رسوم الأطفال ... رسائل يجب أن نفهمها

المقاله تحت باب  مقالات فنيه
في 
10/09/2007 06:00 AM
GMT



عندما يتناول الطفل قلما ً وورقة ، يرسم خطوطا وأشكالا مختلفة ، ويمضي الوقت وهو غارق في عالم آخر ، يلوّن شخوصه وأحداثه بظلال حياته اليومية ، فأنه بذلك يريد إيصال رسالة للكبار لعلهم يفهمونها .
إن فن الرسم عند الطفل ، فن قائم بذاته يستمد تعبيراته وألوانه من عالم الطفل نفسه ، وهو ما دعا علماء النفس الى الإنتباه بأن رسوم الأطفال الحرة يمكن أن تكشف عن جوانب متعددة في نمو الأطفال ، وتعتمد هذه الفكرة بأختصار على إن الخبرة الجمالية كما تبدو في رسوم الأطفال ، يمكن أن تعكس في خلفيتها الخبرة العقلية والنفسية للطفل جنبا مع جنب ، فالأفكار والتعبيرات التي يتناولها الطفل في رسوماته يمكن أن تستخدم في قياس مستوى النضج العقلي له ، وقد إستخدم أسلوب الرسم في تحليل شخصية الطفل والكشف عن اضطرابات نفسية معينة تدل عليها تلك الرسومات.
يبدأ الطفل الرسم خلال سنته الأولى معبرا ً عنه بخطوط عشوائية غير واضحة الا في نفسه ، ثم بعد تجاوزه سن الثالثة ، تبدأ أشكاله بالتميز ، إذ أنه يصل الى مستوى من النضج العقلي يؤهله لخزن بعض الصور الذهنية والحسية في دماغه ،الا أن هذه الصور لا تبقى طويلا ، إذ لانجده يرسم الشكل نفسه مرتين بنفس الدقة في التفاصيل ، كما أن رسوم الأطفال في هذه السن المبكرة تمتاز بسرعة التغير وعدم الثبات .
رسوم الاطفال .....كعلاج نفسي لبعض مشكلاتهم.
لقد إستخدم علماءالنفس الرسم كوسيلة للتعرف على ما يدور في أذهان الأطفال ونفسياتهم تجاه ما حولهم من أشياء وأشخاص ، فمن خلال الرسم يتمكن الطفل من رسم حالة قد حصلت له ، لم توفر له المتعة وشعر بحالة من عدم الرضى ، ولم يستطع أن يعبر عن مشاعره بحكم السلطة القائمة عليه من قبل الكبار ، فأنه مثلا قد يلجأ الى رسم شخص بالغ يضرب طفلا صغيرا ، وعندما يسأل عن إسم هذا الطفل يقول أن إسمه هو ، على سبيل المثال (أحمد) ، وإذا سألناه (من الذي يضرب أحمد ) ، يقول : ( بابا يضرب أحمد ) ، أو( المعلم يضرب أحمد ) أو ( ماجد يضرب أحمد ). فالطفل في هذا العمر ينظر الى الصورة على أنه شخص أخر غيره ، وهذا يعود الى تمركز الطفل حول ذاته في السنوات الخمس الاولى . وبذلك يمكننا أن نتعرف على نوع الأذى النفسي الذي قد يعاني منه الطفل من خلال رسوماته .
