" كل شيء يدور حول الحرب" هذا ماقاله احد زملائي ليس اسفا وانما مجرد ملاحظة.
ومع هذا فهو قول لايخلو من المبالغة وبلا شك ان موضوعة الحرب هي الغالبة في التأثير وليس في الكمية كعمل الفنانة أميلي براينس التي رسمت جميع الامريكييين الذين ماتوا في العراق وافغانستان لحد هذه اللحظة على الورق والكارتون.
الفنان الاسرائيلي المولد تومر جانيهار عرض سلسلة صور فوتغرافية لدمى بلاستيكية بحجم الانسان وهي مقطعة الاشلاء اثر اطلاقات نارية او انفجارات.
غابريلا باسيليكو تعرض صورا فوتغرافية للدمار الذي خلفته الحرب في بيروت عام 1991, الصور قديمة زمنيا لكنها ماتزال حدث الساعة. الفنان العراقي المولد عادل عبدين, ممثل فنلندة في قسم دول الشمال, يعرض عمله (فيديو) تحت عنوان رحلات عبدين, مكتب سفريات فيه رحلات غير عادية في بغداد.
باولو كانفاري يعرض عمل فيديو لصبي يلعب بجمجمة انسان ككرة قدم بعيدا عن احياء بلغراد المدمرة. والقائمة يمكن ان تطول وتكون مملة احيانا على كل الاصعدة كما في منحوتة ليون فيراريس المعلقة فوق صليب المسيح بجوار طائرة حربية امريكية.
ومع هذا استطيع ان اقول ان هناك وجهات نظر مشتركة لدى الفنانين رغم اختلاف وسائل التعبير. يقام البينالي تحت عنوان " فكر بالحواس, واشعر بالعقل" وهذا العنوان ينطبق قطعا على كل الاشياء, يبدو وكأنه غير مشخص او ثانوي على الرغم من انه يناسب قلة من الفنانين من بينهم السويدي فيليكس جميلين في عمله التركيبي " ادواة وقواعد" الذي يصور فيه العالم واللاتشخيصية. اقسام الدول المشاركة تمتد على طول متنزه المدينة مع معارض لفناني القرن التاسع عشر كمثل اعلى, ونلاحظ ايضا بروز بلدان ليس لها تأريخا فنيا طويلا كبولندا وهنكاريا وكوريا. هناك ايضا جناحا لأعمال الكلاسيكيين الجدد التي لم تعد تؤثر فينا كأعمال السوورث كيلي وروبرت ريمان ولويس بورجويس وجيرهالد ريشتر في القسم الكلاسيكي والاثري الايطالي في جيارديني الذي ذكره دانتي في كتابه " الكوميديه الالهية" .
يبدو مكان العرض الرئيسي واقسام الدول المشاركة وكأنه ورق لعب موزع بعناية ولكل ورقة قوتها وضعفها بمشاركة ثلاثة اقسام جديدة في ارسنلان كالقسم التركي والصيني والأفريقي اي بلدين كبيرين وقارة طالما اثرت في كل المجتمعات. قوميات ملونة في ملعب العالمية , قرية عالمية هادئة وخيالية, منبثقة اصلا من الفنون الغربية وتقترب كثيرا من موضوعة موجهه (الحرب).
حتى فن العمارة يمكن ان يكون موجها عقائديا كما هو الحال في القسم الالماني الذي اعاد بنائه هتلر عام 1938 حيث نرى الفنان ايسا جينزكن يحتل المكان بسقالته وكأنه يعلن ان المانيا تعيد قوتها, وماتزال الامكانية موجودة للبلدان المشاركة في استخدام شعاراتها كما هو الحال في القسم الروماني الذي افتتح هذا العام لشعب بلا امة.
تماما بلا مفاجئات او خيبة امل يستدعي البينالي الوقت والعمق في التحليل, ليؤدي في النهاية الى نتائج عكسية وانطباعات متباينة بين قوسين او ادنى من معادلة الجيد والاجود. استوقفني طويلا واثارني رغما عني عمل الفنان الايرلندي جيرارد بايرن "فيديو" الذي يصور فيه نقاشا بين سبعة من كتاب الخيال العلمي حول كيفية حياة المخلوقات اللاارضية وطول عمر الانسان على الارض وعالم اجمل. هذا العالم الوردي الساخر البينالي ينزلق من بين يدي المتلقي, اين كنا قبل بضعة عقود واين نحن الآن, انتماء المستقبل الى الحاضر, والذي نعيشه اليوم ليس حاضرا وهو ليس فقط تصنيفات الاجيال وانما هو شيئا جديدا ننجذب اليه.
توضيحات: * ترتيب بينالي هذا العام هو الثاني والخمسين بمشرفه العام روبرت ستور.
97 فنانا مشاركا ينحدرون من 76 امة يعرضون اعمالهم في 40 قاعة في المدينة وجزرها لغاية 2007-11-21.
اتخذ قرار افتتاح البينالي الاول عام 1895 من قبل الفنانين الذين تعودوا انذاك ارتياد مقهى فلورين التي تأسست عام 1720 ولاتزال قائمة الى يومنا هذا. تقع قاعات العرض الرئيسية في متنزه المدينة في جيارديني وارسنلان.
مايكل اولوفسون مصدر المقالة:
ترجمة واعداد: احمد بجاي |
