خلود فرحان سيف منحوتات رومانسية حنونة

المقاله تحت باب  محور النقد
في 
09/09/2007 06:00 AM
GMT




اقنعة واجساد ووجوه تطالعنا تمثل اختصارا لتجربة فنانة عراقية قديرة، تتبع في تنفيذها خطوطا صارمة احيانا والتواءات تتسم بالشفافية والمرونة احيانا اخرى، الا انها تمتلك توزانات بين كل جزء واخر ، مبتعدة عن الزوايا الحادة في سبيل التعبير عن الحنان والعاطفة الحارة التي تتضح من ملمس موادها النحتية.
منحوتات الفنانة خلود كانها خرجت من اقاليم جغرافية متعددة مع انها عراقية، وان الاساليب المتبعة في النحت هي الاخرى تتعدد وتتبدل وفقا لتقاليد وشكل حالة الجسد، الا ان هذه الاجساد والوجوه ترتفع الى مصاف الملائكة كلما ابتعدت عن شكل التحدي والقسوة التي ميزت العديد من الاعمال النحتية العراقية المعاصرة.
اسلوب الفنانة خلود فرحان تكشف عن مشترك لجوهر واحد، اذ تتميز القطع النحتية المنفذة بالخشب والحجر بالاختزال ،وكانها تشكل مادة بصرية اضافية وحركة داخلية تضاف الى حركة الشكل العام، كما انها تتسم بالميل الشديد في حيوية الالتواءات الدينامية الحارة. فنجد فيها ما يشبه الاقنعة التي تصطدم بملامحها الرفيقة كل من لم يالف الفنون الرومانسية. ندخل في اعمالها وكاننا امام اعمال ادبية شعرية مختزلة، نلامسها من طبيعة المادة، حيث كل عمل هو رحلة استنطاق لمادة الحجر او الخشب او المعدن. عوالم طوطمية بعيدة عن البدائية، يشكل كل من الوجه والجسد البشري قواما للاشارات والمنحنيات المتحركة في حقل اللغة التعبيرية. نجد انفسنا امام فضاءات تسبح بها هذه الكتل لتحملنا بهاجس منبع الحياة التي تنضج بها المنحوتة، فالحركة تخرج من الكتلة الى الفضاء المحيط ، على ان هذا الفضاء جزء من العمل النحتي، كونه مجالا له وحاضنا لتعابيره.
تستمد الفنانة مواد تقنيتها من محيطها الطبيعي، فهي تاخذ الخشب من القطاع النباتي، والحجر والالوان والجص لتقوم بتنظيفها وتنقيتها بواسطة الحفر الغائر لتتوهج بعمقها الفني الخالص، لتستعيد تجربات فنية عادية ترشقنا بلهب من شوق محباتها الانسانية وكانها تخرج من عقل وابداع امراة مكتنزة بوعود كثيرة في الحياة.

كاننا امام وجوه واجساد طقوسية تعبر عن رؤيا خاصة تتصل بقوى الطبيعة وما وراء الطبيعة لتسكن الفضاء بابعادها الثلاثة، تتعايش باساليب متناغمة ومنسجمة، بذلت الفنانة جهدا يستأهل الالتفات اليه كونه، وان كان مطروقا من قبل، لايقلد وانما يبحث عن اجتهادات جديدة في هذا المجال الفني، حيث تدخل اعمالها في حقول تجريب منفتحة وواعدة.
انها لاتبحث في الشبه والمحاكاة بل في الرمز ومقدار الحركية التي يمكن ان يضيفها البعد الثالث ككتلة وكشكل غير مسطح لاشكال ربما تهيأ لها عالم البعد الثالث. والمتلقي يشعر بحرية اكثر وهو يدور حول اي عمل من اعمالها ويتصفحها من زوايا متعددة، وكانها ابتكارات لحلول، واجوبة لاسئلة لاعمال متعددة الطقوس
متحمسة حين تحتال على الاشكال، على طبيعة الخشب والحجر، لتمرر افكارها ورؤها ببساطة، وتلعب بخفة يد وسرعة بديهية ممن اجل ايجاد حلولها للكتلة، واحلال قيمة تعبيرية فيها ، وجعلها تفيض حركة وروحا، وهي على ما يبدو لاتعرف مازقا في هذا المجال، فهي تعرف سر المرونة في سحر الحجر والخشب لتحويلهما الى مواد ناطقة برومانسية عذبة.