المقاله تحت باب في الموسيقى والغناء في
12/10/2009 06:00 AM GMT
1 – تراث الشعوب الموسيقي
2 – هويتنا الغناسيقية
3 - اغنيتنا الاقليمية
4 - وعي الفنانين
5 - انتباه الشعب لتراثه
6 - المراة العراقية والانبعاث الجديد
(1)
تراث الشعوب الموسيقي
مما لاشك فيه ، أن لكل أمة أصيلة من الأمم ، فنونها وتقاليدها وعاداتها ومعتقداتها وظواهرها التراثية المتأصلة الجذور … التي تتصل في أعماق التاريخ .. تعرف بها وتحمل سيماءها ، هذه الجذور التي تنغرس في الدواخل وتترعرع بين الثنايا .. هي حصيلة حياة مجتمع بأكمله وتراكم حضاري انتجته آلاف الاجيال المتعاقبة لتلبي احتياجات الجماعة والفرد .. الفطرية .. والروحية .. والعقلية .. وغيرها .
ان فن الموسيقى والغناء في أي عصر من العصور ، هو انعكاس لحياة المجتمع وتعبير عنه … صور صادقة ، لها قيمتها في نقل هذه التأملات والانفعالات والتطلعات من زمن إلى آخر ومن جيل لآخر .
الموسيقى والغناء بصورة عامة … والأغنية الفولكلورية التي يُطلق عليها في المقامات العراقية أسم ( بسته ) .. أغنية بسيطة ، تعبر عن مشاعر المجتمع من خلال المغني بآنية وتلقائية خاصة .. تحوي كل ظروف البيئة وتعبر عنها .. ولما كانت هذه البيئة تعرِّف الغناء والموسيقى اذ تعطيهما شكلاً ومضموناً تعبيرياً خاصاً . فقد كان لهيبتها وجلالها التأثير البالغ في نفوس وجماليات وذوق المجتمع حيث تميزه عن غيره من المجتمعات الاخرى … على أساس أن الأنسان أبن بيئتهِ .. ولذلك نرى أن فنان التراث عموماً يحس دوماً بأنه على دراية بشيء جليل ، يمتلك من الذوق رفيعه ومن الشهامة فروسيتها ومن الرجولة فحولتها .. فعندما يمارس الفنان تراثه ، يحس بالتحليق حيث يضيف لمسة ملائكية تتلظى بين جوانحه لتتوهج بين ثنايا صوته فيخرج كالماء الزلال الرقراق يقطر نداً وشفافيه .. ولذلك نخلص إلى القول أن الفنان البيئي الأصيل يمتلك الورقة الرابحة في أداء تراثه .. وعليه فانه يمكننا أن نتحدث عن اغنيتنا التراثية وموسيقانا الاقليمية كعراقيين ، التي توسع منحاها الانتاجي منذ بدايتها الجديدة اواخر القرن التاسع عشر وتطلعات القرن العشرين .. بأنها تتساوى من حيث القيمة والمهارة بما يناظرها من اغانٍ اخرى لشعوب اخرى ، انطلاقاً من كون كل شعب من الشعوب يحتفظ بكيان شامل يتناظر فيه ويتساوى مع الشعوب الاخرى مهما كانت الاختلافات الثقافية وقيمتها .. وفي هذا الصدد يؤكد الموسيقار الهنكاري الباحث بيلا بارتوك .. بأن خصائص البيئة تتساوى مـن حيث القيمة الثقافية لـدى الشعوب بصورة عامة نسبياً … إن مفردة ( نسبياً ) هنا تعني الكثير في هذا المفهوم .. لأننا إذا نظرنا إلى تراث الشعوب فسوف نراه حتماً يتفاوت من حيث الخصوصية والقيمة النوعية والتحليلية لكل تراث على حده .. فهناك ما هو غني شكلاً ومضموناً وهناك ما هو فقير .. نظراً للاختلافات الطبيعية بين الشعوب من حيث تاريخها وحضارتها وثقافتها وظروفها بصورة عامة .. في حين اننا عندما ننظر إلى الموضوع من زاوية اخرى ، زاوية التناظر والنسبة التي نظر اليها بارتوك فان الموضوع يتساوى من حيث هذه القيمة ، لان كل شعب يمتلك تراثاً بطبيعة الحال ، يعتبر هو اغنى مالديه وكذلك شأن الشعوب الاخرى ، فان تراثها الاقليمي الخاص يعتبر هو اغنى مالديها ، وهكذا الامر نسبياً … فمن الناحية التحليلية والنوعية لنظرتنا إلى تراثنا الغناسيقي بصورة عامة ، نشعر بأنه استغرق وقتاً طويلاً للوصول إلى القيمة النوعية التي عليها الآن … وقد يمكننا القول ، انها قيمة جيدة من حيث النضج في الشكل والمضمون . فقد عانى العـراق من تراجيدياكبيرة خلال القرون الماضية وبالتالي فقد عانت الثقافة الغناسيقية الامرّين وكذلك الكثير من التقييدات الاساسية .. إلا أنه من المناسب دراستها وتحليلها بعمق لانها تكوِّن الفحوى الاساسي التي يمكننا من خلالها أن نطور غناءنا وموسيقانا .
