سحر طه سيدة الحنين .. سيدة الذكريات

المقاله تحت باب  في الموسيقى والغناء
في 
03/06/2009 06:00 AM
GMT



 قلبها دفتر ،  حاشيته توشّيها  عبارات  الشرق القديم ..وحكايا المدن والناس .
وكفّها اصابع حنان تطلق غيوم فراشات وهي تمسك  ريشة عودها الحميم لتقول مفردة.. اوكلام..
ونغمها يحكي سيره أمرأة  مثقلة بعدّة الحنين والذكريات  ..

حملت ارث السنوات وذكرياتها مذ غادرت بغداد قبل قرابة ثلاثة عقود  رفقة خواص منزل احبّته ، اثاثه  الكتاب والموسيقى  ، وجوهره ثقافة عريقه  لبلاد تشع معرفة وسحرا .. وثراء.

سحر طه اللبنانية العراقيه .. والعراقية اللبنانية جسر عاطفة  وحوار عشق ومحبه   ..  وهي صورة المرأة الحضريّه المتنوعه  في اهتماماتها ونشاطها ..واسهاماتها الفنية ..وعلاقاتها الأجتماعيه والثقافيه التي لاتعرف تصنيف الطوائف والأقوام ولاحدودهم .. وكان قلبها الحر دائما هو الدليل ..

في رحلة سحر طه ..الموسيقى والأداء  يرافقانها  بأعتبارهما سيرة حياة وحلم بصياغة عالم جديد من حوار الموسيقى وسحرية اللحن ..و لكنها  في ذات الوقت تحمل عدّة اخرى .. 

( درست في الجامعه المستنصريه ببغداد البكلوريوس والماجستير  في ادارة الأعمال  1975 -1984 كما درست التشكيل في معهد الفنون الجميله  والموسيقى في الكونزرفتوار الوطني  ببيروت لغاية 1989 )  كاتبة وباحثة وصحفية تهتم بالتصوير الفوتوغرافي  ، نشرت كتاباتها في الصحف البيروتيه والعربيه ..وطبعت كتابا في اصول المقامات وتنويعها ..

 حرفها يعالج قضايا الموسيقى كتابة وبحثا وتأصيلا  حين اسهمت اكثر من مرة في مؤتمرات ولقاءات وحلقات دراسيه عربيه ، وهي قارئه متابعه  لأنها تعلمت حب الثقافه في منزل الشعر والوعي والطفولة .. منزل الأهل ومنجم الطفولة والذكريات .

 وسحر طه  قبل وبعد كل شيء عازفه تحمل آلتها لتقدم روح العاطفة الرافدينية في كلمة .. اوضربة ريشة على مشط اوتار عودها الذي يرافق رحلة العمر ..
*
البوماتها في الأغنية البغدادية كثيرة ومتنوعه .. واهتماماتها لاتشتمل المقام والبسته ، بل تشمل       متابعات عميقه في مجال الأندلسيات والموشح والدور والمالوف ، والتراث اللبناني والعربي  في ريفه  وفي حضره  ، حتى لتبدو هذه المجموعه من اهتماماتها ومشاريعها الموسيقيه المسجّله  مصدرا للأيحاء والتأمل للكثير من الفنانين الذين فقدوا الطريق الى هدف محدد ..
وسحر طه الأنسانه .. والفنانه ، لم تضيع بوصلتها .. لافي الرحيل  ولا في اية لحظه تجلي او نجاح ..وقد رسمت بين بغداد وبيروت خطا للقلب ..وطريقا لحرير الأغنية والشعر والأصاله.
*
هذا الصوت الذي استقبلته المدن يروي حكاية امرأه محبّه ،

 فهي الأم التي اتقنت سر وحدة العائله واطفالها وقيمها الروحيه ( منزلها البيروتي يضيء بعاطفتها طوال الوقت ) .. لذلك اوحت لتلك المدن العربيه والأوربيه التي استضافتها ، بالحنين ..والعاطفه اللذان يشكلان ملمحان اساسيان في شخصية سحر طه ..وصوتها الحاني الجميل..

في الغناء ، عرفت سر المقام وابدعت في لحظه مهمّه  من لحظات الأبداع  حين ينطلق الوجدان ليغني اغنية او يؤدي  ( البسته ) البغدادية وهي لحظة تفجرتعبيرات ..ومعان .. لذلك حين تؤديها سحر طه يأخذنا وميض  صوتها   الى تجليات عاطفية تشبه درجات صوتها ، وتنوعه .. صوتها الذي يمتليء بالبكاء حينا .. وحينا بالمسرّه.

ريشتها ترمي ترقيشات حره على انغام اتقنتها  ، وتضفي تلوينات من انتقالات مقامية متقنه وهي تعبر عن معرفة موسيقيه ودربة من احب الموسيقى ولملم اطراف سلالمها ..
اشتركت في ثنائيات كثيره مع عازفين من ايطاليا وايران والنمسا وآخرين .. مثلما شاركها اكثر من عازف وعازفه خلال رحلاتها العربيه ، وميزت عودها بطلاقته وحريته عبر المزاوجة بين آلتين تمثلان الغرب والشرق ، القدامه والحداثة ..والتنوّع الأنساني في عالم كبير ..لذلك حين اسهمت في ملتقى المبدعات العربيات في دورته الرابعة عشرة في مدينة سوسه بتونس خلال هذا العام  2009 قدمت بحثا مهما عن حوار الموسيقى بأعتباره طريقا حضاريا يكرس التواصل الوجداني بين الشعوب وبين اطراف الأرض بغية تعزيز التواصل الأنساني الحي ..
ولأن برنامجها  لايخلو كل عام من نشاطات متنوعه داخل لبنان فقد اقيمت لها حفلة غنائية في  كلية المقاصد ببيروت .. هي واحده من نشاطات عام 2009 ..قدمت خلالها الوانا من الطرب الذي يمثل ذكرياتها وتصور عن شرق متواصل ومدن مرتبطه بنبض القلب يوم كانت نجاح سلام ،  ولور دكاش وغيرهما يغنين في بغداد وناظم الغزالي وسليمة  يغنيان  في بيروت
وهكذا هي في كل لمسة موسيقيه وفي كل صوت امرأة معبرة عن روح وعن حضاره..
 وعن حنين لايتوقف ..

سحر طه الصوت المغني ..والأصابع الذاهبة الى سلم التجلّي ..تسحرنا كل مرة .
.وتيقـظ وجداناتنا المرهقة ..
 لتقيم امل الموسيقى  ..
وسلام ارواحنا بالغناء الحميم .