هيثم فتح الله : عدسة واحدة لاتكفي لأكتشاف اللامرئي

المقاله تحت باب  محور النقد
في 
27/02/2009 06:00 AM
GMT



الفوتوغراف بصفته فنا .. وبصفته علم ايضا  .. يثير حوارات شتى في ميادين ومواقع ومطبوعات طوال الوقت .. انها بيئات  تحاول ان تقول شيئا في تصنيف هذا الفن البصري .. والأشكالي .

 الفوتوغراف فن يبدو  – للوهلة الأولى -  انه يسمح لنا بسهولة التعبير عن مشاعرنا  وعواطفنا ازاء الأشياء التي نقصدها ، اننا  لانحتاج الاّ الى تكييف الآله لحاجات البيئة التي نشتغل عليها او نلتقطها  ، لكنه في الحقيقة فن مركب و مغاير لبيئة الرسم – مثلا-  حيث يشتغل الرسام مباشرة على خامته   ،  فيما يشتغل الفوتوغرافي بشكل  – منفصل عن موضوعه  - و غير مباشر عبرالكاميرا والمونيتور وآلة الطبع وقبل كل شيء الغرفة المظلمة .. وتلك عدد متنوعة تجعل عمل الفوتوغرافي اكثر مسافة من عمله المباشر ازاء موضوعه .. اي ان الفوتوغرافي  يبدو اكثر معاناة ازاء توصيل موقفه  وذلك مشروط بألأتقان والتقنية مع رؤيتة الخاصة   ،   لكن هيثم فتح الله - 1955 المفرط في هدوئه ، يصنع  للسكون ملامح الحضور ..
 
وكلما انصت الى صوته الداخلي ، تصير فكرته تسلسلا بصريا لرؤيا لاتبتكرها الكاميرا او التكنيك فقط .. تبتكرها روحه المتحولة دائما بصمت وصبر طويل . عنده تختلط الفيزياء كميدان ، سابق لدراسته ،  مع الرؤى ومع الوعي  في تشكيلة  غريبة من التبصر الطويل لتكوين ثقافة فنان خاص ، وهو في معارضه الفوتوغرافية  الثلاثة السابقة خارج اي تقريظ ،  يؤرخ احداثا ووجوها وذكريات من الرياضة ، وقد احترف تصويرها فترة  الى  الوجوه والأشياء التي  تستثير قيمتها عنده مهما بلغت من استثناء.. ان الأشياء الصغيرة  تشكل الجزء الآخر من شواغله (     اليوم وبعد دخول عالم الصورة الرقمية وتحديات البرمجة الالكترونية اصبح للصورة مفهوم آخر يختلف عن السابق ليبشر بإنطلاق رؤيا جديد للفن التصويري مازجاً بين جمالية اللقطة الفوتوغرافية وتقنيات الصورة الرقمية، فأتت النتائج مزيجاً من التأثيرات الفنية المزدوجة مما جعل امكانية تحويل الصورة الفوتوغرافية الموثقة للحدث من صورة جامدة الى عالم آخر من التأثيرات اللونية لتصبح اقرب الى تشكيل فوتوغرافي او لوحة فوتوغرافية من ان تكون صورة جامدة سواء كان ذلك بإستخدام تقنيات الكاميرا الرقمية او الاضافات بالبرامج الحديثة في الحاسوب – من فولدر المعرض 2009 قاعة الأورفلي عمان ). و كتابه الفوتوغرافي الصادر 1992 يحكي رحلة الصحافة والفوتوغراف بحساسية العدسة ودقتها  . يلخص الكتاب سيرة ورواية لحدث يرتبط بتاريخه كمصور ، لكنه حدث يتطلب الخروج من مؤثراته الفنية والفلسفية فترة من التوقف الطويل لتامل تلك السيرة الفنية .. وتلك الأحداث الصحافية التي حملته الكثير من اعباء الفنان .. واعباء الحقيقة !!
*
منظمة الصحفيين العالميين منحته جوائزها ، لكنه منذ معرضه الثالث – الأخير 1989 ذهب  يتأمل طويلا  كمن يستعيد روحه اللائبة .. ويتأمل في مهمة الفوتوغراف .. وكأنه يكتنز سرّه ، مغامرا بسكونه .. وبترويّه بعد وقت طويل وصاخب من العمل المتواصل .. ليكتشف فسحته الفنية حين تتحول المساحات .. والأنارة .. واللون الى فنتازيا جديدة يرى من خلالها العالم مجددا . هيثم فتح الله عزيزة الأنسان .. والفنان يعيد الينا معارفنا ، وقد عرض جوهر الأشكال امامنا يمنحنا شحنة من البصر الموحي لشكل الشي اي شيء .. مثلا وقد الفنا فكرته .. ووجوده المادي ليصير  تشريحا لدواخل مشتعله بالتعبير .. في محاولة لتعريفنا بحساسية الفوتوغراف .. وبدوره في تكريس معرفي  متنوّع . ان المميزات العلمية  الخاصة بالفوتوغراف يمكن ان تكون غامرة .. وموحية بحيث تتحول الى صفات احادية لمهمة التصوير عند اولئك الذين تحول الفوتوغراف لديهم الى هم  يرافق حياتهم ، لكنه هم يكرس القدرة التكنيكية لهذا الفن بحيث نبدو اننا امام ابهار  فني وتقني نفتقد فيه الكثير من المعنى العميق لتلك المحاولات التي اكتفت بتغليب القدرة التقنية ليبدو الفوتوغراف فنا .. والحقيقة ان هؤلاء المصورين يرتكبون اخطاء مكرره لؤلئك الذين  تسلّحوا بعدة التقنية الحديثة وكأنهم يصنعون فنا فوتوغرافيا .. وتلك خطيئتهم .
 
