... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  محور النقد

   
المرتكزات الأساسيّة لنحت الجسد

محسن علي حسين

تاريخ النشر       22/06/2008 06:00 AM


شغل الجسد البشري فكر النحاتين منذ القدم وأنتجوا أعمالاً نحتية بكيفيات ووضعيات مختلفة تباينت بين واحدة وأخرى تبعا للوعي الفكري الذي يتحلى به ذلك النحات عن سواه ونظرته تجاه الجسد البشري مرتكزا على بعض العناصر الأساسية التي تؤثر على الصورة النهائية للجسد وظهوره بكيفية نحتية تتلاءم مع المعطى الدلالي لذلك الأثر المنحوت، ومن تلك العناصر الأساسية:

حركيّــة الجـسد

للجسد المتحرك في النحت طابع تعبيري متميز عما يخالفه في ذلك وهذا مما لاشك فيه نابع من البعد الدرامي للحدث الذي يجسده الجسد المنحوت , تلك الحركة التي يبثها النحات في ثنايا عمله من خلال عناصره التكوينية وهي العماد الأول لنشوء التكوين النحتي وهي التي تبث في ذلك الجسد خفايا وأسرار تعابيره الظاهرية وباختلاف اتجاه ونوع الحركة وشدتها تختلف الطبيعة التكوينية لتلك العناصر مما يجعل تباينها ملازما لتباين وضعيات وحركات الجسد ولا يقف عند هذا الحد بل يتعداه نحو إيصال المعطى الفكري المبتغى من العمل النحتي واكتمال دائرة الاتصال باتجاه المتلقي .

وتأخذ حركة الجسد في العمل النحتي دورها من خلال نوعية المفاصل واختلاف طبيعتها الاتجاهية ودورا نيتها التي تعد نقطة الوصل بين العظام وما يتصل بها من اثر الشد العضلي وحتى الاسترخاء وما لكل منها من دلالة تبث تعبيريتها نحو سطح العمل المنحوت .إن مما يمنح حركية الجسد البشري تميزها في الشكل المنحوت هو تحليها بخاصية التوازن تلك الخاصية التي تبرز إلى حيز الوجود من خلال معادلة الحركة والثبات.

وفي ضوء الأوضاع الحركية للجسد بكل أجزاءه التي تمثل القنوات الشكلية في حركتها أو ثباتها تنتج الفعل الظاهري الذي ينم عن دلالات تعبيرية تتيح الصورة البصرية للمتلقي المشبعة بالبعد الرمزي للجسد لاسيما وأن ذلك البعد يرتكز بشكل أساس على ما يتميز به الجسد البشري من وضعيات حركية . وهكذا ينوء الجسد البشري بدلالاته التعبيرية التي لاحصر لها تلك التي جعلته الهاجس الأول للنحاتين شكلاً ومضموناً .

أسلوب التكوين الجسدي

إن تعدد الأساليب الفنية وتباينها منح الجسد تباينات متعددة بالاعتماد على الأسلوب المتبع في تصوير ذلك الجسد على المدى البعيد عبر المسيرة التاريخية لفن النحت يأتي هذا الاختلاف والتباين متلاحم مع المضمون الفكري الذي يحاول النحات إبرازه من خلال عمله المنحوت لذا كان الجسد في فن النحت متنقلا بين الأساليب النحتية والمميزات والصياغات التي يضيفها النحات على الجسد المنحوت وهذا يعتمد على العناصر التكوينية لكل أسلوب وما تبثه من تعابيرٍ فنية من خلال الجسد الذي ينوء بدلالاته الظاهرية المتعددة فالخط والملمس والظل والضوء والفراغات والكتل وتنوعاتها تتباين أشكالها وكيفيات تصويرها بتغيير الأسلوب ويعطى الجسد الكيفية الدلالية المتباينة مع غيرها بتغيير الأسلوب وعناصر التكوين, فالملمس الخشن في الأسلوب التعبيري يعطي الجسد تلك الدلالة التعبيرية المختلفة فيما لو كان صقيلا" على سبيل المثال في ذات الأسلوب.وكذلك الحال بالنسبة إلى طبيعة السطوح والخطوط وغيرها من العناصر الأخرى ولكل استخداماته وتعبيراته التي تعتمد على الكيفية الصياغية التي ينالها الجسد المنحوت.

وللأسلوب الفني دوره في الجانب الجمالي الذي يتحلى به الجسد المنحوت , فهذا الأسلوب الكلاسيكي يرتكز على إعطاء الجسد البشري المنحوت أعلى درجات الكمال بإتباع قواعد النسب وما إلى ذلك من صفات أخرى في حين ينطلق الأسلوب التعبيري نحو التركيز على إبراز العواطف الداخلية وخلجات الأفئدة العميقة من على الملامح الجسدية التي تنعكس على جمالية العمل بأكمله . وفي الأسلوب السريالي نجد الجسد البشري قد أوعز له في تكوين ينطلق به النحات نحو الجانب الجمالي الخيالي من خلال التلاعب في أجزائه التكوينية وربطها بخيال ما وراء الواقع والتي بدورها تشكل الجسد الخيالي إن صح القول. ذلك يمنح العمل النحتي دلالات وفقاً لتغير الدال بعد تغيير المدلول بمعنى آخر تغير الشكل وفقاً لتغير المضمون طبقاً لتغير أسلوب التنفيذ.

طبيعة الجسد البشري ذاته

إن للجسد البشري كيفيات ووضعيات ونسب وقياسات محددة تبعاً لطبيعة ذلك الجسد باختلاف عمره الزمني وكذلك باختلاف جنسه ذكراً أو أنثى,فنسب الجسم وطبيعة تكوينه الذي خلق عليه لها أشكالها التي إن ابتعد أو قصر عنها حال دون خروج ذلك الجسد البشري المنحوت عن الشكل المألوف للمتلقي .

ولابد للنحات إن يلاحظ تلك التقعرات والتحدبات التي يتجلى بها الجسد والعناية بها بشكل كبير ودراستها دراسة دقيقة قبل قيامه بنحت الجسد البشري.

إن الاهتمام بطبيعة الجسد البشري تتيح للنحات توليد العديد من الدلالات التعبيرية بعد إدخال الطابع الدلالي في ضوء التكوين النحتي للجسد تلك الدلالات التي تتفاعل مع بعضها البعض في ضوء المنظومة الدلالية العامة لذلك التكوين, ومن ثم توليد المعاني عند المتلقي . لهذا كان ولا يزال الجسد البشري بطبيعته المتباينة ومقدرته التعبيرية هو العنصر المميز لخلق الدلالات والمعاني وبثها من خلال العمل النحتي.





رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  محسن علي حسين


 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM