... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

  أخبار و متابعات

   
نصير شمة : ما يحصل في العراق سببه غباء بوش

تاريخ النشر       28/10/2007 06:00 AM


في الكونغرس الأميركي مجموعة ملاعين
جزء من طاقاتنا مسخّر لملاحقة القضايا العربية
ثمة مطربون عراقيون يخافون الغناء للعراق
هناك صناعة فنانات عاريات
العود هذّب علاقتي بالمرأة
الاستفزاز جعل الفنانين العراقيين يصحّحون مسارهم
أؤمن بالحوار الثقافي
لا أخاف الموت ولن أزور الكوت

فاتن حموي من بيروت: زرياب الصغير أو نصير شمة ولد من رحم العود، رسم حياته بأوتاره، همس به، انتفض معه، حاك قصصاً خيالية تصل بالإنسان إلى قمم الإحساس، واستطاع أن يعبّر عن حالة الإنسان عموماً والعربي خصوصاً من خلال مقطوعاته الموسيقية.
عوده يحكي قصة مجزرة ملجأ العامرية التي راح ضحيتها 800 طفل عراقي ويناجي "بنفسج أرواحهم"، يقول "إلا بغداد"، ويتحدّث عن "ليل بغداد"، "الفرات والنيل"،"رحيل القمر"، و"حب العصافير". في أصابعه "مقاومة"،"حوار مع الكبار"، و"نسمات عذبة"، وبين يديه "هلال" و"إشراق". هو مَن جعل الموسيقى تُرى بالعين المجرّدة، وجعل من آلة العود مجموعة من الآلات الإبداعية الموسيقية. هو باختصار يعزف ليحيا العراق.
أضاف زرياب إلى العود وتراً، وأضاف نصير وترين. نصير شمة أبدع مقاماً جديداً سمّاه مقام الحكمة ،وهو سلّم موسيقي جديد رأى فيه منطقة للروح غير مأهولة.
موسيقاه تنثر الورود فينا وتجعلنا نتناثر بين حناياها لنجمعها مجدداً على يدي ابن الكوت الذي يشرف على التدريس في بيت العود في القاهرة. إيلاف التقت نصير شمة الذي يكره التبريرات، ويعتبر الموسيقى حاجة إنسانية، والعود ملاذه الوحيد، ويرى أنّ العراق يعاني من مليون تيار بعد أن كان يعاني من ديكتاتور واحد... وكان هذا الحوار...

-هل تتحدّى آلة العود أم هي التي تتحدّاك؟
نحن واحد لا يتحدّى أحدنا الآخر، بل نحاول أن نكون جسراً تعبر من خلاله أفكار جميلة تزرع الحبّ، الفرح، وذلك الوجع اللذيذ الذي يأتي عبر الجمال. نحن آداة، جسد واحد، ومضمون واحد، آلة العود بديل عن الذراع الثالثة أو اللسان الثاني. لم أفكّر يوماً في التحدّيات، بقدر ما فكّرت بالحريّة من خلال العود.
-ولكنّك تحدّيت نفسك عبر العزف بيد واحدة من أجل الأشخاص المبتوري الأطراف...
طبعاً، فضلاً عن أفكار أخرى ظهرت. الموسيقى حاجة إنسانية وهي ليست ترفاً بل تجعل الإنسان متوازناً في زمن المكننة.
-هل تعتبر أنّ المجرمين ليسوا متذوّقين للموسيقى؟
هناك مجرمون يعملون في مجال الموسيقى، وثمة سياسيون يعزفون البيانو، وبعض العائلات المالكة تعلّم أبناءها في صغرهم كلّ أنواع الفنون كجزء من الـPrestige ، وقد لا يكونون بالضرورة موهوبين. أمّا الموهوب بينهم فقد يترك الحكم، مثل عم الخليفة الأمين الذي اتّجه إلى الغناء والتلحين.

-لكنّ أبناء الملوك مثلاُ يُظلمون فيما لو كانوا فعلاً موهوبين لأنّهم قد يُمنعون من السير مع مواهبهم بسبب انتمائهم الملكي على سبيل المثال...