 وهيثم فتح الله واحد من اولئك الفنانين الذين يشتغلون على تكريس المميزات الفنية للفوتوغراف .. من خلال اثراء الفوتوغراف بالمعرفة الذاتية .. اي ك واان معرفة الفوتوغرافي هي التي تحمل المعنى .. ثم يصير  المنظور الجديد للفوتوغراف مثل خاطة طريق على حد تعبير المصور والباحث الفوتوغرافي آلن بيورت  لكي  نتعرف الى الفوتوغراف بصفته فنا . واظن ان اعمال هيثم فتح الله بعد سنوات من الرؤيا تعيد الينا فنا جماليا في هيئة الفوتوغراف . لقد عني فتح الله بأ لأفكار ، وتلك واحدة من مهمات المصور الذي يشغله الهم الجمالي ، كما انشغل بشكل عميق  في خلق تأثير انعكاسات فنه على المتلقي ، انه مهموم بالفكرة الت تنتابنا ونحن نرى الى اعماله .. بقدر كبير لأنه يريد ان ترتبط الخلفية الثقافية للمصور بعمله . ونسأل هيثم فتح الله مااذا كان الفوتوغراف موقفا . انه يكرس كل معنى في تقديمه (    ما أن وقعت في غرام آلة التصوير (الكاميرا)، ومن خلال العدسة والعين، كنت التقط  كل ما يحدث امامي ماخوذاً بجمال الطبيعة وحياة الناس مشبعاً رغباتي في هواية التصوير الفوتوغرافي... بعد سنوات من التوثيق والتصوير، وبين الممارسة واكتساب الخبرة، كان لا بد من تجاوز مرحلة اللقطة وتوابعها.. والعبور الى آفاق رحيبة في فن التصوير التجسيدي وابداعاته ). هكذا يقدم هيثم فتح الله مصوراته ، وهو يكرس حفريات آلته في اعماق الصورة ليمنحنا رؤيا .. وحلما