المقاله تحت باب محور النقد في
24/04/2010 06:00 AM GMT
بأنتقائيه مقصوده ، يشتغل عمار سلمان على منظومته الفنيه في صناعة الصورة بأعتبارها جوهر حدوسه وأختباراته للعالم الخارجي . انه منقــّب مهموم ، يتعقب اثر الصورة كأثر متداعٍ ٍ ليعيد قراءته ـ و تأويله بأعتباره حدسا وادراكا متنوّعين ؛ أنه يبحث عن لحظة ضوء كأحيائي وأركيولوجي .. عدته التأمل والحريه اللتان تقودانه الى صنعة الصورة وسط حيرة السؤال عن شكلها المــُـأوّل الأخير . في معرضه الشخصي ( مزاج عربي ) عمان غاليري كريم 24 نيسان 2010 ينشغل عمار سلمان بعرض فكرته عن الصورة ، فكرته الآسره ، نحو انجاز الشكل المتعدد القراءه للعمل التشكيلي ، من خلال عشرين لوحة كبيره متعددة الحجوم . * الصورة لديه انبعاث من لحظة الورقه .. لحظة القلم .. النقطه .. الخط او اللاشيء نحو ابهام الشكل الأخير . اشكال وحروف وتزيين سابق لنباتات وحيوات يهرب الرسام الأول من تجسيدها ، يمنحها عمار هنا طابعها الأحيائي كجزء من سؤال الهوية .. والتاريخ .. ولكن بروح مغايرة لكل مباشر او مقيم انه يفتت اية احاديه لأن الصورة لديه متعدده... واذ لايُعنى الرسام هنا بالأيمائي او الدلالي ، فهو مهتم بأنجاز ماهو مّـدرك وبصري ومتخيل ليتحول الى الشكل الذي تنجزه فوضى الخيال في لحظة العقل المنَظــِمَه لكل تشظ ٍ . * في معرضه مزاج عربي ، وفي استرجاعاتٍ مابعد حداثيه ، يقرأ عمار سلمان الأعمال الشرقيه القديمه التي استعرضها في مشهديتها المتحفيه لسنوات من التجوال في اللوفر والمتحف البريطاني وغيرهما وكأنها فنتازيا خارجه عن قوانين كل سرد تاريخي لروح الفنان الأول وهروبه من كل تجسيد ليعيد ثرائها بعد استيعاب ملمحها الشكلي ، يقول عمار سلمان في الكتاب الصادر رفقة معرضه : ( ففي مايسمى بما بعد الحداثة يتخلى الرسام عن طابعه كمبدع لعالم جديد - كما كان يفعل الحداثوي الاول - لحساب كونه مراجعا او منصصاأي انه اليوم يضع التنصيص مقابل التجديد حسنا سأجرؤ على القول اذن ان الحداثة الجديدة هي الاتنشغل بمراجعة ماقدمته الحداثة الاولى اكثر من كونها انشغالا بالخلق الاصلي ) و يظهر عمار سلمان في اعماله الأخيره متنوعا وباهرا ، وغير انتقائي ، يعيد قراءة التراثي والتاريخي لابصيغتهما الوثائقيه بل على ان انهماكه في اعادة قراءتهما : يقظة لهما ، مثل فجر جديد للماضي في صور متعدده شكلت همه الفني وأطرت مسار انشغاله كفنتازيا لشرق جديد يعيد ابتكار ذاته وسط جدل التجريد الذي هو جوهر كل تجربه خاصه تسلط ضوء الحريه والتفرد .. * في اعماله يستيقظ جواد سليم ، وجيله بنبوءات تثير القلق ازاء مجهولات معرفية في تغيير حالة الرسم لأجيال لاحقه ، جواد بروح التقنية وبراعة الصياغه لشكل محتمل ، و استبصار شاكر حسن آل سعيد واشتغالاته على قراءة الأثر، واعادة انجازه . هنا يكون عمار سلمان اكثر الرسامين جرأة في رفض كل تناظر ، انه لايرى في بداية الصورة وهي خارج كل نظام ، نهاية للحقيقه الفنيه كما لايرى في نهاية المدرك البصري كطريق الى الصورة بداية لأنتفاء الحاجه الى مخيله يقظه تشاكس القائم او المجسد والمخزون في