الموهبة لا تقبل الخطأ، إن ظلم صاحبها في زمانه فبعد رحيله ستقيّم أعماله إذا كان فعلاً موهوباً. أحد رؤساء وزراء بريطانيا السابقين كان "مايسترو" ومؤلفاً موسيقياً، وبعد خروجه من الحكم قام بتأليف أوبرا ما زالت تقدّم عروضها حتى يومنا هذا.
-كثيرون يقولون إنّك من ألمع عازفي العود في العالم العربي، ما الذي تريده بعد وهل أحلامك أكبر من أن تحقّقها؟
أعتقد أنّ الأحلام أكبر من العمر لأنّ الحروب قضت على الكثير منها، وعلى الرغم من كرهي للتبريرات وعملي ضدّها، إلا أنّه يجب أن أقول إنّ جزءاً كبيراً من طاقاتنا مسخّر اليوم لملاحقة القضايا العربية، من العراق إلى الانتفاضتين وصولاً إلى لبنان. هذا أمر مهم لكن لو سخّرت الطاقات للفن لكان الأمر أجمل. صحيح أنّ الفن قريب من الناس وأوجاعهم، لكن يوجد أشخاص يسيرون بمحاذاة الحائط خوفاً من الحكومات. ثمة مطربون عراقيون يخافون الغناء للعراق، خوفاً من شركات الإنتاج، وبعد أن قامت الصحافة بجلدهم غنوا للعراق. هذا الأمر لا يزعجني بل يسعدني، بمعنى أنّ استفزاز الآخرين يجعلهم يصحّحون مسارهم.

الانخطاف والإعياء

-أي كلمة تدغدغ مشاعرك وتسعدك حول عزفك وعودك؟
أن يصف الناس حالتهم التي تشبه حالتي عندما أكون على المسرح، هذا أكثر ما يسعدني.
-تقول إنّك تنخطف عندما تكون على المسرح، ماذا تقصد بالانخطاف؟
هذا الأمر يحصل في بعض الحفلات ولا يحصل في كلّ زمان ومكان، عندما تكون أرواح الناس طاقة إيجابية تمنحني أجنحة تساعدني على الطيران خلال لحظات العزف على المسرح. عندما يأتي رجل أو سيدة أو طفل ويقول لي أحدهم " أنا كنت أطير".، أشعر إلى أيّ مدى تستطيع قوة الروح أن تخترق الآخر وتؤثّر فيها، وتمتزج معها أينما تكون.
-في أيّ الحفلات شعرت أنّك حلّقت مع طاقة الجمهور الإيجابية؟

في حفل بأوسلو، وآخر في كاتدرائية في باليرمو، وفي واحدة من مئات الحفلات التي قدّمتها في مصر، وفي تونس، وفي حفل قدّمته في المتحف العراقي بعد احتلال العراق عام 1991، هذا الحفل كان استثنائياً لأنّه أعاد الحياة الثقافية بعد أيام من وقف إطلاق النار في ذلك الوقت.
-كيف تصف حالتك بعد حفل ما؟
لا اشعر برغبة في النوم في ذلك اليوم، ولا أكون عادة بحاجة إلى الطعام، بل أرغب في الخروج وأشعر بقوة الطاقة التي تجعلني أرفض فكرة انتهاء اليوم، لكن وفي اللحظة التي أرتمي فيها على السرير، أشعر أنّ جبلاً سقط عني.
-ماذا عن اليوم الذي يليه مباشرة؟
أدخل في حالة إعياء وقد أحتاج يوماً كاملاً من الراحة وقد لا أرغب بقول كلمة.
-متى تشعر أنّك لا ترغب برؤية العود لأنّه يزعجك أو يحزنك؟
لم أعرف هذا الشعور قط، العود هو ملاذي الوحيد، وهو الكائن الوحيد الذي يستوعبني في كل حالاتي.
-هل خانك يوماً؟
