( الى مي مظفر شاعرة وانسانه بالحلم ..كان لابد ان نختصر الطريق الصعب الى غرين غاليري ) * ندخل في خطوات .. نرمي عدة التأمل والتماهي سبع بوابات لاتكفي اذ تحولت الأيام الى ابواب لانهائية .. كل مطرقة من فضة .. كل مقبض من فضة .. حتى غدا الأنتظار عند البوابات ضرب من الأمل المستحيل .. يأخذنا اللون اليه ، هنا ، عند ( بوابات ) الأمل .. لندخل مأخوذين. * لايكفي نقاء رافع الناصري وحده لنقول بحكمتنا عن التطهر الذي تمنحنا اياه تجربته الفنية .. ان قراءة مضامين تجاربه الفنية الثرية ، سوف تفضي الى اكتمال صيغة الحلم اللوني الذي اجترحه الناصري في اعماقنا زمنا ، وقد حمل عدته منذ عقود .. مشرعا تجاربه التي لم تكتف بنزوع فرداني عميق ومؤثر بأعتبار الرسم اشكال ذاتي .. بل اشتملت على اتجاهات مرسومة لآخرين اختاروا مواقعهم ايضا عبر معاصرة وتأثر .. ودراسة . * في غرين غاليري بدبي تعلّق لوحات رافع الناصري الآن .. وقد غاب الفنان العراقي بفعل الحدود ثمة مايجعل السؤال صارخا.. اذ كيف يمكن ان تكون الحدود .. مانعا للأبداع !!
فوق البيانو القديم ببغداد ، وهو يحكي قصة المدينة التي استضافت الموسيقى والأحداث و العصور.. تجلس لوحة رافع الناصري الكرافيكية الوحيدة بلونها الصحراوي متأملة وجوه الحضور كل مساء .. اعتنيت ان اضعها هناك تعبيرا عن صلة خاصة ؛ رافع في وجداني الذاتي شيء آخر يصعب القول به ، انه رمز لثقافة مدينة .. ووطن . وفي كل مرة شئت ان اكتب .. تفجؤني كتابات .. ورؤى لآخرين تجعل سحر القول والكتابة صعبا .. وخاصا .. وكتوما الى حد .. انها صلة صوفية قائمة على تجليات .. ورؤى .. وذكريات . * يرسم رافع الناصري لكي يمارس اركيولوجيا اكتشافنا ، في بلاد كتومة نأت فيها المسافات وتغيرت الوجوه وتوالت اجيال .. معرفي هو .. وهو يباشر خطاب التجلي على واجهة خامته ، من الحبر الى الزيت .. ومن صنوف الورق .. منذ اكتشافاته الصينية .. الى القماش وقد اختبرت يداه كل خامة . وحين ينعكس فعله الكرافيكي على – ميكانيكية الآلة الحجرية القديمة يضفي الناصري روحا تستخرج من بين رحى الآلة .. نقوشا وايقونات .. ورموز هي ثروة تجربته المديدة . *
التأويل مفتاح بوابات الناصري واعماله ، كل افق بصري مرسوم هو مغامرة لفكر يتعلم خبراته من تأمل حي لأعمال تخفي كل ظاهر حتى ان فنتازيا التأمّل هنا تفترض قدرة فكرية عميقة على فك جوهر النصوص .. كتلا .. وكوى .. وثيمات .. وجذور. ان روح رافع الناصري وقد اختصرت الشرق ، تعيد ابتكار ذلك الشرق عبر رؤية وتقنية ليد استبدلت الأحتراف بالمعرفة .. وهكذا صارت بوابات الدخول الى تجربته فعلا معرفيا لاغيا لكل عناوين برّانية .. الى حيث خطاب الجوهر الملغّز العميق.. * الجمال عند رافع الناصري ايمائي .. والمعنى يظهر طاقته الأيحائية .. والرموز تفضي الى مدلولات كان اختزلها فينا من اسهابات تصويرية في تجارب الرسم السالف الى تكثيفات لقرون من وعي وارث بعيد شكلا معا معرفتنا اللونية بأستمرار. وهو ، ببساطة المعلّم ، دون تنطّع او وصاية ،يأخذنا الى منطقته .. الوعي الممكن دون لغة او تكرار ، ثمة دربة على الأختصار نتعلمها من بحثه الكثيف وخلاصاته النهائية . شغله الفني لايصلح كفرجه لأنه نبش وتأصيل .. وارهاق لوسيلة التقصي ، فهو لايقول المعنى .. ولايقص روايته ، بل يرمي رموزه على سطوح مفتوحة .. ومساحات مطلقة للفكرة الباهرة والتقنية الخبيرة .. والرؤية الغامضة .. * شعريته تعيد صياغة مكانة اللوحة بعد ان صنع التجريد اشكالات الحداثة وردودها .. وسطوته انه اعطانا قدرة القول وثراء المعنى لكي نكرس التجارب تجاربه هو وجيله الجميل .. بحيث تغدو مراجع تجاربنا الثقافية .. وتلك مزية البساطة التي يرمي بها رافع الناصري خلاصاته البصرية ، كخصوصية معرفية .. وخصوصية تشكيلية .. * وبوابات التي تعرض اوئل ديسمبر / كانون الأول 2008 في دبي ترمي افضيتها الثنائية في ايحائها الشفيف وتفجرها المفاجيء .. وقد اختصر تجارب فنية متعددة : الكرافيك الرسم ، الأرتبوك ، الكتابة التشكيلية ، والنقد ايضا . انه يرمي بساطته الموحية الرصينه – اليس هو المليء بالمعرفة وبحكمة السنوات والخبرة كما ترمي اللوحة خواصها في التلغيزات والثنائيات والمراجع ، ودائما هناك شرق لندخل اليه .. وبوابات هي فنتازيا تجربته حيث يحول شرقيته الى هوية معرفية لنا لكي نبصر التجارب العالمية الأخرى ، وبهذه الطريقة تكون هويتنا محتملة ، ومعرفتنا معرّفة لأن رافع الناصري أرّخ لمعارف الشرق.. ولخص عمقه الرافديني السحري فينا ايضا .
* يشغّل الحدس بأقصى حد .. ويؤطر المطلق .. ويختصر ألأسهابات ، أليس السحر الشرقي غير تلك الدلالات الصوتية والأختصارات والرموز.. والبوابات عنده اليوم كأفضية .. يحمل عنها رافع الناصري ارثا وذاكرة .. وهنا يحاول ان يمنحنا الفرصة لندخل عالما سحريا واعدنا ومعوضا عن سجوننا الصغرى .. وعن فراديس مفقوده .. وكان ينبغي لهذه الأبواب ان تنفتح دون حدود كما تقول دعوة غرين غاليري في دبي .. لكن السؤال معلقا حيث يضفي رافع الناصري دهشة السؤال .. فاتحا ابوابه لصفوة من الزوار والمهتمين .. هناك عند الرمل .. والخليج العربي .. وشمس الصحراء . تاركا فضاء اللوحة ليسمينا .. ويطلق بصيرتنا .. دائما . |