المقاله تحت باب مقالات فنيه في
14/11/2007 06:00 AM GMT
حديث مع التشكيلي العراقي ثامر داود يعتبر التشكيلي ثامر داود 1964 من جيل التشكيليين العراقيين الشباب, يقيم ويعمل في الاردن وله مشاركات جماعية عالمية ومحلية وايضا مجموعة معارض شخصية, يشارك الآن مع اربعة فنانين عراقيين هم سيروان باران 1968, اسامه حسن 1957, فاضل الدباغ 1974, كوران الزاندي 1973 وخمسة فنانين اميركيين في معرض مشترك في مدينة سان فرانسيكو الاميركية اعتبارا من 08-11 -07 والى 15- 12- 07. وعلى هامش المعرض كان لي معه هذا الحديث:
هل لك ان تحدثنا عن معرضكم الجماعي " جسر الأمل" انطلاقا من عنوان المعرض ومرورا بجزئياته وتفاصيله الاخرى وانتهاءا بالتعريف بالتشكيل العراقي؟. جسر الامل هو محطة تعارف بين فنانين من العراق وامريكا للتعريف بالفن العراقي وشبابه وفي كلمة لمنظمي المعرض الامريكان تقول (اننا لم نستطيع لحد الان ان نعمل ما يجب لوقف الحرب على هذا البلد الجميل ونريد ان نثبت للشعب الامريكي ان الشعب العراقي يحمل من حب الحياة الشيء الكبير والذي يحدث معه الان ظلم كبير يجب وقفه ونريد ان نجعل العراق وشعبه في عيون وعقل كل امريكي للمساهمه في انصافه) . وهي فرصة مهمة ان نتحاور مع الشعوب بهذه الوسيلة الجميلة وايصال صوت شعبنا الى الاخرين ولذلك جاء عنوان المعرض الذي حمل جسر الامل. وقد شارك بالمعرض فنانين مهمين جدا يحملون من التاريخ الشخصي لكل واحد منهم الشيء الكبير ليكون سفيرا لشعبه وزملائه الفنانين العراقيين ووضع جدول لكل فنان بالقاء محاضرة عن الفن التشكيلي العراقي والتعريف به وعن تجربته الشخصية وايضا عرض سلايدات لبعض اعماله وزملائه الفنانين العراقيين.
تشارك بلوحتين كبيرتين في هذا المعرض منفذتين بمادة الاكريلك على القماش, هل لك ان تحدثنا عن ظروف نضوج ومراحل انهاء العملين؟
لي طقوس محببة الى نفسي اهيئها قبل الشروع بالرسم على قماشة اللوحة وذلك بعد الاعتناء الكامل بتهيئة سطح اللوحة بعد كل اوليات التحضير, الشد والتثبيت, فكل الامور اعملها بنفسي كي انجز سطحا يتحمل كل افكاري وانفعالاتي كي اصل بالنهاية الى ما احب وارضى بعد ذلك اكون قد هيأت قصاصات الجريدة وحروفي وارقامي التي استخدمها والات الحفر والالوان وفرش الرسم لأبدأ البناء والحب والغزل على سطح اللوحة محققا اعلى درجات التلذذ والاستمتاع من خلال تجسيد احلامي ومشاعري, ولكل عمل اهمية كبيرة يحتل بها جزء كبير من يومياتي. يلاحظ المتلقي في اعمالك اشكالا هندسية كالدائرة والمستطيل واختيار الالوان الحارة, مامدى تأثير الضوء, العراقي خصوصا, في الوانك وعلاقته بالاشكال الهندسية؟
هي رموز حياتية متداخلة فينا نعيش معها وتعيش معنا لتشكل بالتالي صورا واشكالا توحي الى تجسيد فكرة ما وغرض ما في مكان وزمان معينين ولذلك تجدها تظهر هنا وهناك. يمر العالم الآن بمرحلة تحول كبيرة على صعيد التشكيل بدخول الانترنت وظهور وسائل تعبيرية اخرى كفن الفيديو والتركيب والديجتال وهناك من يقول بأن اللوحة التقليدية قد تعداها الزمن والمفاهيم الجمالية قد تغيرت, ماهو رايك؟. ابدا, اللوحة لم يتعداها الزمن يبقى لها وقعا كبيرا على المتلقي وتثير احساس كبير بينها وبين المتلقي والمختص معا مثلها مثل الكتاب وقرأئته تبقى لذة القرأة جميلة ومميزة مهما تطورت التقنيات, والفنان الجيد يستطيع ان يتعامل مع التطور بالتكنولوجي الكبير ليصب بالتالي في بوتقة افكاره واحاسيسه ليقدم لوحة متطورة تحاكي السرعه الكبيرة للتطورات والمفاهيم الحديثه.
هناك همسات في الاوساط التشكيلية هنا وهناك تفصح عن ظهور كم هائل من التشكيليين العراقيين الشباب سواءا داخل العراق او خارجه منذ تسعينيات القرن الماضي والى يومنا هذا ممن ينتهجون اسلوبا متشابها وتكاد لاتميز بين اعمال هذا الفنان او ذاك في التقنية والاسلوب, اين تجد نفسك بين هذا الكم الهائل؟
اللون يشكل عندي موضوع بحد ذاته احيانا ان لم يكن هو اللوحه في بعض الاحيان وحبي الكبير للتلوين جعل من اعمالي رموزا ملونة تحمل الوانا حارة بمضمون حزين يحمل آلام الدنيا ومآسيها وانفعالاتها التي حملناها ونحملها معا يوميا. لقد عملت على منطقة بعيدة عن الاخرين حتى لا اسقط في فخاخ الاتباعية ( كما يقول صلاح عباس ) ولكن القرب الحاصل بين الفنانين للعلاقات وتوحد الهموم تجد في الكثير من الاحيان استخدامات متكررة لعناصر متشابهة ورموز من جذورنا, ولكن لكل تجربة فترة مراهقة وتتطور وتكبر وتتخلص من المؤثرات عليها مع الزمن والتجربة والاحتكاك للوصول لرؤية اعمق وفهم اكبر بعيد عن الاخرين. انت على مااظن مولود في جنوب العراق وانهيت دراسة الفن في بغداد 1986 وتقيم وتعمل الآن في الاردن, هل وجدت اختلافا ثقافيا وفنيا بين البلدين؟
انا مولود في بغداد ولكن من اصل جنوبي ( العمارة) بالذات وانهيت دراستي في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1986 واكاديمية الفنون في بغداد ايضا عام 2000 لصعوبة اكمال الدراسة في ذاك الزمن الصعب, زمن الحرب, والان في الاردن. هناك اختلاف كبير بين البلدين, العراق بلد يضج بالحياة والفن والثقافة, بلد حي, يحمل شبابة من الوعي الكبير ما يؤهلهم لبلوغ مراحل كبيرة فنيا وثقافيا وفي بحث دائم ومستمر للتواصل مع العالم الخارجي وتحقيق نتائج ملفته للنظر اصبح معها الفنان العراقي رقما مميزا في المعادلة التشكيلية. وظف الكثير من التشكيلييين العراقيين والعرب والغربيين وغيرهم ( الحرف والرقم ) في العمل الفني كظاهرة جمالية او لاستنطاق لغز معرفي ما, كيف يقرأ المتلقي مدلولات الحروفيات والارقام في اعمالك؟
مع تسابق الامور الحياتية من حولنا صار للارقام دور كبير في حياتنا بحيث اصبح الانسان هو بذاته رقم ويتعامل معه على هذا الاساس, ولجمالية الحرف العربي اصبح يشكل عند البعض من الفنانين جزء مهم في بناء اللوحة ولذلك تشدنا مرارا, في ازقة بغداد القديمة, الكتابات العفوية على الجدران وخربشات الاطفال وبقية الارقام التي مر بها في يوم انسان ما ليترك ذكرى معينة او تخليدا لمناسبة فوز فريقه او ذكرى لتجمع شباب المنطقة. يقام معرضكم الجماعي تحت عنوان جسر الأمل ومع فنانين اميركيين وفي اميركا, وكما تعرف, ان اميركا تلعب دور الشرطي في العالم وتحاول ان ترسخ ثقافتها في كل القارات, هل تعتقد بمفهوم تسييس الفن, هل للفن ايديولوجيا او هل يعتمد على الحس والحدس؟. نحن لم تأتينا الدعوة للمشاركة من جهة سياسية او رسمية بل جاءت من فنانين امريكيين يحملون من الحب للانسان الشيء الكبير اينما كان, وللحقيقة منذ اول كلمة لدعوة المعرض ولغاية الان لم نسمع كلمة او اشارة لاتخص المعرض المعرض واللوحات والفن التشكيلي بالذات وهذا ما شجعنا لاقامة معرضا كبيرا يليق بالفن التشكيلي العراقي وتاريخة وبنخبة جميلة تكون مفخرة للجميع وللفن العراقي خصوصا .
ولا اعتقد, مهما وصل جبروت السياسة, ان يؤثر على الفنان الحقيقي واحساسه. الفنان دائما قريب من مشاعر الناس البسطاء والحالمين بالامل وسعادة الجميع وللخيال والمشاعر والانفعالات لمظلومية الانسان هي ما تشغل بال الفنان وتأخذ حيزا كبيرا منه فمن المستحيل تسييس الفن واذكر لك هنا طرفه جميلة " اجتمع وزير الثقافة في الزمن الماضي مع جمع من الفنانين العراقيين وبمناسبة معرض ( الحزب) وقال ميصير معرض للحزب ولا توجد فيه لوحة واحدة عن الحزب" وقد كنا وقتها نمر بأقسى الظروف, وبقى الفنان العراقي محافظا على خطه الانساني يبحث عن الجمال, قريب من هموم مجتمعه ومحيطه ان لم يسابق الزمن ليترك للاجيال بذرة ما . احيانا تتوارد الخواطر وتتلاقى الرؤى لدى التشكيليين وربما من ازمان مختلفة لتصب في بوتقة التبويب والتصنيف كالتجريدية والاكاديمية مثلا, اي ان الفنان يتأثر بالاخرين كونه خزين بصري ومعرفي ذو معطيات اخري مختلفة, بمن تأثرت من التشكيليين العراقيين او العرب او الاجانب والى اي مدرسة فنية تنسب نفسك وهل تؤمن باستهلاك التشكيليين هكذا مدارس وتيارات فنية؟
لم يأتي شيء من الفراغ, دائما يوجد حوار بين الحضارات وان شابها الاختلاف في التطبيق انما الهاجس المعرفي الذي يصب لخدمة الانسان والحياة هو الذي يدفع للامام بكل الحاجات الأنسانية للمعرفة والرقي وحتى الفنان الكبير بابلو بيكاسو يقول ان للاقنعة الافريقية تأثيرا كبيرا عليه بمسيرته الابداعية وهذا مما يؤدي بالتالي للتواصل بين الناس والفن والتأثيرات التي تطرأ على تقنيات واساليب العمل في مختلف الميادين ولذلك ظهرت مدارس واساليب واتجاهات ومسميات موازيه ومحاكية ومواكبة لكل التطورات التي غيرت مجرى التاريخ والعالم ولا استطيع ان اصنف نفسي ضمن مدرسة او اتجاه ما وهذا ما اتركه للمختصين بالتصنيف الفني واشغل نفسي بالعمل والدؤوب والبحث عن الجيد دائما وتطوير ادائي للوصول الى اكبر قدر ممكن من التعبير والتواصل .
احن كثيرا لمشاهدة وقراءة اعمال العملاقين فائق حسن وجواد سليم والثروة الكبيرة التي تركوها لنا. هناك حسا جرافيكيا في اعمالك متمثلا في قلة الالوان وتوزيع الاشكال, هل كانت لك ممارسات جرافيكية, وكيف ترى الجرافيك عموما بعد ثورة جرافيك الكومبيوتر؟
لي تجربة كبيرة بالكرافيك وجميلة جدا وقد عملت بطريقة مميزة وباساليب جديدة حققت من خلالها نتائج كبيرة جدا اضافت الشيء الكثير ضمن مسيرة الكرافيك بالعراق وللخبرة المكتسبة من العمل بالكرافيك تأثير جميل على اللوحة عندي من حيث توزيع الكتل والحفر والخدوش والاضافات الاخيرة كلها صبت في صالح العمل الفني عندي وانا اعمل بطريقة متوازية مع كل تطور يحدث في عالم الكومبيوتر حيث اني اعمل على احدث البرامج المهمة واغلبها من خلال عملي اليومي بالرسم والتصميم واسخر ذلك لخدمة العمل اليدوي وبالتالي لخدمة وتطور الكرافيك وعمله ولي بحث دائم عن كل جديد يخص الطباعة اليدوية وتطويرها ويبقى لها السحر الخاص بها مع كل التطورات التي تحصل. ماهي مشاريعك المستقبلية؟.
ان شاء الله بعد هذا المعرض لدينا معرض للفن العراقي باليابان الشهر القادم وفيه نخبة مميزة من الفنانين, وبعد ذلك استعد حاليا لاقامة معرض شخصي جديد يحتوي بحث جميل كخطوة جديده للامام, وهناك الكثير من الاحلام والتأملات التي تثير فينا التواصل دائما. موقع الفنان ثامر داود:
صلاح عباس: ثامر داود .
بعيدا عن الضوء قريبا من الفن.
|