قال الفنان التشكيلي العراقي سلام عطا صبري، إن تركيزه على رسم الوجوه يأتي في إطار سعيه لجعل الوجه المحطة المثالية لتدوين المذكرات الشخصية لما نعيشه في بغداد مستلهما في ذلك الإرث الحضاري الرافديني، مبينا أنه ضحى بالغربة بكل مغرياتها ليفوز ببغداد.
وأضاف الفنان التشكيلي صبري لوكالة أن “استخدامي للوجه في عدد غير قليل من لوحاتي لكونه يمثل رسالة عبر الصمت والنظرة المترقبة، والشاهد أيضا على ما يدور من أحداث إذ استخدم على طول مسيرة الفن العراقي إلى يومنا هذا”، مشيرا إلى أن المتابع للحضارة السومرية “يحس بوجود العين والحاجب، واليوم أحاول أن أجعل الوجه المحطة المثالية لتدوين المذكرات الشخصية لما نعيشه في بغداد”.
وأفاد صبري “آثرت أن أضحي بمغريات الغربة على كثرتها واتخذت القرار الصعب وقتها لأربح بغداد فلحظة وصولي إليها شعرت أن الغربة التي كانت مرافقة لي قد حفزت منجزاً فنياً جديداً”، ويضيف قائلا: بمجرد أن دخلت هذه المدينة تغيرت الخامة التي استخدمها وهي السيراميك لسبب بسيط هو أن الكهرباء غير متوفرة، فلجأت إلى الورق واقلام بناتي نور وحنين الخشبية الملونة، فبدأت بتجسيد أفكاري ببساطة استرجع فيها كل ما في ذاكرتي من رموز لفنون العراق القديم والتراث الشعبي”. وأضح أنه وفي معرضه الأخير والأول للفن التشكيلي الذي نظمته مؤسسة اتجاهات على قاعتها مدارات قبل أيام “فرحت أيما فرح بوصول أفكاري من خلال الوجوه التي رسمتها”، مبينا “أننا عشنا أياماً صعبة لكوننا عراقيين في عامي 2005 و2006 وكانت هذه اللوحات التي عرضت في الاسبوع الماضي عبارة عن مذكرات لما مر عليّ كوني فناناً يعيش مع عائلته التي تشاركه في المعاناة وفي نقد اللوحات التي يرسمها لتكون المعاناة الحياتية مجسدة في أعمالي”. وبشأن تخصصه في مجال السيراميك وقلة عدد المعارض التشكيلية التي يشارك فيها، قال صبري “كنت أشعر بالخوف عندما أقدم نفسي في معرض شخصي للرسم برغم رصيدي الذي يبلغ ستة معارض شخصية للسيراميك ثلاثة منها في بغداد والثلاثة الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية خلال أيام دراستي في جامعة كاليفورنيا ثمانينيات القرن الماضي”، وتابع “كنت أرسم وأضع سكيجات تخطيطات غير أنه لم يكن هناك ما يثيرني بقدر ما أثارني موضوع العودة إلى بغداد من الخارج”.
وأردف أن المعرض “جسد مشاعري هذه على شكل مذكرات اسبوعية شخصية”، وزاد “ستجد في ظهر كل تخطيط بعض ما دونته بشأن الأحداث التي مررت بها”. وأعرب الفنان التشكيلي سلام عطا صبري عن أمله بأن “أجمع لوحاتي مستقبلاً بكراس صغير يذيل اللوحة بعبارات أو كلمات خطرت في بالي بلحظات صعبة”. وعن صعوبة قرار العودة إلى بغداد ذكر الفنان صبري أنه “بعد أكثر من تسع سنوات قضيتها في الأردن أسست خلالها قسما جديدا للسيراميك في جامعة آل البيت معهد العمارة والفنون الأسلامية، وكان عقد عملي وأقامتي مستمراً ولا مشكلة فيهما وكل شيء متوفر لي هناك مع عائلتي لكني أتخذت القرار بأن أعود”.
وذكر صبري أن “رؤية المتاحف واللوحات العالمية أمر مهم لكل فنان تشكيلي إذ يمثل بداية للتواصل مع الثقافة الأنسانية ، فالسفر بالنسبة للفنان ثقافة تزيد من انفتاحه على ثقافات العالم كله”، مبديا حبه لـ”السفر لكني لا أحب الغربة لذا تجدني أتمنى أن يتم تجميع الفنانين التشكيليين بطائرة جامبو مع أعمالهم الفنية ليرى الآخر تجربتهم ويتعرف على تجربته”. وبشأن الأمل الذي ما يزال يحتفظ به صبري وهو في بغداد قال إنه برغم الثمن “الذي دفعته وهو عدم احتساب خدمتي في وزارة الثقافة الذي انعكس على دخلي المادي ومعيشة عائلتي، يبقى عندي شيء من الأمل جسدته في بعض لوحاتي عبر وجوه حالمة متطلعة للمستقبل”. وأضاف “أنا مستمر وعلى اتصال مع العالم، لكني أحب أن تكون لي خصوصية عراقية احتفظ بها لأنها هي التي تجلب لي المكانة في العالم في أي محفل فني”.
يذكر أن الفنان التشكيلي العراقي سلام عطا صبري هو ابن الفنان المرحوم عطا صبري، وهو من مواليد 1953، وحاصل على بكالوريوس من جامعة بغداد كلية الفنون الجميلة قسم التشكيل، ودرس الفنون الجميلة في جامعة كاليفورنيا وتخصص في الخزف (سيراميك)، وأقام عددا من المعارض الشخصية للخزف في باريس، لندن، فرانكفورت، طوكيو، مدريد، روما، لوس انجلوس، عمان، بغداد، وآخر معرض شخصي شارك به كان في بغداد قبل نحو اسبوع، وهو رئيس لجنة اختيار جائزة الملكة رانيا العبد الله لأعمال السيراميك في الأردن، وحاضر في الفن التشكيلي والخزف في الولايات المتحدة الأمريكية، وله جداريات بناية المصرف العقاري 1982، المصرف التجاري العراقي 1996، وشارك في تنفيذ جدارية قصر المؤتمرات مع المرحوم مؤيد نعمة،عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين،عضو نقابة الفنانين العراقيين، عضو فخري في جمعية الخزف في اونتاريو- كندا،عضو فخري في جمعية الخزافين البريطانيين.
|