فاطمة الربيعي: أقدم مسرحياتي ظهراً بلا تذاكر

المقاله تحت باب  سينما و مسرح
في 
03/06/2008 06:00 AM
GMT



عندما تقف على خشبة المسرح تنسى همومها مؤقتاً ولكن هموم العراق تؤرقها. هكذا جمعت سيدة المسرح العراقي فاطمة الربيعي بين الألم والحزن. عندما جاءت للقاهرة تتلقى تكريماً تستحقه في مهرجان المسرح العربي ووجدت نفسها تتحدث عن العراق أكثر مما تتحدث عن نفسها، لا تطيق أن تفارقه وترفض أن تلحق بفنانين عراقيين تركوا العراق المحتل المدمر بحثاً عن الأمن أو لقمة عيش لا تخلو من مرارة فقد الوطن.

فاطمة الربيعي تأتي للقاهرة كأم، فابنتها تزوجت في القاهرة وتحرص على زيارة أحدث عروس من أبنائها وتقول: هي مسؤولية ورسالة والأم مشروع عطاء ولا تنتظر المقابل فعندما أزوج ابنتي أو ابني أشعر بأنني أكمل مهمتي وعندي ثلاتة أبناء وابنة واحدة وعندي أحفاد ولي ابن واحد لم يتزوج وأتمنى إكمال واجبي كأم. وحول حالة العرض النهاري المفروضة على المسرح العراقي تقول: الظرف سييئ ونحن نقدم المسرح للجمهور الذي يجد صعوبة في الوصول للمسرح في كل وقت خاصة في الليل وعروضنا نهارية حيث يفترض أن النهار أكثر أمناً وعندنا الآن مسرح واحد هو المسرح الوطني وكانت عندنا مسارح كثيرة بعضها دمرته الحرب والبعض الآخر تم احتلاله وأصبح ضمن المنطقة الخضراء أو تابعا للسفارة الاميركية وأصبحت هذه المسارح محرمة. فنقدم أعمالنا في الواحدة ظهراً على المسرح الوطني اذا تمكنا من الوصول من بيوتنا الى المسرح ومعظم جمهورنا من المتخصصين ودارسي المسرح ونقدم العروض بلا تذاكر، وقمنا بعمل بطولي حيث نظمنا مهرجانين للأطفال ولك أن تتخيل كيف تقنع أسراً بإرسال اطفالها وسط المخاطر. وأذكر انني كنت متوجهة من دائرة السينما والمسرح الى بيتي ووجدت نفسي محتجزة على جسر اشتبهوا في وجود عبوة ناسفة عليه فبقيت في سيارتي ساعتين تحت حرارة تصل للخمسين درجة ولا تستطيع تشغيل التكييف توفيرا للبنزين الغالي جداً والشحيح ففقدت الوعي، وبعد ساعة وجدت نفسي في مكان آخر غير سيارتي وهذه الحوادث تقع بشكل دائم.

فأن تعود لبيتك سالما هذا شيء طيب جداً والعبوات والسيارات المفخخة تحصد الناس وهناك من يتردد في النزول للشارع، أما أنا فأخرج بلا تردد ولا يمكن أن أعيش في سجن ولا أتحمل هذه الحياة ولو انتهى أجلي فلن يؤخره بقائي في البيت.

وقالت: أنا قوية والعمل بالنسبة لي ضرورة وحياة، وصورت مسلسلاً في هذه الظروف الأمنية وكنا ننتظر الدقائق الخمس بين مرور الطائرة الحربية والأخرى لنصور مشهداً. لا بد أن نعمل ولن نترك البلد رغم كل هذه الظروف ولو تركت العراق بشكل دائم سأموت، وقد أسافر لمهرجان ولكني أعود للبلد الذي لا يعوضني عنه كل بلاد العالم.

وتضيف فاطمة الربيعي: كل شيء مخترق في العراق، ما تسمعه شيء وما تراه بعينك أفظع، ومع ذلك نحن أكثر شعوب العالم تعرضاً للظلم. نحن أكثر الناس صبراً وتحملاً.. حتى الصبر له نهاية. الأمر عندنا فاق كل توقع أو تخيل. كل بيت فيه أرملة أو أيتام وأنا عندي أولاد في الإمارات وزوجي في الأردن وابنتي في مصر وأنا الوحيدة الباقية في العراق مع ابني والشباب يهاجر الى الخارج.

وحول وجود الرقابة على الاعمال الفنية في العراق قالت: هناك رقابة وأنت لا تقدر أن تقدم ما تريده ونحن نشعر بالخوف ولكن لا تزال هناك أصوات تقول ''لا'' فنحن شعب عريق له تاريخ نضالي. نعم نحن الأن نفقد شبابنا وعلماءنا ومبدعينا لكن كل تحرر له ضحايا ونحن اكثر بلد فقد اعلاميين وهناك تعمد لقتل أكثر من مائتي مراسل ومقدم برامج ومذيع والكلمة لا تزال تطارد وهناك قتل متعمد للكلمة. لأن الاعلام أقوى من السلاح وبعد 6 أشهر من الاحتلال ذهبت لطبيبة ووجدتها تلقاني فرحة قائلة: أنا اطمأننت على العراق عندما رأيتك.

وأضافت: آخر عرض مسرحي قدمته كان في بغداد ''نساء لوركا'' وقدمناه مرتين في الواحدة ظهرا في درجة حرارة عالية والتيار الكهربائي مقطوع وقدمنا نفس العرض في هولندا وألمانيا وهو عمل مأخوذ من أربعة أعمال لشاعر أسبانيا لوركا ويتناول اربع نساء يطالبن بالحرية وفيه اسقاطات وكل من شارك في العمل من النساء وهو اخراج واعداد عواطف نعيم ويشاركني التمثيل سمر محمد واقبال نعيم كما تشارك عواطف نعيم بالتمثيل أيضا.. ونحن نواجه أزمة في الممثلات لأن هناك كثيرا من الصعوبات التي تمنعهن من العمل بالمسرح. أكثر فنانينا الآن في سوريا وبعضهم في أوروبا ونواجه أزمة في توفير ممثلات في عمر الـ17 أو العشرين والكل يخشى المجازفة والعمل في المسرح. وعن الفنانات المصريات اللاتي تقول: في أكثر من مهرجان التقيت الفنانة القديرة سميحة أيوب وأنا قريبة منها وهي قريبة مني وكذلك سهير المرشدي ومحسنة توفيق وفردوس عبد الحميد.. كل هؤلاء تجمعني بهن علاقة طيبة وعندما يتحسن الوضع ستكون لنا مساهمات فنية في كل البلاد العربية.