المقاله تحت باب محور النقد في
24/01/2007 06:00 AM GMT
الأستاذ المحرر المحترم : انطلاقا من حرية الرد والكلمة المعبرة ارجوا مخلصا نشر مقالتي هذه ردا على مقالة الدكتور هاشم الطويل التي نشرت على موقعكم بعنوان" الفن العراقي المعاصر بين صالة الرمانة ومتحف اكسس في ديربون" ولكم فائق الشكر والاحترام
من خلال ساحة الابداع الواسعة لتأريخ الفن العراقي المعاصر يتوقف المتابع لهذا المشهد امام حقائق ومعطيات تثير التساؤل والدراسة والنظرة المتمعنة والثاقبة للامور بعيدا عن الشعارات البالية والجمل الجاهزة واظفاء صبغة المؤامرة عليها وهو مااعتاد العقل العربي الجمعي من الترويج له وتبنيه في اغلب المواقف والتحليلات , وهذا مايدعو كل متابع ودارس لهذه النظرية من التصدي لها وكشف الاساليب الملتوية لمتتبعيها واحباط محاولاتهم اليائسة بتزييف الحقيقة واجهاض مراميهم وغاياتهم .وفي محاولة متواضعة سأحاول ان اضع بعض الحقائق والمواقف في موقعها الحقيقي ضمن قناعاتي وقناعة جمهور عريض ابتلى بهذه الطروحات السمجة والعقيمة التي اوصلت العراق الى ماوصل اليه على يدي عصابة ( جراد الصحراء التكريتية ) التي هيمنت على مقدرات شعب متعلم وواعي يمتلك مقومات كثيرة ليكون رائدا في كل المجالات وفي طليعة دول المنطقة , ومن هذا المنطلق سأرد على ماذكره الدكتور هاشم الطويل في مقالته بعنوان (الفن العراقي المعاصر بين صالة الرمانة ومتحف اكسس في ديربون ) ايمانا مني بأن للحقيقة انصارها ومن يدافع عنها علما بأن الدكتور الطويل سبق مقالته بمقال باللغة الانكليزية في اعداد سابقة على صفحات جريدتكم مدعيا بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة وسارحا في خيال التخوين والالغاء منصبا نفسه عميدا للفنانين وقاضيا يأمر بأقصاء هذا الفنان وتخوين الاخر وكأننا امام مشهد السلطة البعثية الشوفينية التي تقصي الاخرين وتحكم عليهم بالسجن او الابادة بجرة قلم , وكنت اتمنى من الدكتور الطويل ان يضع مراجعة موضوعية لمواقفه بعد ان انكشفت امامنا مشاهد يندى لها جبين الانسانية جمعاء من تجاوزات خطيرة لأبسط حقوق الانسان ومشاهد المقابر الجماعية وانين الثكالى وصرخات الايتام خير دليل على ذلك ,وربما سيقول الدكتور الطويل بأني ابتعدت كثيرا عن مناقشة موضوع مقالته بتوصيفها المهني ولكني احاول ان اقرأ مابين السطور لأن ذلك امر وادهى خصوصا بأني لست غافلا عن خلفيات الدكتور الطويل ومراجعه السياسية والآيدلوجية , واذا كان الاختصار مهما في حالات كثيرة فأنه ليس كذلك لاسيما ونحن هنا امام اسئلة واشارات كثيرة كنت اتمنى من صاحب المقال ان يضع لها مقارنة موضوعية ومنصفة مع سياق مجريات التاريخ وتداعياته كي نعطي للتجربة حقها الاصيل بالبحث والاستقصاء لا ان تكون الحقيقة مجتزأة وتبتعد عن الواقع كثيرا ونأخذ منها محطات تتوافق مع قناعاتنا ونترك الاخرى التي تنقض على المقالة او البحث وتنسفها من جذورها وتلغي صدقيتها , فاذا اردنا ان نستعرض الفترة السابقة والبغيضة قبل سقوط الصنم والتي يسميها الدكتور الطويل بسقوط بغداد وهو حر بأطلاق مايشاء من التسميات ونضع جرد بسيط لحال الفنانين وازدهار وانتعاش الحركة الفنية ابان حكم البعث في العراق كما يصفها الدكتور الطويل فاننا ضمن هذا المنطق نلغي المساهمات الكبيرة والفاعلة التي اسس لها رواد الحركة التشكيلية العراقية وما تلاهم من مبدعين اخرين امثال محمود صبري , الدكتور خالد الجادر , فيصل لعيبي , صلاح جياد , فائق حسين , جودت حسيب , يحيى الشيخ , محمد الحسني والقائمة طويلة ممن تركوا العراق ليس بسبب الحالة الاقتصادية السيئة او ظروف اخرى وانما بسبب موقفهم من النظام البائد وسيطرة الحزب على كل مفاصل الفكر والثقافة في العراق وتحديدا في السبعينات من القرن الماضي عندما اجتاحت تلك الشعارات التدميرية واجهة الثقافة والمجتمع امثال ( بعث تشيده الجماجم والدم تتحطم الدنيا ولايتحطم ) ( كل شيء من اجل المعركة ) ( للقلم والبندقية فوهة واحدة ) وكانت هذه الشعارات تدعو لعسكرة المجتمع والسير به نحو الهاوية ومزيدا من القتل لمن يعارض هذه السياسة ولم ينجو من الاقصاء والقتل حتى رفاق لهم شاركوهم بنفس الدرب والمسيرة وخاض العراق ثلاثة حروب تدميرية اوصلته الى الهاوية بفعل مغامرات مجنون يتربع على عرش السلطة ويترك حاشيته تنهش بمقدرات الشعب ومصيره ومستقبله كالكلاب المسعورة . امام هذا المشهد كان المثقف العراقي امام خيارين اما الانحناء للعاصفة او الهروب من الجحيم وهذا ماحصل فعلا للكثير من الكوادر والطاقات للهجرة واختيار المنافي وطنا بديلا لممارسة رسالتهم الابداعية . اما مساحة الابداع والمعارض يقول الدكتور الطويل التي اقامها النظام للمبدعين بكافة تلاوينه واتجاهاتهم السياسية والفكرية فهذه بالتأكيد دعابة وملهاة لمسرحية رخيصة يعزف كل عاقل او مهتم بالشأن الثقافي مشاهدتها او استيعابها لأننا كنا في العراق وكانت افواهنا مكممة ولايسمح لنا بأقامة المعارض على اعتبار عدم مسايرتنا وايماننا بمبادئ حزب البعث والولاء المطلق لقائد الضرورة وهذه وحدها جريمة تؤدي بصاحبها الى التهلكة , اما المعارض التي كانت تقام فأهمها معرض الحزب ومهرجان صدام للفنون في المركز الثقافي الذي اطلق اسمه عليه (مركز صدام للفنون ) ويتم دعوة المرتزقة العرب وبعض الفنانين من بلدان العالم وهذان المعرضان يقامان برعاية الحزب والثورة وتصرف مبالغ هائلة لهذا الغرض وتكرس اعمال الفنانين بتمجيد القائد ووصفه راعيا للثقافة والفنون, وكانت وزارة الثقافة والفنون تكرس عملها وانشطتها الثقافية بتلميع صورة القائد المناضل والترويج لسياسته وخطاباته حتى اصبحنا امام شعار عريض يقول ( اذا قال صدام قال العراق ) فهل كان هذا المشهد يعبر عن رأي شريحة كبيرة ومهمة للوسط الثقافي والتشكيلي العراقي ؟ ومن جانب اخر يطرح الدكتور الطويل نفسه كأمين على الثقافة العراقية والعربية من منطلق قومي يؤمن به فإذا كان الامر كذلك اين كانت مساهمته حين اسسنا مع الدكتور عبد المطلب السنيد البيت العربي الثقافي عام 1999 وكان مشروعا عربيا قوميا بإمتياز حيث كانت كل نشاطاتنا واعمالنا الفنية تصب لنصرة قضايا الشعب العربي والوقوف معه في كل معاركه القومية وعلى سبيل المثال للحصر تلك التظاهرة الفنية الضخمة التي اقمناها باوبريت ( مهرجان الغضب ) والذي شارك فيه جمع كبير من الشعراء والمطربين والممثلين والفنيين في الانارة والمسرح والديكور والاعلام تساند انتفاضة الشعب الفلسطيني وصرخة مدوية بإستشهاد الطفل محمد الدرة فكان رد العرب لنا كعراقيين مزيدا من القتل والانتحاريين الذين يستهدفون الطفولة وسقوط المئات امثال محمد الدرة وكذلك من الشيوخ والنساء والعمال