هو لا يخون، ولكن عندما أقلّل من أوقات التمرين، أكون أنا مَن يخونه فلا يستجيب لي. وقد حصل هذا الأمر معي عندما كنت في الجيش، وفي السجن وبعد حادث سيارة لأنّني كنت مقصّراً في التمرين.
-هل يمكن القول إنّ العود هو الجزء الأنثوي عند نصير شمة؟
كل إنسان لديه الجزءان الأنثوي والذكوري، ويجب الحفاظ عليهما في الجسد الواحد دون الازدواجية. العود مساحة من الجمال الذي يرتبط بالمرأة بشكل كبير، إذاً هو جانب أنثوي.
-هل حال العود بينك وبين المرأة أم كان عنصراً مساعداً في علاقتك بها؟
لقد هذّب علاقتي مع المرأة، وساعدني على رؤية الأشياء بشكل أجمل. لم أعد أهتمّ للشكل الخارجي للمرأة بشكل أساس لأنّه يحتاج إلى بوابة عميقة فكرية وروحية وتهذيب ومنطق، ويصبح الجمال صورة فوتوغرافية جميلة فقط.
-لماذا تغيب حفلات نصير شمة عن شاشات التلفزة؟
قد يكون وضعي أفضل من غيري، إذ ثمة موسيقى مهمة تغيب كلياً عن الشاشات، باستثناء قناة أو اثنتين. موضوع التقاليد الموسيقية لا يزال بحاجة إلى الوقت. ثقافتنا غنائية وليست موسيقية، ليس لدينا إرث موسيقي أي آلي، ما يدفع الشباب الذين يتعلّمون الموسيقى إلى الإحباط. هناك صناعة فنانات عاريات يكتسحن المجال الفني، إلا أنّ الذي يؤمن أنّه اختار طريقاً صعباً عليه أن لا يشعر بالإحباط . وعلى الرغم من التصنيفات التي تُطلق عليّ، يبقى أن حفلاً لأرخص فنانة أغلى بكثير من خمسين حفلاً قدّمتهم في العالم. لكنّ هذا الأمر لا يزعجني لأنّنا نريد أن نبني ثقافة جديدة لذلك أسّست بيت العود وفروعاً له، وطلابي أصبحوا عازفين يدرّسون غيرهم. أؤمن أننّي لا أستطيع القيام بكل العمل وحيداً، وإذا كنت ناجحاً يجب أن أصنع أمثلة يُفترض أن تكون أفضل مني، وهذا حلم من أحلامي.
-كيف تنظر الآن إلى أحد أحلامك الذي هو في طور التحقيق في ما يتصل بالأوركسترا التي من المتوقّع ان تضم 60 عازفاً في المستقبل؟
العود ليس الأهم وتفرضه الضرورة، أي ضرورة الأدوات الموسيقية وتوزيعها الفيزيائي كصوت، الآن اكتملت آلات العود، القانون، الناي، وسنعمل على البزق، السنطور (آالة عراقية موجودة في فارس ورومانيا، وهي عبارة عن نصف جوزة هند وتحمل أربعة أوتار)، وسنأتي ببعض الآلات من باكستان والهند. في الوقت الحالي تجاوز عدد العازفين الـ35 ومع دخول 6 آلات جديدة سيتخطّى العدد الأربعين.
-مَن من عازفي العود يُمتعك بعزفه؟
أستمتع بأي عازف عود يتقن أدواته بشكل جيد ويقدّم عملاً بمهارة. أستمتع بطلابي أحياناً كثيرة. أبحث في كلّ بلد أسافر إليه عن الموهوبين وأستمع إليهم بشكل مطوّل.
-هل تصلك طلبات تلحين، وكيف تتعاطى معها؟
لا ألحّن بالطلب بل بالمزاج. يجب أن أكون راضياً عن الصوت أولاً وتهمّني مواصفات صاحب الصوت والنص طبعاً يهمني، وأيضاً تهمني الألحان التي سيكون لحني إلى جانبها في العمل نفسه، ولهذه الأسباب أنا مقلّ جداً في هذه الناحية.

