المقاله تحت باب مقالات فنيه في
27/08/2009 06:00 AM GMT
لطالما ارتبط اسم "الأمم المتحدة" لدى شعوب العالم الثالث، لا سيما العربية منها، بشجن ذا طابع خاص؛ إذ يرونها من كانت و ما تزال المسؤولة عن كثير من
القرارات السياسية التي لا تصب في مصلحتهم النهائية.. اليوم، ثمة اختلاف طرأ على تلك العلاقة، ولو كان على صعيد فني فقط؛ إذ ينثر الفنان العراقي قيس السندي شذرات من إبداعه في مقر الأمم المتحدة؛ ليُحمّل لوحاته الفنية ليس خطوطا وألوانا بديعة فحسب، بل و ثيمات سياسية وفكرية تنطق بحنجرة مبحوحة لملايين العرب. السلام الأبدي..
عنوان المعرض الذي يحمله السندي على كتفيه ليخاطب به العالم من مقر عصبته، يخاطبه من موقع فنان عراقي اكتوت بلاده بنير الاحتلال والاقتتال. السندي لم يكتف بكرسي السياسة فحسب في خضم مناقشته الإبداعية عبر لوحاته، بل هو عرّج على كراسي كثيرة تحمل في بذرتها سلاما بالقدر الذي تحمل فيه معان للسلطة والسطوة، بدءا من كراسي المسؤولين، ومرورا بالكراسي الاجتماعية التي تنصّب بشرا دون غيرهم على سدتها فيما تترك آخرين في الظل، وليس انتهاء بالأرض التي يفترشها معدمون فتتضخم بمخيلتهم حتى تغدو رمزا للسلطة. الكراسي تلك كلها، من وجهة نظر السندي تملك مفاتح السلام بيدها، إن هي انتصرت لأبجديات المبادئ الإنسانية من إنصاف وعدالة واصطفاف مع الخير وإن كان منكسرا، لا مع شر مستطير قد يغري بهيمنته وصدارته.
تأمل هادئ في لوحات السندي يتكفل في شف كثير مما يعتمل في ذهنه فيترجمه فنا، غير أن من يقترب من السندي ويلحظ تفانيه في الإحاطة بجوانب الإبداع كلها إنسانيا وثقافيا وفنيا، يدرك حينها تمام الإدراك كم هو يهجس بالمزاوجة بين حرية خطوط الفن وبين الإتقان والفكرة العميقة التي تقف وراء إبداعه. مسكونا بعراقه الذي يغرق في دمائه.. تلك الدماء التي تجرف معها ذكرياته وآماله كما عموم شعبه، يستغرق السندي حتى الانغماس في بحر أفكاره المتلاطم، والمكسو بأطياف واسعة من التلوينات الحضارية والثقافية التي تأبى إلا أن تصهر التجربة الإنسانية المنكسرة برمتها في بوتقة فنية إبداعية واحدة، لتحط رحالها هذه المرة في واحد من أهم مطابخ صنع القرار في العالم: الأمم المتحدة، علّ ذلك يبدد شيئا من ظلامية المشهد المطبق بفكيه على أي نطفة للسلام العادل
|