في اماكن تجمعهم او في المدارس والاسواق تحت سمع ورؤية كل العرب وبتشجيع من اصحاب الفكر الشوفيني وفطاحل السياسة والمحللين الإستراتيجيين على الفضائيات العربية المشبوهة التي تقرع طبول القتل والجريمة , واين كان الدكتور الطويل حين وقف كل المثقفين العراقيين اثناء محنة الفنان الكبير فائق حسين اثناء غيبوبته في مستشفى اوكوود في ميشيكان ولمدة ستة اشهر ثم وفاته في 14 تموز 2003 وهذا الفنان العالمي المتميز الذي نال ارفع الشهادات والاوسمة في اسبانيا ودول امريكا الجنوبية حين كان لاجئا هناك بعد احداث شباط الاسود عام 1963 وهو من الاعمدة التي اسست لفن الكرافيك باسلوبه الحديث والذي ينتمي الدكتور الطويل لنفس الاختصاص لهذا الفن . ان الدكتور الطويل تتحشرج حنجرته بالصراخ والالم لفقدان العراق الكثير من الكنوز الاثرية والمخطوطات واتلاف المكتبات وتهديم المعالم الاسلامية اثناء دخول القوات الامريكية الى العراق ونحن معه نضم صوتنا الى صوته ونرفض كل هذه التصرفات والسرقات البغيضة والمستنكرة من كل عراقي يستند الى تاريخه ويدرك اهمية هذه المعالم الحضارية التي كانت ولا زالت الاساس المهم لخصوصية العراق وتميزه ولكن السؤال لابد ان يطرح كاملا وليس مجتزأ لأن الدكتور في بداية مقالته يطالب بإرتقاء الرؤيا البصرية لدى الجالية ولدى المعنيين والقائمين على المؤسسات الفنية وهذا يعني ان الرؤيا البصرية لابد ان تكون شاملة وواعية خارج حدود البقعة الجغرافية في هذا المحيط بمعنى ان لاتصاب بالتراخوما هذه الرؤيا اذا لم تتفق مع طروحات الدكتور الطويل وتحليلاته البنيوية حول تصنيف الابداع ومقاساته ومع قضية سرقة كنوز الاثار العراقية فالقضية شاملة وليست مجزأة أننا سنشير باصابع الاتهام لأصحاب الرؤيا الثاقبة فهل كانت هذه الرؤيا معطلة او مصابة بقصر النظر ؟ وهل كانت بحاجة الى نظارات طبية مكبرة كي ترى وتتبصر حين كان النظام يسرق مقتنيات المتحف العراقي على يدي ارشد ياسين المرافق الشخصي لصدام ويبيعها في الاردن ودول اخرى؟ وماذا عن الثور المجنح في سور نينوى التي تم تقطيعه وإقتلاعه من موقعه ليهرب ويباع في الخارج ؟ وماذا عن الكنز الذهبي الذي اكتشف في اثار نينوى لتتزين به ساجدة زوجة صدام وبناته؟ وماذا عن تغيير معالم مدينة بابل الاثرية والتي صف طابوقها بالكتابة على كل طابوقة ( شيد في زمن صدام ) حتى اصبحت هذه المدينة الاثرية بقرار منظمة اليونسكو مدينة سياحية وليست اثرية وبذلك انتزعت منها معالمها الاثرية وقدمها وبهاءها التي امتازت بها على مر العصور وماذا وماذا التي لاتنتهي ولو حاولنا الحديث عن هذا الموضوع سنحتاج الى مجموعة مقالات نبتدئ بها ولاننتهي . والان امام هذا السيل من الخرافة بتمجيد عصر القائد الهمام والثناء على كتبة السلطان وفناني الجداريات القذرة هل لك ان تدلنا على بويصلة تشير الى خط بياني بالصعود والهبوط لهذا الفنان او ذاك . السيد صاحب المقال نحن ببساطة تعلمنا من اساتذة الفن العراقي في بداية السبعينات ومن ازقة حاراتنا ومن طيبة اهلنا وبساطتهم ومن موروثنا الحافل بالقيم والعطاء ان نكون فرسانا في اي ميدان نوضع فيه باختيارنا او بظروف تقف امامنا وعلى هذا الاساس اقمنا مع الفنان محمد فرادي وخيرة طيبة واصيلة من فناني هذا العراق الموعود بالالم والقهر والاضطهاد واجهة حقيقية وامينة لمعاناة