المقاله تحت باب مقالات فنيه في
26/02/2008 06:00 AM GMT
في مطلع عام 2001 كلفت بتنظيم معرض لأعمال الفنانة الرائدة نزيهة سليم يقام بمناسبة يوم المرأة العالمي في مقر مبنى الأمم المتحدة في أبي نؤاس، كنت فرحة بهذا التكليف لأنه سيهيئ لي فرصة التعرف عن كثب على تاريخ هذه العائلة و على لسان أحد أعمدتها. في أول لقاء لي بها في بيتها في الوزيرية ،رحبت بي الست نزيهة و كانت سعيدة بأن هناك من يهتم ليقيم لها معرضا استذكاريا، تكررت لقاءاتي بها و كانت في كل مرة تحدثني عن ذكريات دراستها و رحلاتها وذكريات أخوتها جواد ورشاد وسعاد ونزار. من بين ما كان يؤلمها في بداياتها هو أتهامات الكثيرين لها بأن جواد كان يساعدها في رسم لوحاتها كونها اتبعت نفس أسلوبه في الرسم. حدثتني كثيرا عن جواد ووفاته ، في فترة مرضه نصحه الأطباء بالإبتعاد عن النحت فتحول فترة الى الرسم لكنه ما لبث أن باشر بعمل نصب الحرية الذي أجهده كثيرا وكان سببا في وفاته ولم تسنح له فرصة رؤية النصب مكتملا. من ضمن حديثها تذكرت فلاح حديقتهم الذي حرص على رعاية الورد الذي يحبه جواد ، ومن فرط صدمته بوفاة جواد فقد ترك هذا الفلاح العمل لديهم . استعرضت لي خلال لقاءاتي بها عددا من رسائل نزار لها كونه دبلوماسيا وكثيرا ما يقضي أيامه خارج العراق، رسائله كانت تحتوي على رسومات كاريكاتورية أشبه بالسيناريو المرسوم. أخوها رشاد رحل وهو شاب ، أما سعاد فبالرغم من انجازاته الفنية في تصميم عدد من الأوسمة منذ نشأة الدولة العراقية ، الا أن عائلته لم تكن مرحبة بفكرة كونه فنانا حتى أنها رفضت أن يقام له حفل تأبيني في مقر جمعية التشكيليين بعد رحيله قبل عدة أعوام. من بين الأعمال التي كانت تحتفظ بها لأفراد عائلتها ، كانت هنالك لوحة رسمها والدها الحاج سليم و تخطيط بالقلم الجاف من عمل جواد، رسم فيه الأستاذ الذي علمه العزف على الكيتار. ن بين أعمالها القديمة كانت تحتفظ بلوحتين مائيتين تعودان لعام 54 و تمثلان الفيضان الذي حل ببغداد في ذلك العام في الغرفة التي كانت تحتفظ فيها بأعمالها الزيتية الغير مكتملة حيث كان هنالك العديد منها طلبت منها في حينها أن تكمل بعضها لتكون ضمن المعروضات، أخبرتني في حينها أنها لم تعد قادرة على الأمساك بالفرشاة بسبب آلام في مفاصل أصابع يدها في نفس العام استضافت قاعة كنيسة الساعة في الموصل المعرض نفسه في الصيف و برعاية الأمم المتحدة ، و مما أذكره عن رحلتي معها في الباص الذي أقلنا ألى الموصل حيث كانت تحمل معها 3 لوحات ارادت أن تكون ضمن المعروضات و لم يتسنى لها شحنها مع بقية المعرض مسبقا، بعد نزولنا من الباص استوقفنا تاكسي ليقلنا ألى الفندق و بعد أن وضع السائق الحقائب في الصندوق طلبت منه الست نزيهة أن يعتني باللوحات و هو يضعها في الصندوق فما كان من السائق ألا أن قال: هسه عبالك لوحات بيكاسو ، أستدارت لي الست نزيهة و همست في أذني:همزين يعرف بيكاسو رحلت نزيهة سليم و بصمت، لم يبق لأعمالها الفنية داخل العراق أي أثر ، ما سرق سرق و ما بيع بيع و لاشيء موثق لها هي لم تكن رائدة في الرسم فقط بل كانت أول أمرأة في الشرق الأوسط تدرس الفن في أوروبا.
|