اللوحة التشكيلية و صدمة التاريخ

.

المقاله تحت باب  محور النقد
في 
25/11/2007 06:00 AM
GMT



تقدمة
من الصعوبة ايجاد تعريف واضح للرسم في نهايات الالفية الثانية وبداية الالفية الثالثة.. لقد صار ظاهرة شديدة التعقيد ومتناقضة المستويات حينما تظهر الرسم بتجليات مختلفة تتناقض في بعض الاحيان كليا بما سيق من تصنيفات ومدارس واتجاهات وحاجات وافتراضات سابقة في زمن ليس ببعيد. فلو نظرنا الى تاريخ الفنون البصرية بعد الحرب العالمية الثانية لوجدنا انه قصة سلسلة من الحركات الصغيرة التي امكن للنقد ومؤرخي الفن من ملاحقتها وتعيينها: الفن الشعبي (البوب) والفن البصري (الاوب) والفن الحركي والفن الذهنوي وفوق الواقعية والسوريالية والتعبيرية الجديدة.. ان هذه الحركت برمتها تمثل اعادة تغيير افكار كانت معروفة قبل الحرب، وعلى الرغم من ان الفن قد تأرجح من الشخصاني المتطرف الى اللاشخصاني تماما، فان مصطلحات الصراع كانت قائمة سلفا، وعموما فان معظم الانبعاثات الاسلوبية تختلف عن اصول ما قبل الحرب في انها تطور وتعظم الشكل المستعار في الوقت الذي تقلل من شأن الموضوع او تنبذه كليا...
 
 كان لهذه الحركات مجالا واسعا من النقد والتحليل عندما كانت تقع تحت مسميات مدرسية في التصنيف.. لكن لا احد يستطيع اليوم عزل الاعمال الفنية وليس ممكنا متابعة الانقلابات الاسلوبية الحاصلة في معارض الفن على الصعيد العالمي.. وكل ما هو حاصل ان يصنف الانتاج الفني لكل فنان تحت عناوين المدارس المذكورة نظرا لعدم استطاعة النقد من متابعة المستجدات الكبرى التي طرأت على الرسم ، وعليه يحتاج الانتاج المعاصر الى اعادة تعريف لا للاسلوب وحده بل في انتاج الرسم ذاته وكيفيات التقابل بينه وبين العمارة التي اصبحت ميدان عرضه وسبب من اسباب انتاجه.. اضافة الى دخول المتغير التقني الهائل الذي مد الرسم بدماء وحياة لم يكن قد عرفها في تاريخه وتجاربه وصيرورته . هكذا نأى الرسم بنفسه عن تاريخه وموضوعه وفي ضوء ذلك توجب اعادة النظر في قراءته النقدية ومناهجها لان ادوات البحث الفني والمناهج المعروفة قد لاتصلح كما هي عليها الان، لفك الشفرات الجمالية لفن اليوم، او هي عاجزة في الاقل من الامساك-بادواتها المعروفة- بما يحيط بالرسم من تحولات مضطردة بالحياة وازماتها وبالحركية الهائلة لهذا العصر الذي تحرك فيه الفن من مكانه الى جغرافيا لم تزل لم تكتشف بعد.