خلاصات النذر والاستعادة: مفهوم الأشكال باتجاه العلامة

المقاله تحت باب  مقالات فنيه
في 
17/12/2008 06:00 AM
GMT



 
     منذ ظهور العلامات البكر، في الرسم (وقد سبقتها الأشكال الهندسية بزمن طويل) يحافظ وسام زكو على علاقة جدلية بين المعنى المخفي ـ اللا شعوري، وما تعمل عليه العلامة البصرية. فهو  لا يعيد إحياء الأشكال، بل يمنحها حضورها المتجدد: الصليب بصفته خلاصة مفهوم: الدفن ـ والبعث، في الحضارات القديمة، وصولا ً إلى عالم لم تنفصل الصور فيه عن محركاتها. فالجدل، مكث ينتج تنويعاته، بين ما هو تاريخي ـ وما هو ابعد من ذلك. فمفهوم (الخلاص) عند وسام زكو لا يتضمن انغلاقا ً، لا باتجاه المفهوم ولا بالدافع الروحي المحض، بل معادلا ً بين المعنى ودلالاته الجمالية. انه يكرس فنه للاحتفاظ بتاريخ تقنيات الرسم، واستثمار عناصره داخل بنية تكونها ديمومتها، وما تمنحه من توازن بين التاريخي والرمزي. فالتجريد لم يلغ تحولات الأشكال، بل يوظفها لرؤيته الواقعية وعلاماتها المتجذرة بمحركاتها: البعث بصفته لا يحدق في المجهول، وإنما بمنح المرئيات عملها الرمزي ـ ضمن تقاليد حداثة لا زمنية. فالفنان ـ بإعادة تركيب رموزه، وعلاماته ـ يجّذر ديناميكية ذات جذور أغناها التركيب امتدادا ً بالتنوع، والاختلاف: وحدة العالم، وتجدده في نهاية المطاف. 

     إن الفنان، في عملية الرسم، يستمد أصول أشكاله، وعلاماته، بما تدل عليه محركاته: لا شعوره العميق بما وراء المرئي، ولكن ليس خارجه. فالنصوص لا تستهلك الأشكال، بل تعيد صياغتها كعلامات محددة، مثلما اشتغل مفهوم (المخّلص)، رمزيا ً، عبر التاريخي. (أي مفهوم البذرة التي لا تموت، بالموت، بل تنبعث) فالفنان دفع بنصوصه نحو ذروتها: اشتغالها الجمالي، مانحا ً الروحي، فعل الموسيقا؛ لغز الإنبات، بما لا يمكن إعلانه إلا عبر الاختزال، والتركيب، وأخيرا: خطاب التجريد بما يخفيه: الفداء، أو الاستشهاد، لكن عبر الأمل، حيث الرسم لا يغادر علاماته ـ كأشكال تبتكر منطقها المعاصر، مثلما لا تخفي صلتها بماضيها السحيق. هذا التوهج، الصوفي، عند وسام زكو، جعله منجذبا ً للخلاص بالرسم، وبالرسم، منشغلا بدحض الانغلاق.
• عضو رابطة نقاد الفن [الايكا] 
• بغداد ـ 2008