... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  مقالات فنيه

   
ألوان طه الشاوي تمسك الغروب وتنهمر على السواقي

إحسان وفيق السامرائي

تاريخ النشر       27/12/2008 06:00 AM



ريشة أمينة لظلال المكان
 

في لوحاته نحس الغروب النازل وراء الحيطان الطينيه يلوّن اوراق التوت ويلقي ضوءا شاحبا علي السواقي وجذوع النخيل لحظتها ينتابنا شعور بالفرح والحزن بان قري " ابو الخصيب" ستاخذ غفوة سريعه فيعم الصمت الا من نبحة كلب عابر او رعشة سعفة حالمه.

ان الوان الفنان" طه الشاوي "توحي لنا دائما بتلك الواقعية الريفيه التي تشحب دائما وهي ترتل الوانا رائقه غشتها ظلال الشمس او غسلتها النجوم ..

هذا الاحساس صار اسلوبا تعبيريا لم يغادر الفنان منذ اربعة عقود فكان شغفه بالطبيعة العذراء والحنين للريف النقي قد اوجد تكوينات انطباعيه صبغت الوانه المائيه فطبيعه المرئيات اليوميه ، حقول النعناع والسوس وازهار النفاش وذيول الكلاب النائمه تلّون احمرار خمري غاصت به شقوق الحيطان الطينيه المتيبسه فتبدو الوجوه التعبيريه متلاشية دائما بلا تحديد والليل المقبل دائما بلا تمهيد .

وفي لوحاته كلها تملا الحجوم الفراغ الذي يحيط بالريف الحيطان المائله والظلال الخفيفه تسّقف البيوت الريفيه .. فضاءات نيليه القت إشعاعها علي الوجوه ألريفيه بما يخيل لنا بان الفنان" كونستابل" يعيد لنا" عربة التبن" والأشجار الكثيفه بغطاء واقعي مجرد،إلا أن لطخات طه الشاوي المائية قد فرضتها إيحاءات ليليه اختلطت احيانا بنوع من الشكلانيه التي تميز رسوم "كورو" الا ان الالوان المائية عنده اقدر في التغلغل " الفكر والنظر" وهو مل يعيد لنا رأي فورستر " ان سيمفونية بتهوفن الخامسه هي أسمي ضجيج تغلغل في اذان الناس .. الا ان لوحات" الشاوي " ظلت تمثل براءة الكاميرا الطبيعية في تمثيل الحقيقة لمن عاش دروب" حمدان ومهيجران وباب سليمان وكوت الزين" .. نسمع من وقعها حفيف الربح وهمسها تلاعب الاعشاش الظاهرة بين جذوع النخيل..
 

 

عاشق الريف

ان "الفنان طه الشاوي" ظل مثل اقرانه شعراء البصره "محمد علي اسماعيل وبدر شاكر السياب وسعدي يوسف وصالح فاضل" عاشقين للريف فكانت قصائدهم متممات روحيه غمرتها الاسطورة والبساطة فلم يمكنوا من التعبير الا عبر التراكمات التراثية ،لذا بقي الفنان لصيقا بالريف مثلما فعل الفنان "خالد الجادر" فمنحه نكهة فظل امينا علي المكان بما جعله والفنان" محمد عبد " يمثلان اعمق التزام بالبيئه الفولكلوريه وتراث البصرة الغارب ، حتي نحس بان التدرج باللون يقف بانصباب روحي لا شكلاني في تكرره وهو ما فرض عليه ان يميز المشهد واللحن الدائر حوله فالوانه طبيعية وبريئه تجعله احيانا يسلسل التدفق الشبيه بساقية تعرش حولها الازهار والحشائش .. فيحس ايا منا بان الفنان ينقل لنا رائحة الدخان والطلع .حتي ان لوحاته عن شط العرب تظهر اكثر انشدادا للامس حيث "الزيزافون والبرهام " قبل ان تمتد الحضار ة المصطنعه لاجتثاث ذلك الجمال الروحي المعبر.. !!

ان لوحتاه عن "كورنيش البصره "كانت اكثر تجديا وصقلا لروح الغائية في الماضي اما اللوحة الاخيره فكانت رمزا لميناء الكمارك والسفينه الهنديه "دارا" وهي تشق البحر إلي مؤاني العالم القديم وهذا الاحساس يكشف لنا بان المرحله التطوريه التي تابع فيها الوان الطبيعه قد اجازت له ان يبحث عن الوان اخري في المستنقعات والاهوار قبل ان تخربها الانانيه فاذا بلوحاته اضاءه صميميه لنظرة الاسف التي جعلت عشاق التراث يشعرون بالاسي لذلك الرحيل القاتل الا ان . اكواخ القصب والجواميس المجلله بالماء الاسود واسراب البجع الابيض غذت دلالات الامل في نفسه..
 
منحنيات وزخارف

لقد ورث الفنان عن ابيه "الخطاط ياسين الشاوي" حبه للخط العربي فشارك في معارض كثيره اثبت قدرته التصويريه الا انه مال إلي الرسم ليجعل من الخط منحنيات وزخارف محدده باطر هندسيه " اطواق واواوين "

ان تجليات" الفنان طه " في رسم الشواهد التراثيه بلون عصري واختياره للون جعله مؤرخا تسجيليا تمكن من الايحاء وخلق التجانس والايقاع في الصوره سواء في اختياره للقناطر الحجرية والجسور الخشبيه والاقواس والمنمنمات الاسلاميه والزخارف التشكيلسه وما بعثته الشناشيل من تظليلات وانعكاسات فهي دائما عائمة بالظلال والخطوطالا انه لم يهتم بزخارفها الدقيقه حتي لا تؤثر هلي الصورة او تقربها من الخط وهذا ما هيأ لها ان تكون عباءات شعريه تابي ان تغيب ' فتلاعبه بالالوان المائيه وابتعاده عن الرسوم الزيتيه لم تحدث جراء تشككه بالقدره علي التكوين وانما لتجسيد اللون الحقيقي بلا تزويق لان اللون المائي مثل اللقطه السينمائيه الطويله لاتقبل التوليف عندما نفترض في السينما الالتزام بالتاريخ لا اعادة تمثيله !!

فالالوان المائيه تبقي عنده تحمل نقاء الريف الحقيقي وصفاء الانسان الحقيقي الذي يرفض التكّور في شكل مغاير لفنه واسلوبه وهو ما دلل عليه في جميع معارضه الخاصه والمشتركه .





رجوع


100% 75% 50% 25% 0%


مقالات اخرى لــ  إحسان وفيق السامرائي


 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM