بهذه الطريقه يرى سلام الشيخ الى الماضي الذي نفض منديله الأزرق العتيق امام عينيه..
والى سفن الموج التي ظلّت تؤاخي اشارات الشواطي وكأنهما علامات للبحث عن نهاية الطريق المجهول ليطل الفنان من نافذته المستعاره ويروي قصة اغتراب رموزه واشكاله وتشتتهما في استلاب السنوات.. حيث يتجسد الزمن على بياض لوحه او ورقه او ذاكره مفتوحه..
*
في تعبيريته التي القت تجريدات شارده لسنوات ، يروي سلام الشيخ حكايته
منذ ان غدا التجريب والبحث ركنا تجربته المتنوعه والغنيه ..
لقد امضى فضاء السنوات في الدراسة والبحث جاعلا من الرسم و التصميم والطباعه اكتشافا لأناشيد التجربه التشكيليه وتحديا لطبائع الهجرات تحت ابجديات التهديد والموت لوعد الرسم .. تلك الأبجديات التي احترفها جدل الزمن الرافديني الفائر طوال عقود ..
ومثل البحث في فراغ الهويه عن ثراء الأثر يوم كان المحو طريقا لأفراغ الماضي من كنوزه لتضل الأشياء طريقها ويستلب اهلها .. رآى في تنوع التجارب التشكيليه ان للرسم مرجعيته .. و قصد بذلك طريقته ليكون خاصا ومليئا دون تعثر او فراغ .
*
تجريداته الأولى ، حنو احمر على مدار هلال المرأة وموضوعاتها الشائكه ..
كان يبتكر غيمة الوجوه المجرده والأجساد من حول حضورها في استدارات .. وتكويرات ، تخرج من الشبق والأشتهاء والوله الى نمط من جهد احاطة العقل بجوهر المرأة حين يخدم العقل الحواس .. او يطلقها مثل خمرة لمعرفة هاربه من ثيابها ومخابيء خشيتها ودلالاتها .
المرأة مرجع وجود وايحاء لفضاءات اللوحه الطليقة .. وحيرة الذاكره وتبعثرها .
الأسلوب هو حضور تابع ، عنده ، وليس مبتغى اقصى منذ توقفت النهائيات في بنية احكام الفلسفة ومنجز الفكر وحريّة الرسم كمنجز شخصي .. وحيث يصير الرسم ثراء الخصوصية وتجربتها المكرّسه اختار سلام الشيخ البحث في اسئلة همومه .. واهتماماته : اليس الرسم نبؤات لأحتمال خطوة في اثر المجهول مثل مغامره قلب كدود ..
*
يفتت سلام الشيخ اشكاله محاولا ابتكار فكرته عن اللوحه ويعدد احتمالات انشاءاته في توازي خياراته لموضوعات ربما لم تكتمل دورتها لديه .. تأثيرات الليثوغرافيا ..واغلفة الكتب ..ومباديء التصميم لاتتيح له فرصة اختزال ثروته لذلك يكرر او يعيد في اشتغالاته لكنه في كل مرة يكتشف افضية مغايرة لمنهجيته وكأنها اسلوبيه كاشفه وجديده..
ايحاءات من ماض بابلي قديم .. تراتيل لمعابد مندائيه يغسل جوهرها الماء منذ بيت مندا حيث تأسست المعرفة المندائيه وغنوصياتها ، وبصيرتها ونظرتها الداخليه الى الكون والأنسان حيث يعيد النظر بالمنجز الفكري والفني .. ثمة ايحاءات لأعادة قراءة المنجز الفني الكوني
كل منجز بصري او تشكيلي غير ثابت وغير نهائي ..
ثمة اقتراحات لحرية الرسم ..وميادينه يجد انها لاتسبق الفكره . الفكرة ترسم ذاتها وتبتكر جوهرها وفي انشغالاته توزع قد يخرج الى افق آخر غير الرسم لكنه يعني كثيرا بالمنجز الفني بشكل عميق يمثل دأب رسام بكل عدته يكتب لي سلام الشيخ يقول (اهم ماابحث فيه الآن في الصورة او الكتابه ..هو الحرف المندائي وارتباطاته بالموروث العبيدي والسومري والبابلي مما قادني الى دراسة الكتابه والصوره ماقبل المسماريه كما قادني الى ظرورة القراءة المندائيه واتقان اللغه القديمة والبحث في النص القديم وذلك يستدعي جهدا وتعلما مكثفا وصعبا بسبب ندرة الكتاب المندائي وصعوبة تعلم اللغه لأسباب تتعلق بعقيدة الحفاظ على الماضي )
*
قد يبد وسلام الشيخ اليوم وهو يخرج من فضاء الرسم الى فضاء الدراسه
لكنه يعود اليه كل مره حين يكرس قراءة كل تعبير في الحروفيه الرافدينيه القديمه .. بما في ذلك الحرف المندائي ودلالاته البصريه مثل اكتشاف معرفه لزمن تنقرض فيه معارف العقل ..
سلام الشيخ بكل الثنائيات البليغه التي تعكسهالوحته ، والأستعارات والفنتازيا الباذخه لايعرض فضاء اللوحه الاّ الى هم الرسام ان يؤسس طريقة للنظر .. طريقة للتفكير وطريقه للأكتشاف
انه الرسام والباحث معا ..يدرس ادواته وينقب في ماضيه ليكرس حاضر رؤيتنا المحتمله .. بألأختزال والأستعاره .