(2)
هويتنا الغناسيقية
كثيراً مما قيـل ومما يُقال .. أن الظروف بوجهها العام .. التي مر بها العراق الحديث ، سواء على المستوى المحلي أو الدولي ، لم تؤدِ إلى تأثر ثقافتنا الموسيقية بثقافة البلدان حوالينا .. !! اشك في هذا .. !! فمن الحق أن يقال ، أن الفنانين الغناسيقيين العراقيين إلتفتوا إلى الاهتمام بموسيقاهم الإقليمية ، بسبب الاتجاه المحافظ الذي كان يسود الاوساط الفكرية والذوقيـة لدى المجتمع العراقي على وجه العموم . مما يفضي إلى حال لا يمكن بسهولة ان توفره له الظروف في تلك الحقب للتأثر والإطلاع بصورة مباشرة على نتاجات وثقافات البلدان حواليه ، ولكن بالرغم من كل ذلك كانت هناك مؤثرات نسبية ازدادت بعد التطور التكنولوجي الذي اخذ مداه السريع حتى غدت اغنيتنا الاقليمية والفولكلورية تأخذ حصتها بصورة أكثر مباشرة من التأثير والتأثر ، وأصبحت تكتب وتلحن وتؤدى على ضوء الثقافة المحلية الأساسية والثقافة المكتسبة الجديدة التي زادتها الظروف الدولية كمّاً ونوعاً في التأثير والتأثر … ولكننا بالرغم من كل الظروف التي عشناها خلال القرن العشرين ، لازالت موسيقانـا تمتاز بمرجعها التاريخي الخصوصي والاقليمي رغم تجديد وتطورالشكل ، إلا أن مضمونها بقى يوحي إلى الآن بأن منطلقاتها الأساسية من المضامين التعبيرية العراقية الصرفة .. وهكذا احتفظ الفن الغناسيقي العراقي بأصالته وهويته الخصوصية .. وهذه تجربة فذه بالقياس إلى انصهار الكثير من تعابير ومضامين موسيقى اقاليم كثيرة في تعابير هجينة لاتمت بصلة مباشرة بمراجعها الاقليمية الخاصة بها ، إذ لم تستطع هذه الثقافات الغناسيقية الاقليمية للبلدان والشعوب مواجهة هذا المد من التوسع في اجهزة الحفظ والنشر والتسجيل والاتصال .
ان تاريخنا عريق بلا شك .. وثقافتنا عميقة الغَور .. وغنائنا وموسيقانا سحيقتا القِدم ، واغنيتنا العقلية المقصودة موجودة منذ أزمان قديمة ، وتاريخ الموسيقى العربية تحدث عن ذلك الكثير ، ولكن الفجوة العميقة التي حصلت وعزلت نسبياً الكثير من ماضينا عن حاضرنا من حيث التـطور التاريخي التدريجي لموسيقانا ، كانت الفتـرة المظلمة التي
اعقبت سقوط العباسيين ( 656هـ – 1258م ) سبعة قرون كاملة ، عانى فيها العراق شتى الوَيلات ، ومع ذلك فقد بدأت الحركة الفنية الوطنية في التحديث من جديد تتحرك نحو تحولات وآفاق جديدة . واخذت بالنمو تدريجياً منذ اواخر القرن التاسع عشر تحت تأثير فنان فرد يعتبر من العلماء العبقريين المحدثين ، ليس في العراق فحسب ، بل في الوطن العربي باعتبـاره رائداً من رواد النهضة الموسيقية العربيـة الحديثة ، أنه الرجل العبقري الحافظ الملا عثمان الموصلي ( 1854 – 1923 م ) الذي ترك نتاجاً غناسيقياً غزيراً في الشكل والمضمون ، احتوى على مقومات الحداثة الإقليمية التي لم تسعها البيئة العراقية حسب ، بل سيطرت على الكثير من الالحان العربية الاخرى التي حصل على معظمها تلميذه الفطن سيد درويش الذي سعى للبحث عن مشاكل الحداثة في الأغنية العربية وأضاف لها الكثير . وكذلك امتزج الكثير من الحان الملا عثمان في أداءات القدود الحلبية التي ماتزال تؤدى إلى يومنا هذا .
(3)
اغنيتنا الاقليمية
قد نتوجس من مضامين اغنيتنا الاقليمية ، وهذا من حقنا .. ! وهو ما نحذر منه الفنانين الغناسيقيين ، خاصة الايغال بهذه الاقليمية والتلذذ بها على اعتبار انها ممتلكات خاصة للتمتع والتلذذ بجمالية حب الوطن وحب البيئة والمحيط .. و.. و ، وهو أمر غاية في الاهمية ورائع ، لكننا من ناحية اخرى ، نخشى الايغال لئلا تحدث هوّة قد لا يمكن تخطيها بسهولة بين الفنانين وروح عصرهم .. فلا بد أن يكون شكل ومضمون أغنيتنا أو غناؤنا بصورة عامة متوازٍ في التعابير التي يمتلكها الفنان الغناسيقي من بيئته ومحيطه وتاريخه وبين تطور المجتمع العلمي والفني والجمالي لبلورة أصالة جديدة أساسها أصالتنا الحقيقية المُستقاة من ماضينا لنعبر بواسطتها عن حاضرنا ومستقبلنا ، ولابد أيضاً أن تكون لغة المؤدي أو الملحن أو الكاتب لغـة مثقفـة وجميلـة ورنانـة وشاعرية مواكبة للحياة المعاشة للواقع المعاش ، بل لابد أن نصنع الواقع بأنفسنا لبناء المستقبل الزاهر لموسيقانا .. أن الحضارة تعني القانون والنظام .. وتعني الوعي والادراك العقلي بقيمة الحياة وتطوراتها ، وقد يعترف الفنان الواعي بتعقيدات الحياة المعاصرة فيعمل على تجاوز هذه التعقيدات …
ان الحافظ الملا عثمان الموصلي مجّـد الواقـع لأنه انطلق من تراثه وتاريخه وثقافته الوطنية ، ومجّد الحياة لأنه عبّر عنها بكل وعي ودراية ، وبذلك تصبح الحضارة مرادفة للحق بالحياة ، كما أنها مرادفة لأخلاق الفن السامية ..
غالباً ما يؤكد الدافع الفني نفسه ، في الحان ونتاجات هذا العبقري العملاق الملاعثمان الموصلي … فكثيراً مايصل إلى الذروة في التعبير عن الحياة وعن الحضارة وعن الوطن في نتاجاته ، أي أنه ثبّت الأسس العقلية وأعادها واظهرها في النتاجات الغناسيقية الحديثة في العراق الحديث .. فلا بد إذن .. أن تسمو هذه التطلعات بصورة متحضرة .. ولذلك نرى أن المؤلفات والنتاجـات الغناسيقية بصورة عامة ، الممتلكة للمقومات مارة الذكر ، ناجحة لأنها توضح الأشياء كما هي ، ولأنها تكون في هذه الحالة بعيدة عن التخريب الجمالي والتعبيري والعلمي ..
إن التأكيدات كثيرة حول ما يُسمى بالأغنية الحديثة ، أي الأغنية العقلية المقصودة ، مؤديها وملحنها وكاتبها .. كلهم معروفون لدى المجتمع ، أي أنها من زاوية أخرى نتاج فردي رغم إنها تستقي تعبيراتها من المجتمع ، تأكيدات على أنها نشأت في المدينة .. وهذا أمر منطقي ومقنع .. لأن أهم ما تمتاز به المدن هو ديناميكية التفكير والحضارة العقلية والتطور والتغير والتحول ، أي حركة الحياة الديناميكية المستمرة والمتنوعة المتصلة .. لذلك نرى أن تراث الموسيقى الريفية والبدوية وباقي البيئات الأخرى ، أكثر وأعمق أصالة وأكثر نقاءً من تراث المدن وكذلك فهو أبطأ استجابة للتغيير أو التطور.
ومن ناحية أخرى هناك ادعاءات أخرى تقول ، أن الأغنية الحديثة قد هجرت الخصوصيات البيئية والإقليمية في شكلها ومضمونها ، وهو ما نحذر منه أيضاً … ومع إنها تبقى ادعاءات تنقصها الدقة في بعض مفاصلها, ومع ذلك فان اغنيتنا الحديثة لم تزل تتباها بالقول (أن منطلقاتي عراقية) ..
(4)
وعي الفنانين
على الأجمال ، ان الكثير من فنانينا الغناسيقيين لا ينتجون غناءً أو موسيقى بتعابير أدائية هم غرباء عنها على وجه التقريب ، فليس هناك هوة سحيقة فعلا لايمكن ردمها تفصل بين الفنان ومتطلبات عصره .. فقد تخلص بعضهم من عقدة الاعجاب بالغريب .. واستطاعوا ان يتفاعلوا مع نتاجات فناني بلدهم ومادة تراثه الغناسيقي .. ونتج عن ذلك ظهور فنانين كبار يشار لهم بالبنان ، ومثال ذلك ( الفنانون الوطنيون ) الذين درسوا علوم الموسيقى الحديثة والمعاصرة وانطلقوا بوطنيتهم بهذه العلوم .. حيث لا يهدف هؤلاء الفنانون إلى توثيق ما يجري من تطلعات موسيقية في الخارج ، بل أن تطلعاتهم وافكارهم وثقافتهم كرسوها لتوثيق الفترة التطورية المعاصرة والمعبرة عن واقع ظروف العراق ، بلدهم ووطنهم ، وذلـك يعزى للأصالة الكامنة في نفس كل من هؤلاء الفنانين الدارسين الواعين لظروف المرحلة الراهنة ومتطلباتها , أي إنهم يقدسون التراث ويرون إن عليهم المحافظة عليه وتسليم الراية الى الجيل القادم بكل أمانة.
إن الغناء بصورة عامة .. وغناءنا العراقي على وجه التخصيص ، من أغنية حديثة مستقاة من مختلف بيئات جغرافية العراق سواء أغنية بغدادية أو أغنية المدن بصورة عامة أو الأغنية الريفية أو البدوية أو أغنية البيئات الأخرى . إذا كان هذا الغناء مضمونه يعتمد الخيال ، دون أن يعكس حقيقة المرحلة المعاشة ، فأنه لن تكون هناك كبير فائدة في قياس متطلبات وهموم حياتنا المعاصرة ومخاطرها المتوقعة في المستقبل خاصة ونحن نعيش في عالم مجنون في تطوراته التكنولوجية المذهلة . وعلى هذا أطلق الفنانون العراقيون الدارسون والواعون لظروف بلدنا الناهض ، العنان لأنفسهم وإمكانياتهم ومخيلاتهم في هذا السبيل .. وتعتبر هذه التطلعات الأصيلة جزء من الأغنية والموسيقى المعاصرة ، ليس في العراق حسب ، بل في كل الوطن العربي وخارجه ، وهكذا نرى هذا الواقع وهذه التطلعات موجودة في النتاجات الموسيقية والغنائية وقد توضحت اكثر في النصف الثاني من القرن العشرين .
(5)
انتباه الشعب لتراثه
أما فيما يخص المقام العراقي ، فمنذ حوالي أكثر من ثلاثة قرون والمهتمين بشؤون المقام في بغداد خاصة والمدن الشمالية كركوك والموصل والسليمانية واربيل ودهوك يتداولون مصطلح ( المقام العراقي ).. وبمرور الزمن بدأت تعقد حوله المناقشات والندوات والمؤتمرات وتنفق عليه الاموال .. وقد استطاعت جهود الرواد الأوائل لهذا اللون الغناسيقي أن تؤتي ثمارها وتحقق كثيراً من غاياتها فاجمعت لهذا التراث مجموعة قيمة من الافكار والابداعات والاراء والمحاولات الفردية والجماعية كوّنت لنفسها ذخيرة نفيسة من المبادىء الاساسية لأصول المقام العراقي وشروطه التي توَّجت بتأسيس معهد الدراسات النغمية العراقي عام 1970م , الذي أخذ على عاتقه دراسة المقام العراقي والموسيقى العراقية أكاديميا ولعل الأمر الذي يعنينا من هذا كله ، هو ان الاهتمام لا يمكن ان يكون وليد المصادفة ، ولا هو ثمرة اجتهاد شخصي لباحث فرد مهما بلغ علو همته في الغناء والموسيقى والبحث والحماسة في الدفاع عن هذا اللون المميز … لابد إذن أن يكون لهذا الاهتمام استجابة طبيعية لحاجة واقعية لها وجودها الملموس على المستوى الاجتماعي والقومي والوطني ، حاجة يمكن ان تبرر هذا التشجيع من جانب الدولة وأجهزتها الإعلامية ، مع الجهود المخلصة لبعض الباحثين الأفراد … ( وعليه فان فناني الطليعة في العراق الحديث ، خلال النهضة الموسيقية الحديثة مطلع القرن العشرين ، قد ساهموا مساهمة فعالة في إعادة الزهو والــــــــسرور إلى الموسيقى خاصة ..
(6)
المراة العراقية والانبعاث الجديد
لابد من ذكر حقيقة طيبة .. هي أن هذا ألانبعاث الجديد لنهضة الثقافة الموسيقية عندنا ، قد ساهمت به نساء فنانات بصورة مؤثرة … برهنّ على انهنّ قويات في المجتمع .. حيث كانت النتاجات الأولى في الغناء والموسيقي قد أدى كثيراً منها من قبل نساء مطربات أمثال صديقه الملاية وبدريه أنور ومنيره الهوزوز وسلطانه يوسف وبهيه العراقية وماري الجميلة وأمينه العراقية وعليـَّة فوزي وجليله العراقية وطيره حكيم وزنوبا وعزيزه العراقية وروتي وغيرهن الكثير … وستبقى الاغاني خالدة على مر الزمن لامتلاكها كثير من مقومات النجاح .. خاصة في عنصرها الجمالي نسبة لحقبتها الزمنية .. الذي كان يعبر عن روح البيئة المحلية الذي كان ملائماً لذوق المتلقي انذاك .. وقد كان الملحنون الاوائل قد بذروا البذرة الاولى التي اثمرت عنها هذه المرحلة الثقافية التي تمخضت عنها حركة جديدة بالاستقاء من التراث والاستفادة منه فائدة مباشرة سواء في المقامات العراقية أو في الالوان الغناسيقية الاخرى مثل الغناء الريفي والغناء البدوي أوغيرهما .. حيث تكشف لنا ذلك خلال الاستماع إلى تلك الابداعات التي ظهرت في هذه الحقبة … وهذه الحقائق تبرهن لنا ان نجاح هذه الطليعة من النساء المطربات قد خلّف نساء مطربات اخريات كجيل ثانِ وثالث .. فكانت سليمه مراد وعفيفه اسكندر وصبيحه ابراهيم ولميعه توفيق وزهور حسين ومائده نزهت وهيفاء حسين واحلام وهبي وغيرهن … رغم ان هذا الخط المستمر من ظهور النساء المطربات كان يبهت تارة ويظهر تارة اخرى وذلك بسبب القيود الاجتماعية ونظرة المجتمع إلى الفنانين .. مما جعل المرأة تحتاج إلى كثير من الجرأة لتقديم نفسها فنانة للشعب. . لذا فقد كانت المرأة عموماً اقل احتمالاً للنجاح واكثر تعرضاً للخيبة واليأس. . ومن الحق القول أن هاتيك النساء.. كن هن البداية والمحرك الفعلي الأول النشط والمقاوم للركود الثقافي... اللاتي ظهرن في العقود الأولى للحركة التحديثية للموسيقى والاستمرار بها ومجىء الاجيال الاخرى التي نهجت نفس الخط التطوري وأصبح للجيل الأول منهن خليفات وأتباع. . فقد كانت هي البداية وهي المحرك الفعلي الاول للركود الثقافي في مسيرة الفن الغناسيقي الذي استمر على ركوده طيلة زمن قارب السبعة قرون، وبتطور الزمـن فـأن الاجيال التالية لجيل الفنانات الرائدات قد اصبح أخف عبئـاً وأكثر ثقة مـن السلف، وأصبحت معالجة بعض القيود الاجتماعية الصارمة قبـلاً ، أمراً أكثر مرونه .. حيث بدا عند النساء المطربات يزداد بمرور الزمن.. )
- الملا عثمان الموصلي – ابن الحاج عبد الله بن الحاج فتحي بن عليوي الموصلي . من عائلة الطحان الموصلية , ولد 1271 هـ 1854 م في الموصل – توفي والده وعمره 7 سنوات , فقد بصره وهو صغير السن لا صابته بمرض الجدري , حفظ القران الكريم وهو صغيرا وتعلم الموسيقى وحفظ كثيرا من الشعر أيضا . جاء بغداد بعد وفاة السيد محمود فتولى تربيته احمد عزت العمري وهو ابن السيد محمود .. فحفظ صحيح البخاري على يد الشيخ داود وبهاء الهندي , تعلم القراءات على يد السيد الحاج حسن , ثم اخذ الطريقة القادرية عن السيد محمد النوري, ذهب الى استانبول وهناك أعجب به السلطان عبد الحميد الذي امر بتعيينه مديرا لجامع أيا صوفيا الذي كان يصلي فيه السلطان عبد الحميد , تجول بين بيروت وسوريا وتركيا وتعرف على مقرئيها وفنانيها ثم سافر الى مصر فالتف حوله المغنين والموسيقيين ثم عاد الى بغداد وعمل في جامع الخفافين .. كان الملا عثمان من اذكى الناس , سريع الحفظ .. رحيم كريم الطبع والاخلاق شاعرا فصيحا وعاميا وباللغة التركية والفارسية وملحنا , سريع البديهة , خطيبا بليغا عازفا ماهرا على الات القانون والعود والناي والضرب على الايقاع عالما بها .. اخذ عنه ابو خليل القباني من اكابر الفنانين في عصره واخذ عنه ايضا عبد الحمولي الموشحات وبعض الانغام التركية , نشر سلمى الحجاز كارو النهاوند في مصر والبلاد العربية حيث كانا مجهولين .. خمس كثيرا من القصائد للشاعر عبد الباقي العمري , لحن الكثير من الاشغال الدينية التي تؤدى في المناقب النبوية الشريفة وربما كلها وهي من نظمه وتلحينه وقد اعطى معظمها الى تلميذه سيد درويش عندما تلمذ على يدي الملا عثمان في حلب عندما جاءت فرقة عطا الله المصرية الى حلب وفي القاهرة عندما ذهب الملا عثملن الى مصر اواخر القرن التاسع عشر .. الف كتبا كثيرة في شتى العلوم منها .
ابيض خواتم الحكم ( في التصوف )
كتاب نباتي - الطراز المذهب في الادب - الابكار الحسان - التوجع الاكبر بحادثة الازهر - رسالة من تخميس الامام اليوصيري -جمع نفح ديوان عبد الباقي العمري ( الترياق الفاروقي ) .
وقد تلمذ على يديه الكثير من قراء القران العراقيين منهم
الحافظ مهدي - عبد الفتاح معروف - محمود عبد الوهاب
- - الديناميكية: نعني بها بناء العمل في حركة مستمرة متصلة متغيرة ومتنوعة في وحدة متكاملة .. انظر كتابي المقام العراقي الى ابن د ص 73 عنوان – البناء الفني.
|