المقاله تحت باب في الموسيقى والغناء في
08/12/2008 06:00 AM GMT
صادمة .. ومربكة هذه الموسيقى و غرائبي و مثير للأسئلة كلها هذا الأداء !! لكن هذه الموسيقى وهذا الآداء يشبهان معا كاميليا جبران ! * كاميليا جبران الموسيقية الفلسطينية المقيمة في باريس ، المؤدية للنصوص بنزوع خاص ، تبدو في موقع الخارجة على قانون السكون والتكرار .. والجمود الموسيقي ، وهي الخبيرة الحاملة للدربة ولأرث الثراء الموسيقي وثقافته منذ وقت ( تقول آن ماري هوللر مخرجة فيلم الأوتار تروي –Telling strings- ، الذي تحكي فيه عن عائلة جبران الأب الياس استاذا وصانعاللآلة الموسيقية والأبناء الأربعة خالد ونهاد ورابيا وكاميليا في ثقافتهم الموسيقية وادائهم الخاص وثرائهم تقول : انهم ظاهرة خاصة تجهد لتكريس الهوية الثقافية امام التحدي والنكوص والأمل ) ذلك الأرث الذي تتقن فيه كاميليا كل بنى و فواصل الميلودي .. ومقاماته .. وعربه .. وترقيشاته .. حتى صارت تضيق بهذا التكرار.. وهذا النسخ المونوتوني ، وهي التجريبية المزاجية الصاخبة الأعماق .. الباحثة عن شكل آخر.. و غد آخر..
انها في تجربتها الموسيقية الجديدة بعد عقدين ونصف من تجربة فرقة صابرين في القدس ، و في جسورها الثقافية الآن مع العالم ، تبدو منقّبة في اثر النص الشعري – المعنى .. باحثة في عمق الموسيقى العربية عن سفر لخروج حي – الشكل الجديد .. نحو بحر آخر لايتنطع احد فيه بصناعة ربع التون فقط – بقدر اهميته - بل يؤسس لأنساق موسيقية جديدة يخرج الى فضاء الآخر بتوجه مغاير ومشترك ومضاف معا ، اليست الموسيقى فعلا انسانيا مشتركا . انهاحقا في تأسيس منهجها ‘ وسط التجربة الموسيقية العربية تبدو في منطقة المغامرة والأختيار الصعب .. لكنها في اطار تجربتها الأوربية .. والعالمية .. تقع في منطقة الأبتكار والتجربة العميقة .. وتحظى بأهتما م غامر .. * اظن ان كاميليا جبران الفنانة المثقفة موسيقيا وفكريا ، هي نموذج حي لمبدع نحتاجه الآن ، فقد تداعت اطراف الثقافة العربية التقليدية المحافظة وتصدعت بناها المغلقة امام صدمات العصرو التغيير في كل مكان.. بل ان اجيالا من المثقفين العرب ، ومن الشباب الرافض لكل تكريس جامد ، ينهمكون في صياغة اشكال التعبير، في نماذج روائية وشعرية ..و في مناهج البحث والدراسة .. في بنى الفكر والفلسفة والفنون التشكيلية والسمعبصرية ..و في ميادين الدراسة والبحث من اجل انتقال الثقافة العربية الى الحياة وجدلها الحي ، وهنا تبدو كاميليا و هي في تجربتها الموسيقية هذه ، كمن يحمل كل مبررات التغيير والبحث .. والتأسيس.. بل انها ضمن تيار عارم للتغيير والأتصال بالآخر .. ( الموسيقي السويسري فيرنر هاسلر يشارك كاميليا جبران في العديد من تجارب المزج بين موسيقى التقنيات الحديثة وآلة العود الحي الذي تعزفه وتؤلف موسيقاها واغانيها .. وتقدم منذ عام 2002 تجارب مهمة في العواصم والمهرجانات الموسيقية ) .. واعترف ان اي متخصص او مستمع يحمل عدة مسبقة وفهم مغلق للموسيقى سيجد نفسه تائها وهو يصغي الى كاميليا جبران .. ان في نصها الفني غير الغنائي .. نصها النثري .. الرمزي الدلالي الحديث تغريب صعب على المستمع العام ( دأبت ان تختار نصوصا تنويريه لشعراء شتى ) او في موسيقاها ذات الأيقاع الفردي الخاص .. الذي يؤسس لتيار آخر من اعتماد المقامات وصورها .. وتكييفها لتقيم المعنى والعمق الموسيقيين .. – الملاحظ ان الشباب من المستمعين العرب يهتمون اهتمام كبيرا بالحفلات التي احيتها في القاهرة وعمان وغيرهما .. مثل اهتمامهم بألبوماتها واعمالها الموسيقية _ وكنت