الطريقة القبانجية والحداثة
كان لامر نجاح الطريقة القبانجية في ذروة حقبة التحول ، قد قادت حركة التحديث الغناسيقي بصورة عامة والاداء المقامي بصورة خاصة ، إلى سلسلة من الابداعات الاخرى ظهرت على الساحة المقامية من قبل مؤدين مبدعين اخرين ساهموا في هذه النهضة اهمهم عبد الهادي البياتي وحسن خيوكه ويوسف عمر وناظم الغزاليوعبد الرحمن العزاوي . وكانت الطريقة القبانجية التي استقى منها معظم المبدعين طرقهم الادائية الخاصة بهم .. هي الانعطاف الابداعي الاول في تاريخ الابداع المقامي من حيث نوعية الابداع والتجديد ، وذلك بالخروج من طوق المحلية لاول مرة في الاداء المقامي الذي مر قبل ذلك بالاتجاهات الجمالية الكلاسيكية .. وكانت لهذه الحقبة بظواهرها التحديثية في العراق .. قد انتجت الكثير من المؤدين المقاميين تحت لواء الاتجاهات الجمالية الرومانتيكية الجديدة .. وبلغت الذروة في نتاجات فنان القرن العشرين ناظم الغزالي منتصف القرن الذي اتسم اداؤه الغنائي بشاعرية وعواطف قل نظيرها وفنون من دقة الاداء التعبيري لم يسبقه اليها احد .. ان ماطرحه ناظم الغزالي وبقية اقرانه المبدعين التحديثيين كان خطيراً . إذ يستند إلى رؤية مستقبلية في هذا المجال .
قاد حركة التحديث الاولى في المقام العراقي المطرب الفذ محمد عبد الرزاق القبانجي .. حيث قدم اسهامات كثيرة لفتت الانظار بما احتوته طريقته الادائية من قوة ابتكارية كبيرة وجريئة ، في الاداء واختيار القصائد واللفظ الواضح في مفردات القصائد وكذلك جعل الغناء في الاتجاه الجمالي الجديد الذي امتاز بتعابير رومانسية خلابة تأملية إضافة إلى كل ذلك وغيره ، صوته الجميل الذي بلغ فيه مراميه وامكانيته الفذة التي قل نظيرها.. وبه استطاع ان يجسد جزء كبير من مبادىء الحركة التحديثية التي عمت عموم الوطن وفي كل نواحي الحياة … كمـا استطاع القبانجي بطريقته الفـذة أن يؤثـر على مستقبل الاداء المقامـي وتجـدد مساره واتجاهه .. فقـد سجل الكثير من المقامات العراقية لصالح الشركات الاجنبية التـي بيّنت بواسطة اجهزة التسجيل كل هـذه الميزات الجديـدة فـي الاداء .. ومـن هـذه المقامات مقام الابراهيميومقام المنصوري ومقـام الحجاز ديـوان ومقـام البيـاتومقـام السيكاه ومقام المحمودي ومقام الناري ومقام النوى ومقام الافشـار ومقام الكرد ومقام الحجاز كاروغيرها الكثير .. حتى اكمل تسجيل معظم أو ربما كل المقامات المتداولة في الاوساط المقامية العراقية .. ومع ان احتجاجات التقليديين ضد التحديثيين ومناصرة جمهور كبير لهم لايستهان به في البداية .. إلا ان الكثير من هذا الجمهور انظم بعدئذ إلى مناصرة الحركة التحديثية .. ويمكن ان نذكر بعض الاسماء من الذين مالو إلى الحداثة النسبية جميل الاعظمي ومجيد رشيد وعبد الهادي البياتي ويونس يوسف وغيرهم .
(5)
أصالة القبانجي
بالرغم من أصالة محمد القبانجي وأصالة أتباع طريقته وبراعتهم الفنية التي لاجدال فيها .. فإننا نستطيع أن نرى في موقفهم الفني للأداء ملامح التأثر بالاجواء الطليعية من الانفتاح الفكري والفني والجمالي الذي عم الحقبة هذه .. فإذا كان القبانجي قد فهم اعماق مختلف الاساليب الادائية المقامية التي سبقته التي كانت قد وصلت إلى ذروة كلاسيكيتها .. وهو أرجح الظن بما كانت تمتلىء به الساحة المقامية .. فأن ذلك يعني ان القبانجي قد انطلق من أسس فنية رصينة بحيث استوعب كل الماضي وانطلق بهذه القوة الابتكارية في الابداع والتجديد ليكون حلقة الوصل القوية بين حقبة سابقة وأخرى لاحقة ، قادها بنفسه إلى آفاق أخرى في الخيال والمعرفة والفن .. على ان هذا التألق الذي أصاب الحركة التحديثية التي استمرت حتى يومنا هذا في ديناميكية تطورية لا تعرف الكلل ، ماانفكت تثمر عن ظهور قابليات ادائية جديدة في الاداء المقامي طيلة القرن العشرين .. هذا التألق الذي استمد قوته من أقطاب الاداء المقامي ومن التقائه مع النزوع العام إلى تأكيد الهوية الوطنية العراقية من جهة أخرى ، هذا التألق أيضاً مالبث ان اعلن تدريجياً عن ظهور المرأة في مسرح الغناء والموسيقى والمقام العراقي لأول مرة .. وأن كان انتاجها في البداية قليلاً ، لكنها اوضحت أن المرأة لم تمت ولم تنتهي وأنما عادت كأحد التيارات الجمالية والفنية المتوغلة في الفكر العراقي القديم والحديث والمعاصر .
- مقام البيات : من المقامات الرئيسة , تغنى في المقامات العراقية دون ان تصاحب موسيقاه الايقاع ويغني بالشعر العربي الفصيح ويمر خلال الغناء بالقطع والاوصال التالية :
- مقام الناري : سلمة بيات – يغني بالشعر الزهيري – تصاحب موسيقاه ايقاع أي نواسي – من المقامات ذات الصيحات العالية من البيات وتنتهي مقاطعه الغنائية بالسيكاه ثم تستلم منه الموسيقى سيكاه وثم تسلمه بيات , ياخذ القطع والاوصال – المخالف – نوى – جهاركاه.
- مقام النوى – من المقامات الثقيلة – يغنى بالشعر الفصيح – تصاحب موسيقاه الايقاع السماح 36/4 حتى الجلسة قبل الميانة الاولى
|