بغداد - حكمت القيسي :الناقد الموسيقي عادل الهاشمي بعد تخــــرجه في الثانوية سافر الى القاهرة ودرس في مدارسها ثلاث سنوات وبعد عودته الى بغداد في النصف الثاني من ستينات القرن المنصرم اكمل دراسته في كلية الاداب وتخرج فيها في المطلع الاول لعقد السبعينات اسهم في كتابة البرامج الاذاعية والتلفزيونية ومارس التدريس في كلية الفنون الجميلة ومعهد الدراسات الموسيقية وقدم العديد من المحاضرات عن الموسيقى العراقية والعربية والشرقية في عواصم عربية مختلفة وله مقالات نشرتها الصحف العراقية والعربية،. التقته (الزمان) وكان معه الحوار التالي:
{ هل تعتقد ان النقد بوجه عام هو وسيلة للهدم ام وسيلة لتصحيح الاخطاء وتأشيرها في الاعمال الفنية سواء كانت موسيقية ام غنائية ام مسرحية أم تلفزيونية؟
- النقد هو تقييم وتقويم وعليه يمكن القول ان النقد في الموضوع الثاني: وهو الكتابة عن الموضوع الاول ويمثل الاختصاص العلمي والاكاديمي والثاني يمثل الحرفة العلمية للكاتب، ويعول دائما على الاول وعليه يمكن القول ايضا ان العمل له وجهان : الوجه الاول الابداع والوجه الثاني النقد، فليس هناك ابداع من دون نقد وليس هناك نقد من دون ابداع.
{ في لقاء صحفي قلت بانه (ليس هناك موسيقى عراقية بل مجرد اغاني الا تعتقد بانك ظلمت كثيراً من الموسيقيين والملحنين العراقيين ومنهم كوكب حمزة ومحمد جواد اموري وطالب القره غولي وياسين الشيخلي ونصير شمة وغيرهم؟
- ليس لدينا موسيقى ببنائها (الاوركسترالي والهارموني والكونتربودبنتي) وانما لدينا بالتأكيد قطع موسيقية وهي تغني عن التأليف الموسيقي ولاتحل محله وعليه النتيجة اننا امة قرآنية تحفل بالكلمة لذلك فننا الموسيقي يقوم على الكلمة ولايعول على التأليف الموسيقي لان اتجاهنا غنائي وليس موسيقيا.
{ هناك اعمال فنية مختلفة كالنشاط المسرحي والتلفزيوني والسينمائي ألم تتناول بالنقد هذه الانشطة ام قلمك اختص في حقل الموسيقى؟
- كتبت الكثير من الدراسات التشكيلية والسينمائية والمسرحية والتلفزيونية عبر سنوات طويلة بل حتى كتبت في حقول للشعر والقصة والادب وكتبت ايضا عن الفلسفة وعن النظريات الفكرية ولكنني اشتهرت في مجال النقد الموسيقي.
{ يقال ان للموسيقى تأثيرا في التخفيف عن بعض الحالات النفسية والقلق والاكتئاب النفسي كعلاج فما تعليقك على ذلك؟
- الموسيقى هي كونية بمعنى ان الكون الذي خلقه الله سبحانه وتعالى يقوم على التوازن والثنائية ، التوازن يعني ان كل شيء موضوع في محله والثنائية تعني انه يقوم على الضدية مثل الليل والنهار، الرجل والمرأة ، الخير والشر، الحق والباطل وهكذا، وقيمة كل ذلك تتعلق اساسا بالنسيج الموسيقي، فالطبيعة هي الموسيقى بمعنى ان الانسان الاول عندما خلقه الله سبحانه وتعالى وجد التناغم في كل شيء، فتعلم الصوت من ازيز الرياح، وصوت المطر وحفيف الشجر، وخرير الماء وكل ذلك يقع على الايقاع الموسيقي، فاذا كانت الطبيعة قد علمت الانسان بمشيئة الله الموسيقى فهي ايضا تعطي للانسان المرهم لاوجاعه وآلامه ولقد اثبتت التجارب العلمية ان البقر عندما يسمع الموسيقى يدر حليبا اكثر من البقر المحروم منها.
{ اقتحمت بعض الاصوات النسوية مجال غناء المقام العراقي امثال (مائدة نزهت وفريدة) فهل برأيك ان الصوت النسوي يجيد القواعد والاسس الصحيحة لغناء المقام العراقي؟
- المقام العراقي غناء رجالي لان فيه طبيعة الخشونة الادائية والفحولة في تصوير النغمات ولكن مع هذا فان ظهور صوت نسائي يحمل مواصفات طيبة فلا بأس من اقتحام هذا الصوت للمقام العراقي في بعض مقاماته وليست كلها.
{ بعضهم يقول ان اصل المقام العراقي فارسي وبعضهم الاخر يقول انه خليط من الفارسي والتركي فما رأيك بهذا الصدد؟
- المقام العراقي تركيبة متنوعة من مقامات اصلها تركي وفارسي واذربيجاني وسومطري وجاوي وحتى ياباني الى جانب مقامات عربية المنشأ والتكوين ولكن لماذا سمي بالمقام العراقي اذا كانت تركيبته على هذا النحو المختلف؟ لان الاداء في هذه التركيبة قد بلغ الذروة عند الحنجرة العراقية من دون الحناجر الاخرى وقد طغت التسمية العراقية عليه.
{ كيف ترى الحركة الفنية في العراق اليوم؟
- الفنان العراقي اليوم يمر بمنعطف خطير وقد يؤدي هذا المنعطف بالامال التاريخية للفن العراقي الى الدمار والتلاشي ولكننا على امل كبير بان النهار سوف ينبثق مضيئا بنوره الساطع برغم طول الليل. |