|
|
محمد مهر الدين.. يحك جسد اللوحة ليكشف عن المختبىء في اللون |
|
|
|
|
تاريخ النشر
03/01/2007 06:00 AM
|
|
|
يقدم الفنان العراقي المعروف محمد مهر الدين تجربة جديدة في غاليري دار الاندى ذلك أن هذا المعرض يؤكد تجربة الفنان من خلال انحيازه للموضوعة الجمالية الصرفة التي لا تعطي بالا لما هو معروف. وقد ظل مهر الدين مخلصا لتلك الافكار المثيرة للجدل والتي تعطي متلقيها مادة تجمع بين الطلسم الكتابي وبين فضاء التصميم الممزوج بمادة الرسم ليقدم لنا مزيجا لا يشبه الا مهر الدين تلك التجربة التي لاقت تفاعلا من نوع خاص في الساحة العراقية . لقد اتقن مهر الدين الرسم الاكاديمي بصورة فائقة منافسا بذلك الفنان الراحل فائق حسن لكنه سرعان ما انتبه الى ذلك الفضاء المغلق في رسم المشهد المرئي ليذهب مباشرة الى افكاره الانسانية والعاطفية التي تحمل حسا فرديا وجمعيا ، وفي نفس الوقت هذا الانزاياح للفكرة جعل منه فنانا متفردا في مادته وافكاره لتصبح لوحته علامة من علامات الفن العراقي الحديث ، فالباليته لدى مهر الدين باليته متحركة وغير تقليدية تشبه ادوات المهنيين فقد استخدم الاخشاب ليحك جلد اللوحة وسكاكين الطبخ وكذلك الريشة واللون واللصق والمعاجين لذلك نرى الى عمل يقدم مخبرا بصريا في المادة وفضاء اخر من التأويل المتبدل والحيوي. لم يمكث مهر الدين في النظريات المتعارف عليها بل ظل يستحدث نظريته الخاصة في تبدلات التكوين وحل المشكلات واصبح خبيرا في اعطاء العمل مهمة ذات طابع حداثوي حتي وهو يعبر عن موضوعة سياسية مثل الحرب حيث يعتبر مهر الدين اللوحة بكاملها عملا مضنيا يتحرك من الاطراف والوسط والهامش حيث تبدو الحركات والخطوط والالوان والكولاج والكتابات والارقام مادة حيوية للعناصر التي يستخدمها مهر الدين في عمله الفني وظل الفنان بعيدا عن مساحة الثرثرة البصرية ليقدم نصا بصريا مقطرا نستطيع من خلاله ان نثير مجموعة مهمة من اسئلة اللوحة الجديدة التي تتواكب مع ما يحدث في عالم الفن فلم يتحجر عند موضوعة بل ظل منشغلا بجماليات تخصه مؤثرا بجيل عراقي كامل من الشباب . فعلى سبيل المثال لم يكن الحرف لديه له دلالة المعنى المقروء بل وظفه كجسد جمالي يخدم حساسيات السطح التصويري وكذلك نرى الى الارقام والاشارات والنقاط المتوالية في الحضور . وفي الجانب الاخر يقدم مهر الدين صاحب الاعمال الدقيقة والمحسوبة في كل مساحة فيها مادة انفعالية تعبيرية من خلال الخطوط العنيفة التي تكسر صمت التكوين الاقرب الى المادة الغرافيكية . ان العمل الفني لديه هو مادة لاختبار المساحات ووظائفها الجمالية يحققها عبر اكثر من اداة حيث يحك جسد اللوحة ليكشف عن خط او مساحة لونية مختبئة خلف قناع المعاجين وكذلك يفعل في الكولاج ليخفي مساحة كانت قبل لحظة في وظيفة مختلفة فنان يدوزن اشياءه ليقدم مقطوعة موسيقية ذات فواصل زمانية معقدة .
الدستور - محمد العامري
|
|
رجوع
|
مقالات اخرى لــ محمد العامري
|
|
|
|
|
|
انضموا الى قائمتنا البريدية |
| |
|
|
|
|
|