... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  أخبار و متابعات

   
رحلتي إلى الصين للناصري.. النار وهشيم الذكريات

تاريخ النشر       07/01/2013 06:00 AM



 
عرض - محمد العامري-
 
 
حين نذكر الفنان العراقي رافع الناصري مباشرة نستدرج فنانا منظما ودقيقا في فعله الابداعي، ظل محافظا على قدسية الفن ومتطلباته المهنية، لم تفلت من الناصري حادثة في حياته الابداعية المتنوعة عبر تعويله على الذاكرة اليقظة في تسجيل ورصد الاشياء، كما لو انه خزان ثقافي يحفظ الوقائع بلا زيف.الكتاب الذي قدمه الناقد فاروق يوسف بقوله: عاد الناصري من الصين رساما تأملياً، ستفصح التفنية في ما بعد عن بعض من عاداته الفكرية، كانت صلته بالمواد التي يستعملها (احبار طباعية، الواح معدنية، احماض، اكريليك، ورق، كانفس) دفعته للنظر الى «السلوك الفني باعتباره ممارسة لعمل نفيس».
 
في تمهيد الناصري لكتابه ادهشتني مفارقة النار التي اكلت ذكرياته، كما لو انه قدر جاء لتتأخر تلك الذكريات باحداثها كي تختمر بتنور البيت، فكان التحدي الاصعب في استعادة لذة الكتابة مرة اخرى واستعادتها من رماد التنور الى الورق، وتصبح حية بين دفتي الكتاب .يبدا الناصري سرد ذكرياته من رحم بيت جاء بعدد اشهر السنة، أي من تكريت مسقط ظل الفنان، يبدا بوصف لذيذ عن بيته الذي عاش فيه كرحم رؤوم شهد بدايات التعرف على الحياة وتفاصيلها.الفنان استلذ في وصف جماليات البيت من زحارف وتيجان واعمدة واقواس وشرفات، باب الاخضر، مقبض النحاسي، ما يعكس البذرة الاولى لاهتمامات الفنان بالفن بشكل عفوي .صدمة بغداد هو البيت الذي يدلل على قيمة اجتماعية وسياسية للعائلة، من هناك الى مدرسة تكريت الاولى التي بدات احداثها بالفارس عبد السطيح الذي قفز بحصانه من القلعة الى النهر وهي حكاية يتداولها كبار السن في المنطفة الى جانب الحديث عن مشاهد الطبيعة تحديدا، النخيل الذي عنصرا للرسم لدى الناصري .
 
فبواكير موهبة الناصري كانت في الابتدائية وثانوية تكريت في (الزغيونية) وواصل ممارسة الرسم في مرسم المدرسة، بتشجيع الفنان صابر رشيد، وكانت مواضيعه الاولى المشاهد الطبيعية والطيور والموضوعات الاجتماعية .لم تكن بغداد كمسقط رأسه حيث كانت تعج بالحراكات الثقافية، هي صدمة ثقافية لشاب جاء ليشبك في حيواتها الثقافية من رسم وطرائق معمارية واعلام ثقافية كان يعرف عنها ولم يلتقيها. كان ذلك في العام 1956، فمن تكريت الى مكوث في شناشيل بغدادية تطل على جمال دجلة مقابل القصر الجمهوري، من هناك بدأ الناصري بتحسس المكان والتعرف على اهل المحلة، بدأ الدوام في معهد الفنون الجميلة فالطريق الواصل بين بيته ومعهد الفنون هي مساحة لتأمل الباعة وواجهات المحلات والعمائر البغدادية. كان يرى الناصري كل ذلك من نافذة الباص الانجليزي الذي كان يقله الى المعهد، شاب شغوف بكل شيء يريد ان يؤثث روحه بمشهديات جديدة، اختلط بمزيج متنوع طلبة المعهد، من أبناء محافظات وتعدد في المذاهب كما لو انه امام فسيفساء من الشعوب وهذا الامر اعطاه ثقافة مهمة ومتنوعة في التعامل مع كل ذلك الخليط .
 
وثيقة بصريةحظي الناصري بفترة بغدادية ذهبية كون المعهد كان اشبه بمركز ثقافي تدار فيه النقاشات وصولا الى المنافسات بين اقرانه، في فترة الموسيقار محي الدين حيدر وفائق حسن وجواد سليم وحقي الشبلي وجميل بشير وغيرهم، تعلم الرسم على يد فائق حسن. حين تورط بكتاب كالذي سطره الناصري ندرك تماما اهمية الوثيقة البصرية المتحركة في الزمكانية، زمكانية الطائر حين يحلق ليرى ويسجل بكاميرا العين ما يخصها من احتمالات لتفكيرها الفني، فحين اقلع الناصري من مطار بغداد قاصدا الصين كان القلب يخفق بسخونة الذكريات البغدادية ليدخل في اختلافات جديدة من الهند شروعا الى امكنة مثل جغرافيا الصين التي تختلف بايقاعها وطرائق تفكيرها في الفن، كونها جغرافيا ذات ثقافة فاعلة ومؤثرة في العالم الانساني بدءا من الطعام وصولا الى قدسية الحبر وانية الحزف.كتاب يصلح سيناريو فيلم يستحقه الناصري كيفما شاء كون رحلته الجدية في الفن لم تكن عابرة بل كانت ولم تزل من صلب يومه في أي مكان يحل .وحين يواجه فنان مشرقي بايقاعات جامعة مثل بكين ندرك حجم الدهشة التي تصيب الروح والعقل معا بدءا من الاكتظاظ السكاني ووصولا الى طبيعة الازياء والوجوه .طبيعة اللغة وتعقيداتها من الايقاع وتكيفات الحنجرة التي تعودت المقامات الى تقطعات لغة جديدة اشبه بهدير قتالي لا نعرف مجراه، ففي مواجهة اختبار التخطيط في الاكاديمية المركزية للفنون الجميلة يتجلى المشرقي ليقدم التحدي الخاص به ويقبل في السنة الثالثة بقسم الغرافيك وهذا المؤشر يقدم لنا وجبة مهمة عن زيف البعثات الابداعية في كثير من الدول التي اضاعت اقتصادها على انتاج اشباه مبدعين اخذوا فرص غيرهم وما اكثرهم، وكانت فرحة الاجتياز والتحدي لاختبار لا يجامل في المسالة الابداعية، غبطة مواصلة الحلم في اكاديمية.
 
سيرة القطارات يشير الناصري الى رحلاته في القطارت التي تؤشر على مناخات ومشاهد مدهشة في الرسم والتامل والتي اعادته الى رسم الاعمال الزيتية، سيرة القطارت والاصدقاء حين تؤثث ثقافة الفنان.ما يثير في الكتاب ذلك العمل الغرافيكي (حفر على حشب) ومدى مهنية العمل ورقيه، وهو ما يثير جملة من الأسئلة، لماذا لم يستثمر كفنان يجاورنا في حياتنا ومسكننا، لماذا لا تقدم له المؤسسات الاردنية مناخه الخاص كي يؤثث فضاء هذه الساحة . ففنان مثل الناصري اتوقع ان يقيم ورشات مهمة، من الممكن الاستفادة منها وتفعيل الحوار عبر مؤسسات من المفترض ان تكون صادقة في رسالتها الفنية .هذا الكتاب اربكني لدهشتي بذاكرة الناصري الدقيقة التي يفتقدها غالبية الفنانين العرب، لا يمكن تجاوزه في زمن الشفاهية والملاسنات الفائتة.





رجوع


100% 75% 50% 25% 0%





 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM