ينظِّم مركز فنون «كريكل» في مدينة «هيمس كيرك» الواقعة غرب هولندا معرضاً مشتركاً للفنان العراقي حسام كاكائي والفنانة الهولندية إيرينا فان در نوت. يستمر حتى 13 كانون الثاني (يناير) وتتحدث الناقدة خوني إيزرمان عن كلتا التجربتين الفنيتين في لقاء. وتقتصر مشاركة الفنانة الهولندية در نوت على عرض بعض الأعمال البرونزية وقطع السيراميك التي أنجزتها على شكل منحوتات صغيرة ملونة. أما المشاركة الرئيسة والكبرى في المعرض فهي للفنان العراقي الكردي حسام كاكائي بإثنتين وأربعين لوحة مختلفة الأحجام والتقنيات.
والجدير ذكره أن تجربة الفنان حسام كاكائي غنية في موضوعاتها المتنوعة، وعميقة في منحاها الذهني التخييلي، ومفهوماتها البدائية التي تحاكي الحس الفطري، والفلسفة الطفولية لرؤية الكائنات والموجودات التي تزدحم بها الأرض.
ومن ضمن التقنيات والمعالجات الفنية التي يستعملها كاكائي في مقارباته الفنية العديدة في هذا المعرض تقنية «لبكتوكرافي» أو الكتابة الصورية، وهي التقنية نفسها التي يستعملها شقيقه الفنان صدر الدين حمه الذي يُعد مرجعاً تشكيلياً أعلى للأسرة الفنية المكونة من ثلاثة تشكيليين ومصور فوتوغرافي.
تزدان السطوح التصويرية للفنان كاكائي بكائنات غريبة اجترحتها مخيلته المجنّحة. وعززها بعدد غير قليل من الرموز والإشارات البدائية التي تُشعر المتلقي بأنها تنتمي فعلاً الى العوالم البدئية أيام كانت الطبيعة عذراء بريئة لم تمســسها يد الإنسان بعد، ولم تتحرش بها وسائل المكننة الحديثة.
ونتيجة لاكتظاظ أعماله بالمرموزات والأشكال الفنية البدائية بدت كل لوحة على انفراد وكأنها «سبورة» أو لوح كتابة أسود مملوء بالصور المعبرة التي جادت بها قريحة طفل يقف عند حافة الجنون. فالكتابة الصورية قد تتحول الى حروف أو أشكال غريبة صعبة التأويل، وعصية على الاجتراح ما لم يتوفر مبدعها على خيال فني كثير الشطحات.
ومن التقنيات الأخرى التي استعملها الفنان في هذا المعرض هي مجموعة من الأعمال الفنية القائمة على التضاد اللوني الصارخ بين اللونين الأسود والأبيض، وقد نفذها بالحبر الصيني على الورق لتقترب كثيراً من تقنيات الحفر على الخشب. تحتشد لوحات الفنان كاكائي بكائنات عجائبية وأشكال لا يمكن التعرف إليها أو الإمساك بها لأنها يمكن أن تُحال بسهولة الى أشكال حيوانات أو نباتات تنتمي الى عالم سري وغامض ومجهول تماماً. تنقسم عناوين اللوحات قسمين رئيسيين لا ثالث لهما. فإما هي عناوين طفولية بريئة مثل «عصفور أبيض»، «أشكال طفولية»، «شارع في مدينتي» أو عناوين فانتازية لا تخلو من معانٍ مجازية أو فذلكات لغوية من قبيل: «حلم أحمر»، «فنتازيا الجنة»، «النكوص الى الماضي»، «مشاعر محتدمة»، «أشكال مستوحاة من ذاكرتي الغضة».
|