المرمر،الحصي)وكما ذكرنا ان التركيز علي مرونة المادة تعطي للفنان حرية في تقشيرها بسهولة من أجل الوصول الي مكامن الجمال المختبيء في داخلها

ان موضوعة الوجه قد تبدو واحدة لكن الفنان استطاع أن يقدم في كل وجه رؤيا خاصة وهنا تكمن القدرة الفنية علي تجاوز التكرار الذي يفقد بريق بقية الأعمال وبحركة واحدة ينقلك الي شيء تكتشف فيه انك تنظر الي عمل مغاير يتجاوز مايسبقه وعندما نتعمق في تأمل الوجوه يطالعنا قلق ينبع من العيون هذا القلق الذي جاء نتيجة اللااستقرار والتوجس .

واذا كانت الأشكال المستديرة تغري الفنان بالعزف علي مفاتن الجسد الانثوي نري ان عامر خليل يبتعد كثيرا عن هذه المنطقه لأسباب كثيرة لعل أولها صعوبة الحصول علي هذه الأشكال بمساحة يستطيع ان يشتغل علي سطحها بحرية هذه المساحة التي تفضي الي بلورة الحس الجمالي باتجاه الجسد الانثوي

لم يسلم المرمر هذا الحجر الباذخ والذي يوحي شكله الي الهدوء والترف من احزان عامر فسكب اساه علي سطحه الناعم فاخترقت الوجوه جماله الباذخ لتؤسس حزنا شفيفا غاير المألوف.

لقد تشظي وجه عامر خليل وتوزع في منحوتاته وأضاف(فرحا مطلقا رغم اعلانه الحداد علي ماتبقي) ومعذرة للشاعرين عبد الكريم كاصد وعبد الرزاق الربيعي لكلماتهم التي تماهت في هذه العبارة.





رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  محمد كاظم جواد


 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM