المقاله تحت باب فنون عالمية في
06/11/2008 06:00 AM GMT
الغرائبية هنا تستعيد روحها من جديد ..
وهي اتجاهات تنوير ومحاور خلاف ..
ملامح من مابعد الأنطباعية ، .. والواقعية الجديدة .. والفن المفاهيمي ..
وكأننا نعود الى تأمل اعمال المكسيكييّن ، دييغو ريفيرا وخوسيه اوروزكو وديفيد الفارو
سكويروس .. او كأننا نتأمل اعمال الرسامين العمال خلال الثلاثينيات من القرن الماضي وهم يرسمون الألم .. والمعاناة ، والأنسحاق الطبقي ، بل كاننا امام نمط من عصر النهضة المكسيكي في بنية التشكيل هذه ، ولكن هذه المرة بأزاء قدر وفجيعة .. وحرب حديثة تحاول اللوحة ان تحتويها .. في دأب مصرّ على تشغيل الرسم مجددا في وظائف ومهمات تسبق فيها الفكرة اية
خواص . انه التاريخ البشري القاسي اذن ..
آلهة عراقيون مستلون من التاريخ يقفون مشدوهين على سطح اللوحة ..وتختفي بينهم وجوه قلقة مرعوبة من الخراب ، اليد وهي تصد اطلاقة عن جسد الطفلة المدماّة ، وشاب يحمل جثة اخيه الطفل القتيل وهو يقول : انه ليس ثقيلا انه أخي .. وكأنه بأعادة جسده الى المنزل يعيد نبضه من جديد .. أمرأة تقف بذهول فيما كفّان خشنتان تفتشان جسدها .. عائلة وهي تلتم حول جسد ابنها الفقيد .. هكذا هي محاولة أعادة تخليق الفرصة لحياة مستحيلة ، يتوهم الرسم دوره فيها في اعتراف مذهل بألأسى والعجز ايضا . ان الرسامة الأمريكية هولي وونغ – تخرجت 1995 في معهد سان فرانسيسكو للفنون – تعلن ان حلمها بصيغة الوعي .. يؤرق هذا المعنى الكابوسي لرسومها ، اذ لاتستطيع ان تغادر فضاء التبصّر الواقعي الصعب ، وهي تتابع كل يوم اخبار الموت العراقي .. انها تتأمل وجوه ضحاياه من الأطفال والنساء - يؤرقني موتهم الفاجع – تكتب اليّ في رسالتها يوم 1تشرين ثان 2008 - .. انها تنظر من كوّتها هناك في سان فرانسيسكو ، على ان الفن ( وسيلتي للأتصال بالآخر والتعبير عن معاناة الناس تحت وطأة الحروب والموت والعنف ) وهي اذ توظف فنها منذ عقد تماما في مجموعات ومعارض فنية وثقافية تهتم بالمعاناة الأنسانية للعمال والمهاجرين ، والنساء والأطفال ، تجد ان حقيقة الموت في العراق مفزعة الى درجة ( انني لااطيق هذا الترف النقدي للفن التشكيلي ، حيث تدفعه جمهرة النقاد والدارسين الى عتمة العزلات فيما يهدم الواقع كل يوم مقومات حياتنا من خلال العنف والحروب ) . نمط من المفاهيمية والواقعية الجديدة حيث يتمثل اتجاه الفن الأمريكي دلالات جديدية مقابل كل ذلك التجديد في الأوب آرت والتجريد و مابعد حداثة تثير اسئلة الجدوى في العمارة والتشكيل .. ي الثقافة الأمريكية اليوم . هولي وونغ لاتغفل عناصر اللوحة – في اعمال خاصة بالعراق - هنا لتأشير كيمياء الأكليريك .. على واجهة مكتظة .. التخطيطات وهي تزدحم .. وعناصر الزيت في اعمال اخرى حيث تطوي موضوعات ايامها على مادة الرسم ، الكانفاز ، الورق ، وعناصر شتى . وهي المعنية بكل تفصيل التحول في التقنيات ،الأساليب ، والأتجهات ، لكنها تضيق بوحشة الرؤى يوم تزدحم ايامها بالفوتوغراف والأخبار ( لااستطيع ان اهرب الى سحر آخر غير هذه النزعة اليومية لملاحقة الألم الأنساني هناك ) .. ترى في الذي اصنعته آلة الحرب بموقع بابل الأثري مجزرة لحضارة يقظة طوال عصور ، ولذلك تصحب كل آلهة العراقيين ، الذين تصورهم تلك اللقى والمنحوتات القديمة ،كما تمثلتها في تصفحها اليومي ، لمراجع حية تضعها الى الجوار. كل الجولات والمعارض التي اسهمت فيها – معارض فردية وثنائية 2000 – 2008 معظم الولايات الأمريكية وجامعاتها وقاعات العرض التشكيلي -: كنت كمن يحمل قبره معه .. احساس بالفراغ والوهم .. ومن الصعب استعادة الوعي امام صخب فضيع لمحاولات يائسة لكي نقول ان ثمة اطفال ونساء .. وثمة رجال ابرياء يفقدون حياتهم كل يوم .. ان الفن لعاجز احيانا حتى اكاد اصرخ..
تفتيش .. ذهول .. رجل وجسد طفلة .. وجوه الموت .. صحفي قتيل : عناوين هولي وونغ وهي تفصح عن اختيار فني صعب في وقت تتنازع فيه الأتجاهات الفنية لكسر كل نمط . ان كل تصنيف للفن ، ووظائفة ، يشكل اليوم قوة كاسرة للذات .. وخصوصياتها . اي ترتيب مدرسي هو تحد لمنجز الأستقلالية والحرية والخروج على القواعد و صرامة الستيريو تايب السياسي ، لذلك تبدو هولي وونغ ، ومجموعة كبيرة من الرسامين معها اليوم ، وكانهم يجربون ترويض الحرية مرة اخرى مرة بالواقعية الجديدة ومرة بالمفاهيمية مجددا . تقول وونغ : الحياة اثمن بكثير من اية لحظة اخرى لذلك لابد من اختيار الأنحياز اليها .. انا غير مهتمة بالنخب ، هؤلاء لهم مزاداتهم الفنية ، لديهم فائض بكل شيء .. انا اختار طريق الكثرة التي تحتاج الى ابسط عناصر الحياة هنا في مجتمع الوفرة الصعب .. وهناك في مجتمعات الجوع والموت. * امضت هولي وونغ العقد الأخير في توظيف التشكيل كمرآة – على حد وصفها – وتحويله الى شهادة عارمة ضد كل انواع العدل المهدور .. وضحايا العنف والحروب .. – والنموذج العراقي اعطاني قوة للكشف والمصارحة .. وكأنني اكتب تاريخا - وفي رسالة تالية يوم 2 تشرين الثاني 2008 تقول : افرحني انك تابعت اعمالي ولذلك ستكون حرا في الرجوع اليها كما تشاء .. ان بيئتي الفنية تقوم على التخاطب دون حدود حيث يشتغل التشكيل على اقامة معارف متبادلة .. انا لاتفارقني وجوه شخصيات لوحاتي .. وجوه عراقية وسط النار والدخان .. والفجيعة ..
• هولي وونغ – رسامة امريكية وناشطة في مجال حقوق المرأة . • ماجستير تشكيل : تخرجت عام 1995 في معهد سان فرانسيسكو للفن . • اسهمت في مؤسسة النساء الأمريكيات- التي تأسست عام 1961.كمنظمة يسارية . • اسهمت للفترة 2000- 2008 في العديد من المعارض التشكيلية في الولايات المتحدة. • تقيم في سان فرانسيسكو كناشطة في جمعية ثقافية وفنية غير ربحية .
|