شعبنا العراقي لاسيما المبدعين منهم في محاولة متواضعة ومن قوت ابنائنا وعوائلنا وبجهد شخصي دون دعم من مؤسسة او هيئة حكومية رابطة للتشكيليين العرلقيين في امريكا وبالتعاون مع مؤسسة ( تراي ) الثقافية العراقية وهي مؤسسة مجازة من الحكومة الفدرالية الامريكية وغير نفعية , وهذا الحلم البسيط لايحق لك او لغيرك المزايدة عليه او مصادرة حقوقنا بالتعبير عن افكارنا ومشاريعنا الفنية التي تمتد لبناء جسر متين بالتواصل مع فناني العراق في الداخل او في دول المهجر بعد ان كان النظام البائد يوصد الابواب ويغلق المنافذ باللقاء وتبادل الافكار مع اخوتنا في الداخل , ونحن لسنا بديل لمشروع اقامه فنانون عراقيون في المهجر ممن قارعو النظام البائد وفضحوا اساليبه حيث لهؤلاء الريادة بتأسيس قاعدة عريضة ورصينة للفن العراقي المعاصر وهم امتداد لأعمدة حضارية ضاربة في عمق الزمن والتاريخ وليس صحيحا ان نسمي المرحلة الراهنة هي البداية لتأسيس فن بديل بعد سقوط النظام لأن الفترة الماضية لحكم البعث الشوفيني هي مرحلة طارئة ولاتستند الى عمق جماهيري وحضاري كما ان لهؤلاء الفنانين المؤسسين خبرات متراكمة ورؤيا نلتقي بها معهم ونوظفها للإرتقاء والنهوض من هذا الركام الذي يلف المشهد العراقي , علما بأن الفنان محمد فرادي تبنى معنا فكرة الرابطة وانشاءها قبل سقوط النظام البائد واعلن منذ خروجه بداية التسعينات من العراق رفضه للنظام واقام العديد من المعارض في البلدان العربية والاوربية وفضح من خلالها الممارسات الهمجية ضد الفنانين العراقيين وتوسد المنافي وعاش الالم والعوز ولكنه ظل شامخا شهما كأشجار نخيل البصرة مدينته الرائعة حاملا في كل محطاته رائحة المساء على ضفاف شط العرب مستذكرا رائحة الموت في اقبية الجلادين وامينا على قضايا شعبه ومأساتهم , ومن هنا يحق للفنان المقاوم ان يذكره التاريخ بصلابته وتكرمه الاجيال لأنه ينتمي لهذه المعاناة ولهموم الناس ولااعتقد ان من ينام على ريش نعام ويكرم من قبل النظام البائد بمنحة دراسية الى امريكا ويكمل الدكتوراه على نفقة الدولة ويحظى بإمتيازات ومكارم السلطة ولم يعاني من كفاف العيش ان يتحدث عن رؤيا بصرية ثاقبة او نهضة فكرية وان يعطي لنفسه الحق لتصنيف هذا الفنان مبتدأ وذاك لايزال مراهقا في ابجديات الرسم وهذا خائن وذاك متآمر فالتواضع والتقييم الموضوعي والتشجيع هي خصال الفنان الحقيقي حين يشاهد اعمال فنانين على افتراض انهم مبتدئين ويتم عرض اعمالهم في متحف عربي , اليس هذا من قبيل التشجيع ومنحهم فرصة للتقدم والابتكار والابداع ؟ وانا هنا لااقصد بالتاكيد الفنانين الثلاثة الذين تناولهم الدكتور في مقالته واذا اردت ان اتحدث عن الصديق الفنان محمد فرادي فأنا احترم اسلوبه وثراء موضوعاته التي يتناولها في اعماله بأظفاء وحدة متكاملة ومتجانسة بكل ابعاد وزوايا اللوحة التي تقدم لنا اقناعا لتجربة امتدت منذ بداية السبعينات. وعودة الى دعوة الدكتور الطويل بتبني فكرة التقييم اتساءل اين كان الدكتور الطويل عند قدومنا الى هنا منذ بداية التسعينات ونحن ابناء الانتفاضة التي هزت اركان النظام وكانت استفتاءا حقيقيا على عدم مشروعيته وتمسكه بالسلطة , الم تزخر هذه الانتفاضة بطاقات هائلة في كافة الميادين ومنها الفنانين التشكيليين اليس من حقنا ان يمد الدكتور الطويل يده لنا بالمشورة الفنية والوسيلة التي توصلنا الى اقامة المعارض وديمومة نشاطنا الفني وهو العارف بدهاليز المؤسسات والصالونات الثقافية ونحن في تلك السنين في بداية عهدنا بهذا الواقع الجديد الذي يختلف عن ثقافتنا ونمط عيشنا فكيف اذا يتم التقييم اذا كنت اصلا بعيد عن نتاجات هؤلاء الفنانين وتجاربهم ؟ اما الان حين كانت افكارنا ومشاريعنا تطالب بأقامة عراق ديمقراطي بعيد عن العبثية والسلطة الشمولية ولم يكن امام شعبنا الا القبول بازالة النظام بالقوة العسكرية , اخذت امريكا على عاتقها تغيير النظام وهذا اخر خيار امام شعبنا بعد ان اوصدت كل الابواب امام تغيير سلمي , ونحن متفقون على رحيل القوات المتعددة الجنسيات بعد بناء المؤسسات العسكرية والامنية التي يحاول الارهابيين تعطيلها واعادة عقارب الساعة الى الوراء بأعادة ايتام النظام ومؤسساته القمعية الى السلطة . ندرك ان مبادرة العراقيين ووعيهم ستحبط هذه المحاولات وتسحقها ليحظى العراق بالبناء والتقدم والعيش الكريم بنظام حكم ديمقراطي تعددي , ومن خلال هذا الموقف فنحن لسنا عملاء للاجنبي لأننا ببساطة لم نطالب الامريكان بالذهاب الى العراق انما هو النظام العراقي بطيشه واعتداءه على جيرانه وتهديده لأمن المنطقة وسلوكه الاهوج ضد ابناء شعبه وتطلعاتهم بالعيش الآمن والكريم . وهنالك اشارة طرحها الدكتور الطويل بمقالته تشير بوضوح ان الذين لم يخرجوا من معطف عفلق وعباءة البعثيين فهم ليسوا فنانين وانما هم طارئون على الوسط الفني ورساموا بورتريت في داون تاون ديترويت فاذا كان الحال كذلك فان الفنانين العراقيين في فرنسا ولندن وكل دول العالم ومبدعون اخرون زخرت بهم ساحة االممفارت في الحي اللاتيني الفرنسي فهم ليسوا في خانة المبدعين وسوف يقول لنا ايضا ان فان كوخ المتسكع في مدن فرنسا وشوارعها وفي هولندا ليس مبدعا وان بيكاسو ورفاقه الذين مارسو تمردهم على الاساليب القديمة في ساحات فرنسا ومقاهيها ليسوا مبدعين وعلى هذا الاساس ايضا فان لوحاتك التي نقلتها واستنسختها من فنانين مستشرقين ووضعت توقيعك عليها في مطعم الشيخ تصنف بأدنى من هذا الوصف بنفس اللائحة . اما ان تطالب فنان مثل محمد فرادي حين يقيم معرض في صالة الرمانة ان يسأل عن صاحب الصالة واصله وفصله والى اي قبيلة ينتمي وماهو اسم جده السادس عشر وبأي دين او مذهب يدين فأعتقد ان هذا خارج صلاحيات الفنان ومسؤوليته أن المسؤول عن الصالة اذا كان يهوديا فهذا ليس بالامر المعيب لأننا نؤمن باحترام الاديان والقوميات وديننا الاسلامي يؤكد على اخوة الانسان لاخيه الانسان وليست لدينا عقدة وهلوسة قومية واذا كان الامر محظورا في هذا المجال فلك ان ترفض الوظيفة في الجامعة التي تعمل فيها لأن زملائك في هيئة التدريس بعضهم يهود وربما طلابك ايضا . اما ذكرك لشخص الباشا واخرين فنحن لاعلم لنا بذلك وهذا امر نرفضه بالمطلق وهذه الهرطقة الفنية لاتعبر عن رأي الاكثرية لجمهور الوسط الفني التشكيلي بل هي تصرفات شخصية مدانة ومرفوضة وهي تعبر عن رأي اصحابها فقط . ان ذاكرة الفن العراقي ستبقى حية واصيلة وان رعيل الفنانين العراقيين الرواد والاجيال اللاحقة كفيلة بحمل اعباء المرحلة القادمة واي جهد اصيل ووطني سيبقى محفورا في ذاكرة التاريخ وامتدادا للاجيال القادمة .
علي الطائي
عضو مؤسس لرابطة التشكيليين العراقيين في امريكا
|