الذاكره.. ان صناعة الصورة لديه جمهرة من حدوس مطلقه وسط تناقضات البدايات والنهايات كما تؤشرها اللوحة في شكلها الأخير .. انه بفعل تشكيلة الرؤى لديه ، يرى ان كل تناقض هو جوهرجدليات المعرفه بل انها جوهر كل خروج على التطابقات والقوانين والمحددات الباهته كلها .. انه لايتطابق تاريخيا مع مشهديات الذاكره بل يجعل منها شهادات لمخيله حرة تعيد سرد ذاتها من خلال خصب استعاداتها الطليقه .. وسط ذلك القلق الذي ينتاب روح الرسام وهو يتمرد على كل شرط . * في تقنيات عمار سلمان ابتكار متخيل لملمس الصورة ملمس حدسي في النظر الى تقويسات باطن الحروف العربيه وانسياحات الرسم النباتي وحرفة النقوش وتجريد كل حيوات ممكنه تحاشيا لكل تجسيد وهو يكرس حرفة الرسام ويمثلها بطلاقة الصانع الماهر ... حواس مفرطه في حساسيتها ازاء المشهد التقني لسلسة اعمال تشكل كل مفردة منها فاصلة وعي وقراءه لمفردة فيما يستقل كل عمل بذاته ليشير الى لغة الجمال محدوسة لامنطوقه . اللوحه لاتقول عبارتها بل ان عناصرها التاريخيه ومرجعياتها تشير الى اختباراته العاتيه ازاء زمنه دونما حياد ازاء حقيقة ان الرسم الذي هو هم وجودي يختصر كل هذيان . وفي الكتاب المرافق لأفتتاح معرضه يشير الرسام الى مرجعيته في التقصي بأعتبارها جوهر لعدم حياديته ازاء تحديث قراءة لكل منجز لقدامة وتاريخ : ( حسنا ربما تماديت قليلا في تأملاتي وقد يكون من الانسب ان اقوم بجرد لمكونات المناخ البصري الذي عشت فيه وانا ارسم صور هذا المعرض: الفن الاسلامي والعربي بحروفه ومنمنماته واوفاقه واشكال طلاسمه وسحره وزخارفه وحدائقه وسجاده وأثاثه ومعماره ورسومه الزجاجية وفخاره ونافوراته, طيوره السحرية, واشجاره وزهوره ، النخلة, والاسد, والافعى, والجن, والسمكة, والعصفور, والهلال, والطاووس, والزهور, والعقرب, بالاضافة إلى العالم اللوني والتقني لبونارد وماتيس وبيكاسو وباول كلي, رسوم نزلاء المصحات العقلية او مايسمى بصيغة عامة فنون المختلفين, واخيرا الوصفات السوريالية الحاضرة دائما في مخيلتي. لقد تعمدت ان اكون تلقائيا في صناعة اعمالي هذه وحاولت مرارا ان اكبح جماح رقابة عقلي وسلطته عليها, اردت ان اتغلب على سطوتي كصانع لها وتوسلت بتشتيت اوصال نفسي للتغلب على نفسي ولربما توسلت ايضا طاقة اخرى مدتني بمحتواها, طاقة النقطة العليا التي حدثني عنها السورياليون في كتاباتهم.. ) * في مزاج عربي يطلق عمار سلمان جذوة ثقافته العربيه وقد اعتملت في تجربته كل عناصر الثقافةالراسخه ومنجزها ، وهو يكرر سؤاله المبهم : لم انا هنا ، في حيرة البحث عن عمق المعنى المكرس لوجودنا .. وثقافتنا.. *
شهاده من دليل المعرض : يكتب الرسام : في هذه الاعمال حاولت ان اغذي نبع الجذوة التي مازالت متقدة في نفسي ؛ جذوة ثقافتي العربية التي طالما أوقفتني محبتي لها في عمق الحيرة: فما سر ان تترك في داخلي كل هذا الاثر؟ وقفت مرارا ازاء شواهدها المختلفة: الامكنة, الصور, صيغ العيش, المعمار, الكتابة, الزخرفة,الموسيقى, الفلسفة, التصوف,السحر وحمى سؤال الغريب في منفاه عالقة في فمي هل حقا كنت هناك؟ وماذا افعل أنا هنا؟
|