العراق من ديكتاتور إلى مليون تيار

-تقول إنّ الشعوب العربية تتفاعل مع قضايا الآخرين ومع قضاياها ولكنّها بحاجة أن تقبل التضحية حتّى تتمكّن من الخروج من كبوتها... ما الذي تقصده بكلامك هذا؟
للحرية أشكال كثيرة ولا تقتصر فقط على حرية التعبير، حين صنع العالم حريته صنعها من خلال تضحيات بشرية كبيرة، إذاً هي بحاجة إلى ثمن تدفعه الشعوب. أمّا في العالم العربي فإنّ الأمور تسير بحسب النيّة، لدينا نيّات حسنة ولكننا لا نريد التضحية.
-ماذا تقول لبلدك الجريح وكيف ترى مستقبل العراق وكيف تصفه؟

أعتقد أنّ هذا السؤال يوجّه إلى الخالق فقط لأنّه لا يوجد مخلوق على الأرض يعرف مستقبل العراق، لأنّه يعاني من مليون تيّار ومليون مرجع بعدما كان يعاني من ديكتاتور واحد.
الأزمة التي اندلعت في العراق تأخذ المنطقة إلى فتنة طائفية، وكلّ الدول العربية هي خليط طائفي، وبالتالي إذا لم يتمّ تطويق الفتنة في العراق فإنّها لن تطوّق في بقية العالم العربي. سبق وتحدّثت مع بداية الاحتلال الأميركي للعراق عن مشروع لتقسيمه ومن بعده المنطقة برمتها، واليوم وُضع هذا المشروع على سكّة التنفيذ، بعد قرار الكونغرس الأميركي الذي يضم مجموعة ملاعين تحكمهم مصالح صفقات الأسلحة والمصانع. والخليط اليوم هو وجود دول عربية وإسلامية تصب الزيت على النار انتقاماً من أميركا ولتصفية الحسابات معها. لا يوجد سيادة في العراق طالما أنّ هناك جندياً أميركياً يفتش أيّ مسؤول عراقي قبل دخوله إلى مكتبه. الوضع في العراق يشبه مَن يبلع الموسى فهو غير قادر على الاستمرار في بلعها وغير قادر على لفظها إلى الخارج. وكل ذلك بسبب غباء بوش وسياسة القوة.
-ماذا عن مشاركتك في الحفل الذي أقامته السفارة الأميركية في القاهرة ؟
أقامت السفارة الأميركية في القاهرة حفلاً لإصدار أسطوانات حول لقاءات مع السنباطي وعبد الوهاب ومجموعة من رموز الثقافة، ودعيت لهذا الحفل وشاركت فيه، وقد البعض استغرب مشاركتي لأنّني معروف بسياستي المعارضة لأميركا، قلت إنّ هذا الأمر هو المسألة الوحيدة التي أقبل بها وأعني بالأمر الحوار الثقافي الإبداعي، أمّا إذا أرادوا القوة فليذهبوا إلى العراق.
-هل يعطي الحوار الثقافي مفعوله؟
ما زال مخرجاً مهماً جداً. عندما تتّسع مساحة الجمال والحوار الثقافي، يحسب السياسيون عندها الحساب لهذا الحوار، الذي يشكّل تمازجاً في الطموح الفكري والثقافي، ويصبح من الصعب فرزه بالحرب، خصوصاً وأنّ صوت المثقّف الواحد يعادل ملايين الأصوات لأنّ وجهة نظره مسموعة ومتداولة ومن الصعب تجاوز هؤلاء.
عندما زرت الولايات المتحدة في التسعينيات، كان يتجمّع حولي في كلّ مدينة مجموعة من الشعراء والمسرحيين الأميركيين، وشكّلوا مجموعة كانت من أهمّ مجموعات الضغط على السياسة الاميركية، إذاً هناك تناقضات لا يكشفها إلا المثقّف ولهذا فإنّ لقاء المثقّفين قد يخلق أشياء كثيرة، قد لا تكون عملاقة لكنّها قد تُجدي، خصوصاً وأنّ بعض السياسيين يؤمنون أنّ الحوار الثقافي والإبداعي هو أفضل حوار وأفضل من استعمال القوة. ماذا لو صُرفت الأموال التي صُرفت خلال الحرب على العراق على أفريقيا؟ ألم يكن بمقدور هذا القارّة أن تتحوّل إلى جنّة؟
-نصير شمة ابن الكوت، هل تفكّر بزيارتها وهل تعتبر الزيارة انتحاراً في هذا الوقت؟
لا أخاف الموت، بدليل أنّني كنت في الجزائر منذ فترة، وجئت إلى لبنان الذي يعيش أيضاً فترة صعبة (أحيا أخيراً حفلين على مسرح بابل في بيروت). لديّ انتقادات على الأميركيين وعلى مَن يتعامل معهم، ما قد يعرّض حياتي للخطر في أيّ لحظة، ولا أريد أن أحمّل أهلي عبء هذا الخطر من جديد، خصوصاً أنّهم سبق وتحمّلوا الكثير من الألم خلال فترة سجني والحكم عليّ بالإعدام، الأمر الذي أدّى إلى وفاة أمّي بعد عارض صحيّ.

ليل والعود

-أخبرنا عن ابنتك ليل وكيف هي علاقتها مع العود؟ (نصير متزوج من شاعرة سورية معروفة تُدعى لينا الطيبي)
عمرها أربع سنوات، وتحب العود بشكل كبير، كان لديها عوداً صغيراً كسرته لذا عاقبتها وحرمتها منه حتى تعرف جيداً كيف تحافظ عليه. أنتظر كي تقوى أصابعها حتى أعلّمها العزف، ليل تحب البيانو والعود.
-هل يجب عليها أن تحب العود؟
لن أقرّر عنها بالطبع، ليل تتابع الحفلات الموسيقية، وفي كلّ مرة تحب آلة جديدة، ولكن مهما تكن الآلة التي ستعزف عليها يجب أن تتعلّم البيانو في البداية ولها أن تختار ما تريده.
-لماذا سميتها ليل؟
الليل هو صديق الإبداع ، ومن خلال تجربتي الشخصية فإنّ ما كتبته من مؤلفات كان في الليل أمّا التمرين ومكننة الأصابع والتكنيك ففي النهار.
-أخيراً ماذا تقول لنصير شمة؟
الطريق ما تزال طويلة كي تحقّق أحلامك وأدعو الله أن يعطيك العمر كي تحقّق حلمك الكبير في العراق.






رجوع


100% 75% 50% 25% 0%





 

بحث :

Search Help


دليل الفنانيين التشكيليين

موسوعة الامثال العراقيه

انضموا الى قائمتنا البريدية

ألأسم:

البريد ألألكتروني:



 

 

 

 

Copyright © 1997- IraqiArt.com All Rights Reserved.

 

 

Developed by
ENANA.COM