حسبت أن ثمة أسباب خاصة لتقييم جدارته في الفن التشكيلي ، ومكانته في الفن العراقي المعاصر ليكون متقدما ، على أقرانه في زمانه ليسهم مع الكثيرين بان يكون له دور متميز ، وشامل من خلال معارضه الشخصية التي رحل عنها في وقت مبكر من قمة عطائه الفني ، والآن أجد صعوبة مبالغة في تحليل نتاجاته الفنية في الرسم المعاصر ، ولهذا واكبته عن قرب في أكاديمية الفنون الجميلةكونه شديد الإحساس في نتاجاته عندما القيام برسم اللوحة كانت تحمل عدد من المعاني ، وتعطي نوع من انسيابية في البساطة وعدم وجود تكلفة في التخطيط أو بقع الألوان سوى رسم لوحة ابنته المرحومة ، وهي الوحيدة التي كانت قد سجلت نوع من التغيير في تجربته الفنية من خلال رسم معالم المرض الذي أصابها في تلك الفترة ، حيث لم تكن جديدة كان قد سبقها تجربة المرحوم الفنان ( كاظم حيدر ) عندما رسم لوحته الشهيرة مستوحاة من الوضع الذي كان فيه في المستشفى .
هذه الاهتمامات المكثفة من قبل الكاتب هي الحقيقة لم تكن خصوصية ، لدى الفنان الهنداوي وإنما يبدو لي كانت ضمن اهتماته وحبه لهذه البنت الجميلة والذي استطاع إفراز ، الأفكار وان تبدو مطروقة ولكنها لم تغير مسار الهنداوي في الرسم العراقي المعاصر ، من جملة الأمور الأخرى كانت هناك اهتمامات لديه في أن يلقي الضوء كثيرا ، حول القيام بمعارض شخصية كونه يوسع معالم التقييم من خلال نتاجه الفنية . انه احد الفنانين المعاصرين الذي يمتلك قوة في الخط المرسوم ولديه قوة على تحمل مكابدات ، كان بوسعه التخلص من المكابدة ولا تجاوزها كان يجذب نوع من الألم إلى نفسه ، ولكن ماذا كان بوسعه ان يفعل بتلك القوة الايجابية في التخطيط ، والذي حاول بها مرات عدة أن لايذهب إلى الإفراط لا في الخط المرسوم ولا في الإفراط في الألوان ، ولكن كان هناك إحساس رقيق يمتلكه وقوة الشخصية كان لها التأثير المناسب في إفراز أفكار متجددة ، يشغلها في كل معرض من المعارض الشخصية ، هذه أراها نوع من المعاناة حتى وان كانت ايجابية في إيجاد نوع من السعادة البالغة ، وإنما طريق معاناته كان طويل إلى اليوم الذي انتقل فيه الى دنياه في الآخرة .
نزار الهنداوي يرفض دوما ماهو طبيعي ، وخصوصا في معرض قاعة ( حوار ) في منتصف التسعينات لتكن بعض من لوحاته ، فيها أفكار من المدرسة البغدادية للتصوير وتخطيطات الو اسطي ، كان هو الآخر قادرا على ان يكيف نفسه ، الى العالم الواقعي الذي يرفض المصاهرة مع المفردات التي تبدو قديمة بعض الشيء ، ولكن الأمر هنا قوة امتلاك للإدراك في الحس المشترك الذي يبدو لي إحساس ذات مغزى صحيح في الأفكار ، براعة التخطيطات بالشكل والسماح للألوان في أن تأخذ انسيابية ، بكمال النظم والترابط المنطقي الظاهري قد أعطى للفنان نزار الهنداوي ، حالة فكرية متجددة وليست نهائية كانت هناك إشارات وجدتها ، من فنانة شابة مقيمة في سوريا الآن تأخذ نفس المسار وربما المكمل للفنان الهنداوي وكتبت عنها موضوعا سابقا انها ( الرسامة حنان جبار ) والذي يبدو لي انها امتلكت الشكل والانسيابية وهنا الموضوع ليس تكرار لتجربة ، وإنما تكملة للحدس والعناية بإشكال التخطيط وانسيابية الألوان ، هذا الموضوع ليس وجه للمقارنة وإنما هو جهد داعم كان مختفيا عن الأنظار .
ليس من اليسير تحليل نتاجات الفنان بقدر ماتكون هناك نوع من أفكار يحفظها الهنداوي بعناية واسعة ويفرزها على النتاج ، الى الحد الذي يصل به إمكانية في الصنعة الفنية التي قلما يمكن الإفراط بالأفكار وخصوصا فن الرسم ، هذا الإبداع التشكيلي في زمن كان الفن متعطش الى حالات الإبداع جدير بان يجعل الهنداوي بنتاجاته يمثل نقطة تحول في الرسم العراقي المعاصر كون لوحاته ، وأفكاره ولغته الفنية اقرب شيء للتجديد الأكمل الذي يجربه الكثير من الفنانين الشباب ولكن إذا الهنداوي أنموذجا في التخطيط وانسيابية اللون ومصدرا لاستنزاف افكار تذكرنا دوما بالاحترام والنبل والإخلاص .
|