استضافت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في المجمع الثقافي بأبوظبي الممثل العراقي ''جواد الشكرجي'' في محاضرة عن ''تجربته ورؤاه في المسرح العراقي''، بحضور عدد من الفنانين والشعراء والمهتمين بالفن المسرحي.
استهل الشكرجي محاضرته باستذكار زيارته للمجمع الثقافي إبان عام 2001 حيث عرض مسرحية ''الجنة تفتح أبوابها متأخراً'' من تأليف فلاح شاكر واخراج محسن العلي وقال '' يسعدني أن أكون في المجمع الثقافي الذي اعتبره صرحاً إبداعياً مهماً يطل على ثقافات العالم العربي المتنوعة''.
واستعرض جزءاً من حياته الشخصية في إحياء بغداد حيث ولد عام 1951 وأوضح ان ما قاده الى التمثيل هو شغفه الأول في تأكيد الذات المبدعة التي وجدت فيه، واشار الى ان المبدع والمثقف لابد له أن يمر بمراحل عديدة ولكن الأهم ان يلتفت الى الخلف ليقيم ويقوم أخطاءه وما أنجز من خطوات في تأسيس ذاته المبدعة حيث اعتبر مراقبة النفس ضرورة.
وعن أول عمل له على المسرح أشار الى مسرحية ''الغضب'' من اخراج اديب القليجي، وطرح الشكرجي مفهومه حول الموهبة الفردية وقال: ان الموهبة هي التي تتلمس طريقها بشكل عفوي وغريزي في أي مجال إبداعي بدون أن يتحكم العقل بها إلا اننا يجب أن نقرر ان هذه الموهبة لابد لها أن تلتقي بالعقل والمعرفة لتتعمق.
وروى الشكرجي ايامه في معهد الفنون الجميلة في بغداد ''73 حتى ''1978 وعن تحوله الى جندي بعث الى جبهات القتال وهو في أوج تألقه حيث كان الجنود هم الذين يلقنونه النصوص التي سيشارك بها في المسرح العراقي حين اسندت له أدواره في مسرحيات عراقية مهمة.
ومثل الشكرجي أعمالاً مهمة أشار لها باعتزاز وهي''ألف رحلة ورحلة'' و''لو'' و''حكايات العطش والأرض والإنسان'' وفي السينما العراقية مثل في ''العاشق'' من تأليف عبدالخالق الركابي و''الأيام الطويلة'' من تأليف عبدالأمير معلة وهو الفيلم الذي يروي جزءاً من حياة صدام حسين إبان مطلع الستينيات وقد اسندت له شخصية ''راضي مختار'' التي تمثل عبدالخالق السامرائي المسؤول الحزبي لمحمد الصقر الذي هو صدام حسين.
وقال ''من الغرابة انه حين اتصل بي المخرج المصري توفيق صالح علمت منه انه اختارني لهذا الدور ولكن الغرابة ان عبدالخالق السامرائي قد أعدمه صدام حسين قبل أشهر معدودات فدهشت كيف امثل شخصية أعدمها صدام حسين بنفسه فطمأنني توفيق صالح بأن صدام حسين هو ذاته من أوصى بأن تمثل كل الشخصيات التي مرت بحياته وحتى التي قتلها كون الفيلم واقعياً ولا مجال لتغيير الحقيقة''.
واشار الى أهمية مسرحية ''لو'' في مسيرته الإبداعية وهو النص المأخوذ عن مسرحية ''الألم'' لتيثمنوف ومن إعداد الفنانة والكاتبة عواطف نعيم.
وقال'' لقد فزت بهذه المسرحية كأفضل ممثل في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي عام ،1989 في كل ذلك كان الشكرجي يعرض تجربته لا بالأطر السياقية للعرض العام بل تجلت فيه روح الممثل الذي استحوذ على اهتمام الحضور وهو يقدم لهم التاريخ الشخصي والاجتماعي تمثيلاً. وأوضح ان شخصية ''حمادي'' الحوذي في مسرحية ''لو'' هي الأكثر قرباً اليه حيث تقمصها بكل كيانها مما اثار اعجاب ''مارتن اسلن'' أحد أهم المسرحيين في العالم والذي كان عضو لجنة التحكيم.
وعن مسلسل الرصافي الذي أدى دوره أكد ان ''قناة السورية قد شوهت هذه الشخصية بعد أن حذفت الكثير من المشاهد فيها'' اذ وصلت أعداد المشاهد إلى أكثر من 500 مشهد قرأ فيها أكثر من 400 بيت من شعر الرصافي الذي توفي عام .1945
قرأ جواد الشكرجي بعد هذه المسيرة الشخصية الطويلة ابياتاً من شعر الرصافي منها: وكم عند الحكومة من رجال / تراهم سادة وهم العبيد/ وليس الإنجليز بمنقذينا/ وان كتبت معهم عهود/ اما والله لو كنا قروداً/ لما رضيت قرابتنا القرود''، ثم قرأ ''أنا بالحكومة والسياسة أعرف/ ألام في تفنيدها وأعنف/ علم ودستور ومجلس أمة/ كل عن المعنى الصحيح محرف''.
ثم قرأ قصيدة ''غريب على الخليج'' لبدر شاكر السياب وقصيدة للشااعر موفق محمد، يرى الشكرجي ان الشعر سماويُّ والحوار أرضي وان الفن هو قوة وحنين وعقل وضمير لكي تكون له حرارة العاطفة والتأثير. |