بابل الأثر .. بابل المعنى

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
11/01/2009 06:00 AM
GMT



 
 
صورة الحضارة في مبتناها ، وفسحة مدنها واثرها النفيس ..

 عبارة تتكرر بصيغ شتى في قراءة التاريخ ، وفي  وصف الناس والأقوام والأمم وهم يقيمون حضارة  وقتهم  . وكانت بابل .. بابلونيا .. او بابيل .. – بفتح الياء -  اسما وعلامة لتاريخ  حضاري كبير وبكل اللغات وفي القواميس والكتب الدينية  والرقم التوراتية والمخطوطات . كانت المدينة بكل الحضارة الجديدة التي تمثلها في وادي الرافدين ،  قد  رسمت هدفا لكل الغزاة بأعتبارها التحدي الحضاري والسياسي.. والفكري  .. منذ الأسكندر الأكبر الى قورش و حتى  قوات الأحتلال الأمريكي 2003 .

 وربما تعرضت المدينة في الأحتلالين الأخيرين على يد قورش والقوات الأمريكية ( وقوات التحالف البولونية معها )  الى اقصى انواع التدمير والخراب .. وكأن ثمة استهداف لعمقها الأنساني  الحي وروحها المعبر عن الجوهر الخلاّق لثقافة الشعب العراقي الخلاقة وذاكرته ..
 كانت الدبابات تتحرك من يد قوات الفرقة الخامسة للمشاة الى يد القوات البولونية .. وبينهما قوات  اخرى خاصة تحتل موقعا رئاسيا .. صار مركزا للمعلومات العسكرية في قلب بابل
ولانعلم اية معلومات  ..
 


لقد دمرت مواقع مهمة حول المدينة هي مشروعات الري القديمة والأحياء السكنية لشعب بابل  ومعابدهم وقصور الهتهم ورجالهم ..  ظلت خارج التنقيب بسبب الكلف الكبيرة التي تتطلبها العملية لذلك كانت مؤسسة الآثار العراقية قد ىثرت التروي حتى يكون يوم آخر ..  لكن جاءت المجنزرات والدبابابات .. ولم تكتفي بطمر وتخريب تلك المواقع بل دمرت اول الطرق المعبده في التاريخ كما تقول الدراسات ، وهو شارع الموكب الذي استخدم فيه البابليون  القار في تعبيده لتمر مواكب الأحتفال البابلية في تموز الخصب وفي مواسم العبادة الأخرى ..

هذا الشارع الذي  الذي يتوسط المدينه الأثرية يعود الى حوالي 3000 سنة قبل الميلاد ..

فضلا عن استخدام القوات العسكرية  تراب بابل وآثارها في مليء الأكياس الترابية لبناء المواقع العسكرية والتحصينات حول مدافع واسلحة ثقيلة .. بحيث ان ذلك الترب النادر والذي تتعامل معه مؤسسات الآثار العالمية بالفرشات .. تعاملت معه هذه الجيوش بالكاسحات والدبابات والطائرات العمودية التي زعزعت الاثار المكتشفة وخلخلة لحمتها الطينية الهشة .. 
 

 
 ولكن الصحوة الجديدة التي عبرت عنها السفارة الأمريكية في بغداد يوم 9 كانون الثاني / يناير 2009 بأن ( بابل تعد من الأسهامات الغنية التي قدمها العراق للأنسانية  لذلك  قررت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تخصيص 700 الف دولار لأعمار بابل – ويجسد - بحسب تعبير بيان السفارة الأمريكية ببغداد – مشروع مستقبل بابل التزام الشعب الأمريكي بالمحافظة على التراث الأنساني )  .. واظن هنا ان مؤسسات شعبية امريكية مهمة كانت تقف ضد الحرب على العراق وبابل ..  ستقول رايها يوما بأن هذا المشروع هو واحد  من مشروعات السياسيين الذين يشعرون بالذنب والفشل  امام ضغط الشعوب وانتقادهم لأدارة الحرب وادراة الموت والدمار .. وسيقول الشعب الأمريكي يوما كلمته  ليحاسب من يتحدث بأسمه ..

الصندوق الدولي للتراث من جهته اشار الى ان الخبراء الدوليين  سيضعون مخططا للموقع .. ويقدمون التعليمات لكيفية اعادة البناء واستعمالاته لاحقا .. ترى مالذي سيقوله علماء  السومريات العراقيون  ازاء خراب آخر سينال بابل بأسم تصحيح الأخطاء السياسية .. والعسكرية .. واي مخطط سيرسمه هؤلاء الغرباء  وبأي اتجاه .. ومن هم هؤلاء الذين سيرسمون لبابل صورتها .
ان عشرات العلماء العراقيين والمثقفين  والمتخصصين بألآثار يشعرون بالأسى ازاء الجهل الذي مارسته قوى الظلام  المدججة بحداثة القوة العظمى  في العالم ..  مثلما يشعرون بألأستغراب ازاء مشروع جاهل آخر يقدم ابخس التخصيصات لتعويض خسائر الحضارة الأنسانية .. في دمار بابل مرة اخرى .