وقد نجد أطفالا لايستطيعون الكلام أمام الأخرين للتعبير عن عدم رضاهم ، خوفا من العقاب ، لذلك يلجأ العلماء والنفسيّون ، الى وضع الأطفال في مرسم صغير وإعطائهم مايلزمهم من الألوان والأوراق وفسح المجال أمامهم لرسم مايرغبونه ، ومن ثم الإستفسار عن كل مايرسمونه من خطوط وأشكال مختلفة .أضافة الى أن الألوان تعبر عن حالة الطفل النفسية ، في التعبير عن قلقه أو فرحه ، فمثلا حين يختار الطفل اللون الأسود أو الرمادي للرسم ، فهو تعبير عن الحزن والغضب الذي قد يشعر به تجاه الكبار الذين عاملوه بقسوة في فترة سابقة ، أما إذا كان مرتاحا وقد شعر بالراحة من جراء متعة نالها في خروجه ، فأنه يميل الى إستخدام الألوان الهادئة الفاتحة والبراقة كالأحمر والأصفر .وقد يتبنى الطفل اللون الذي تفضله والدته أو والده بدافع كسب محبتهم ورضاهم ، فنلاحظ إستخدامه للون الأزرق مثلا في رسمه للسماء والمنازل والأشجار والملابس....الخ ، وإذا ما سأل الطفل سبب إنفراده في إستخدام اللون الأزرق .. أجاب : إن والدته تحب اللون الأزرق . فهو يبحث عن حب والدته من خلال محبته الى نفس اللون الذي تحبه .
فوائد الرسم التعليمية والأجتماعية
إستخدم الرسم في مجال التعليم كأحدى الوسائل المهمة في تثبيت المعارف لفئة الأطفال الصغار ، إذ تحوي الأشكال المختلفة ، المتعة العلمية والأجتماعية التي يصعب توصيلها عن طريق الكلام المباشر في هذه السن المبكرة من العمر ، فتظل راسخة في عقل الطفل مدة طويلة ، إذ يستخدم هذه الأشكال في مقارناته اليومية وأثناء إكتسابه للخبرات المختلفة ، فإذا ما ذهب مع والدته الى السوق مثلا ، تعرف على الأشكال التى سبق وأن شاهدها أثناء تعلمه ، فيربط الألوان بالأشكال التي تناسبها ، وبذلك تحدث عملية تطبيق للمعلومات بشكل عملي ، وبالتالي تثبيتها كحقائق راسخة ، إضافة الى تعلمه القيم الأجتماعية عن طريق الأشكال التى توفرها القصص والحكايات ، فمن خلال القصة الملونة ذات الأشكال المتنوعة نجد الطفل يندمج مع شخوصها وألوانها وقد يعيش أحداثها ، ويميز بين شخصياتها ، وبالتالي يتوصل الى أدراك أكيد وتبني للمزايا الجيدة التي تحملها بعض الشخصيات ، كالشجاعة والأيثار والصداقة ، عن تلك المزايا التي تحملها باقي الشخصيات والتي تتبنى سلوكيات مختلفة ، فهو يختار ما يتناسب مع شخصيته . كما أن اللعب بالألوان يسهم في تنمية الذوق الفني والجمالي لدى الأطفال ، حيث يساعدهم على أضافة لمسات أنيقة الى حياتهم المستقبلية من خلال منحهم الخبرة في تناسق الألوان وأختيارها مما يسهم في رقي أنفسهم وتشذيبها . إن تشجيع الأطفال على الرسم بأعتباره أحدى طرق التنفيس والترويح والمتعة ، تقع على عاتق الوالدين ، من خلال :
1- توفير الوالدين أدوات الرسم الغير ضارة والمناسبة لأعمارهم ، إبتداءا بألوان الباستيل والخشب وحتى أتقانهم لبقية المواد الأخرى المستخدمة في الرسم
2- فسح المجال أمام الأطفال لرسم ما يحبونه وأحترام آرائهم في التعبير من خلال الألوان التي يختارونها ، ومن الجائز مناقشتهم في ما ير سمون
3- إعطاء الأهمية والأهتمام لما يرسمونه وعدم السخرية من رسومهم ، كي نزيد دافع الحماس والثقة في أنفسهم ودفعهم نحو التعلم والتطور والتقدم
4- توجيه الأطفال الى الأخطاء في الرسم بشكل غير مباشر ، مراعين أعمارهم الزمنية وقدرتهم على ضبط رسم الأشكال وتناسق عضلاتهم ومهارة أناملهم في أنجاز رسوماتهم .