اقول دائما ان من يقول ان تجربة كاميليا هي تجربة للنخبة فان ذلك من تقولات النقاد فاشلين .. ذلك ان الخط الذي تشتغل عليه في تجربتها الغنائية ، هو خط مستقبلي يقوم على تفكيك الذوق الموسيقي القائم .. وهو مايلاقي اهتماما عند الشباب – يمكن ملاحظة مواقع الشبكة كما يمكن الأطلاع على اعمالها على موقعها www.kamilyajubran.com.. كما يهتم الباحثون بتجربتها بشكل كبير .. * المدن المحروقة .. المدن الجبال كيف اسميها المخيلات المقطوعة الجذور كيف اسميها هذه الحروب .. كيف .. هذه المفردات تبدو مثل تداعي حر تتالف وتتكرر مع ثيمة موسيقية تتكرر ايضا ، وتصور على درجات لحنية اخرى مثلما هو الصوت صوتها في تجلياته ، صاعدا .. او نازلا بتنوع الدرجات التي تؤدي فيها عملها الموسيقي وكأنه ارتجال لاينقطع ، لكنه عمل موسيقي مدروس ومدون . ان ثقافة كاميليا جبران ثقافة تنويرية ايضا ، لذلك فهي تخرج بنا خارج المؤسسات والنقابات .. والأتحادات والحفلات الرسمية .. والأرباح والخسائر وتأخذنا الى فضاء شعري في النص ، وفضاء موسيقي جديد يعد بقيامة موسيقية عربية ..و يعد بلون موسيقي خارج السياق يقول لنا كم هي ثرية موسيقانا لتستطيع ان تلتقي مع موسيقات العالم .. *
كمن يغمس خبزه في طعم جديد بهذه العبارة تلخص كاميليا جبران تجربتها ، فهي صبورة ومتأنية ونوعية خارج البروبوغاندا .. ولاتقبل بأي شيء حتى تقرر هي جودة العمل .. انها تدقق وتتأمل وتنتظر معتقدة ان تلك هي عدة التأسيس الصعب _ العام الماضي كتبت الصحافة الفنية البلجيكية عن حفلتها صيف 2007 واصفة هذه التجربة الفنية الموسيقية بالفرادة والخصوصية والأستقلال ، الصحف الفرنسية تحتفي بها طويلا ، اللوموند ، اللومانتيه ، فرانس دبلوماتيه وغيرها ، تقول كلاما عن تجربة مغايرة في الموسيقى العربية تعطي تأكيد المرونة التي تتصف بها بنية الموسيقى هذه حيث تتآلف الآلات الموسيقية العربية مع التقنيات الحديثة كما تفعل كاميليا جبران . * في اختيار النصوص ، وغالبا جبران و بول شاؤوول و سلمان مصالحة وعائشة ارناؤوط وديمترس اناليس .. وفاضل العزاوي وعبد اللطيف عقل ، وسوسن دروزة وهم كتاب قصائد نثرية غرائبية البنى والرموز ، فأن كاميليا جبران اختارت نصوص الحداثة مثلما لها طريقتها الخاصة في بنائها الموسيقي من ذلك النسيج بين آلة العود وتكييفها الجديد في العزف .. مع الآلات الألكترونية : - غريبة في هذا العالم غريبة وفي الغربة وحدة قاسية هذا شطر من نثريات جبران خليل جبران .. يجهد المتلقي ليجد فيه نشوته التي تعودها .. انها موسيقى لجيل مختلف .. جيل الشاطيء الآخر الذي لم يبق في وجوههم غير النظر.. المطرودون من نفوسنا .. ممنوعون من الأقامة في بلادنا الحقيقية ... و هذا هو اختيار كاميليا جبران . ---------- هوامش : ولدت كاميليا جبران في الرامة في مدينة عكا بفلسطين ، وتلقت دراستها الموسيقية على يد والدها الياس جبران استاذ الموسيقى وصانع الآلات الموسيقية المتميز.. لأكثر من عشرين سنة وهي عضوة في فرقة صابرين في مدينة القدس.. وللفرقة اعمال كثيرة وموقع على الشبكة .. و في اواخر التسعينات سافرت الى سويسرا .. ثم قدمت مشروعها الموسيقي الخاص عام 2002 .. مع فيرنر هاسلر .. وميض هو اسم العمل الموسيقي المهم .. اسهمت مع المخرجة آن ماري هوللر في فلم الأوتار تروي للتلفزيون السويسري عن عائلتها الفنية .. تمت استضافتها في مهرجانات دولية وعواصم عربية .. قدمت صيف 2007 مشروعها – مكان - في مدينة عمان ولقي اهتماما كبيرا .. تقيم في باريس وتتابع منجزها الموسيقي تأليفا ودراسة وبحثا .
|