المقاله تحت باب محور النقد في
21/08/2009 06:00 AM GMT
في طبيعة سكونه الموحش ظننت انه لايقول سوى مفردات السكون ، غير ان مضي الوقت اعطى معنى لسكون محمد السعدون وهو في صمته الطويل .. وتأمله العميق ومفرداته الموجزه حين يحكي .. او حين يجلس امام قماشه بيضاء .. مشروع لوحته . في اكثر من مرّة تخيّلت انه لايريد ان يقول شيئا كمن يحرص على طقس سكوته العميق الدلاله .. واكثر من مرة رايته لايرسم .. حين يرسم ، مبددا فضاء اللوحة وتفاصيلها .. كمغامر لكني حين ابصرت اعماله فيما بعد ..ارى انه يصنع ارثا مثاليا حين يؤثث حواره مع الآخر عبر اعمال تتوق لتقول مجهولها عبر مواد فنيه و مواد غرائبيه درج على استعمالها منذ ثمانينات القرن الماضي . * كان صدره يمتلي بأوهام شرقيه .. مثل احلام مستحيله
معتقدا ان غيمة شرقه الصحراوي ستمطر يوما وتحتفي الحياة بأنعتاقها ..
لكنه كان واعيا و مثقلا ايضا بعطش الحقائق الكبرى في السياسة والحياة ..في ثقافة الحرب القائمه وثقافة الأمل الغائبه .. وكانت تنهكه اضاءات متواصله في اعماقه لأسئلة الجمال في بيئة فكر مغلق وممارسات عابثه وكانت تتعبه عتمة المستحيلات وسواد الخيارات التي ترهق الرسام عادة .. لكن معاناته كانت تتضاعف حين يجد حريته في الرسم .. ولايجدها كمحاضر مقيد ، يلقي على طلبة كلية الفنون مباديء الجمال والحداثه .. ولكن بحذر ثقيل .. * محمد السعدون – 1958 رسام درب خطواته في امواج رمل شرقي عند شواطيء الرافدين .. حملت لوحته عناصر البناء والتنصيب المركب بكل ماده ابتكرها الواقع المشرقي كما توميء الى تأثيرات بصريه لحفور وآثار قديمه والوان قاحله طبعت تقنيته ..وأثرت بصيرته .. ومنذ اختياره الرحيل بعيدا بين طرفي الأرض اليابان.. وامريكا عام 1989 وهو حاضر بين ذاكرة تروي ..واعمال موجزه متبقيه عند اصدقاء .. اوهنا وهناك .. وبخاصه هيكل باب محترق جراء قصف بغداد خلال الثمانينات عالجه محمد السعدون اثر تفجر الصواريخ بالقرب من غرفته الصغيره – مرسمه المنطوي الأليف ، في الطابق العلوي لمنزل قديم ببغداد ، وقد غدا الباب بعد معالجة فنيه مهمه واحدا من موجودات معرض الفن العراقي المعاصر في معهد العالم العربي بباريس 1986.. * وفي معرضه الأخير الذي اقيم على قاعة معارض - باسيفك غروف سنتر للفنون الذي يستمر لغاية 28 آب، اغسطس 2009 يكرس محمد السعدون انشغالاته على انجاز موجودات فنيه من الأبواب والكراسي والمواد الزائده عن الحاجة والكتب القديمة وصفحات من الكتابه بالعربيه والألوان الخامات الأخرى وكأنه يكتشف كلاما يحكي موضوعات حياتنا هناك ..ويروي فزعنا الذ ي يدور من حوله منذ عقدين خشية ان لايلتفت احد الى فنائنا .. تحت وابل القوانين والنواميس المغلقه هناك .. وتحت رحمة القنابل المبيده لكل حياة .. الكتب تجلس على كرسي مغلول ..وقيود تلمح الى كوننا البغيض الذي يقيده كل شيء ويمنعه عن قول اي شيء .. الأبواب تفتتح كفه فوقها علامات ارتباك في ان لايكون هذا الباب بابا .. ولوحات تزدحم فيها الظلال العاجزه المنطويه والكتل الداكنه كأكف سوداء ارهقها الحصاد اليائس . قلق هو الرسام الذي فيه ازاء مصائر حيوات يحملها معه ..عبئه المجنون ..واسماؤه التي استصحبها معه عبر مسافات وبحار وكأنه مؤرخ في يقظة رسام .. يشتغل في مدى كوني يكون فيه الجرح اشاره والحرف غموضا فقط !! * في معرضه قدم محمد السعدون اعمالا ولوحات ، هي خلاصة تجربة في استعمال مواد وبقايا الحياة اليوميه .. ونوافذ وقطع اثاث وابواب ، تشكل اشتغالاته عليها تكريسا لمميزات اصيله في تجربته .. لونه في عتمة اللوحه مثل كيمياء سؤال مبهم .. وانشاءاته نبات بري مجهول صافن نحو الجهات .. يقول كلاما جريحا في عزلته .. لوحاته ابتكار لدروب يفك غموضها اللون .. هل قلت تجريداته .. ليفعل فهو في معرضه الجديد ة يضع مجازات الرسم ، في التقنية والفكر ، كرسام ملول يكترث بأختصار خطوته اكثر من اكتراثه بالمعاني التي ترمي صفائها .. وهو مثل صمته .. لايقول ولكنه يسرع ايضا حين يختصر الأشكال و كثّف بلاغة الاسلوب لأن الوقت اضيق من اي انتظار..
* الموسيقى كانت ملمحا مهما في المعرض حيث عزفت سيدتان على البيانو والفيولين قطعا من اعمال كلاسيكيه .. جعل رواد الأفتتاح اكثر اقترابا وتفاعلا مع تنوع التجربه وعمق الأعمال التي بدت في تقلب الوقت والفصول وهي تروي كموجه من غموض واغتراب .. حلم الرسام الذي يسهر الحزن معه .. وينهكه الأمل . --------------------
سيره : ولد عام 1958 وتخرج في كلية الفنون الجميله عام 1979 بعد حصوله على الماجستير من جامعة هارتفورد عام 1986 ..مارس التدريس و الرسم والعمل في مجال تصميم المطبوعات ..والطباعه الفنيه . غادر العراق عام 1989 الى اليابان حيث امضى ثلاث سنوات واقام معرضين شخصيين حصل على شهادة الدكتوراه في الفن عام 1999 من جامعة اوهايو ويعمل محاضرا هناك ..وقد اقام عدة معارض تشير الى قوة ارتباطه بالحركة الثقافية والتشكيليه المعاصره
|