المقاله تحت باب في الموسيقى والغناء في
10/01/2010 06:00 AM GMT
في السادس من نيسان عام 2005 رحل الموسيقار العراقي المبدع رضا علي , ولأنه لم يكن مصريا ولم يكن سوريا أو لبنانيا فلم يسلط عليه الأعلام أضواءه … بل كان عراقيا من طائففة الكرد الفيليين وانتمائه هذا جلب له مطاردة البعثيين وعايش شبح التهجير من العراق فعوضا عن تفكيره بالأنتشار والشهره راح يقبض بيديه وقلبه على وطن يخشى أن لا يستيقض ذات صباح فيه….
دخل الفنان رضا علي الى معهد الفنون الجميلة ودرس في قسم التمثيل والإخراج المسرحي لكنه تخصص فيما بعد بالموسيقى والألحان ثم دخل الإذاعة في فترة الراحلين الكبيرين عمو زكي ومحمد كريم وقدم أروع ألحانه للعديد من الفنانات العراقيات أمثال عفيفة اسكندر ومائدة نزهت ونرجس شوقي ومن العرب سميرة توفيق وفائزة أحمد وفهد بلام ونهاوند وراوية وحفصة حلمي. وشارك في فيلم ارحموني لحيدر عمر حيث مثل وغنى فيه أوبريتاً محلياً وسجل اسمه في جمعية الموسيقيين العرب في باريس.وانقطع الفنان رضا علي عن التلحين لفترة طويلة إلا أنه كانت هناك محاولة من الناقد الموسيقي السيد عادل الهاشمي لإقناعه بالمشاركة في أمسيات فنية كان آخرها على قاعة نادية للفنون التشكيلية عام 1993 وقد احتفت به نقابة الفنانين العراقيين في أمسية قدمها الفنان الراحل عارف محسن وشارك فيها البروفسور الأستاذ طارق حسون فريد.ومما يذكر أن الفنان سامي قفطان قد قدم فيلماً وثائقياً عن مسيرة الفنان الراحل بعنوان (رحلة الغناء والعطاء) تم بثه عدة مرات على شاشة قناة السومرية وعدة قنوات أخرى
رضا علي من مواليد سوق حمادة في الكرخ وتعلم في مدارسها ثم درس في معهد الفنون الجميلة وعند تخرجه اواسط الاربعينات دخل الى الاذاعة وبدأ رحلة احتراف الفن. وإستطاع الفنان الراحل عبر ألحانه ان يشكل مركز جذب وتأثير في الساحة الغنائية العراقية وذاع صيته في خارج القطر في لبنان وسوريا ومصر وتناقلت اخباره هناك . فانجذبت اليه اصوات المطربات العربيات مثل فائزة أحمد وسميرة توفيق ونرجس شوقي وانصاف منير ونهاوند وغيرهن . فجئن الى بغداد يطلبن ألحانه. وهو يدين بالفضل للشيخ علي درويش الذي اعانه على دخول الاذاعة وتخطى لجنة الاختبار وتسجيل اول اغنية له عام 1949 (حبك حيرني) ثم تلاها بقصيدة زكي الجابر (ذكريات) ثم أغنية (مالي عتب وياك) وأغنية (شدعي عليك يلي حركت كلبي) التي ادتها فيما بعد نرجس شوقي، ثم جاءت اغنية كل المواسم (سمر سمر) التي منحت رضا علي جواز المرور الى قلوب المعجبين والعشاق.. والغريب ان هذه الاغنية ما زالت ذات النكهة والتميز والقبول في ايامنا هذه فمجرد سماعها يرن لها القلب والعقل ومن ابرز الحانه للاصوات العراقية موشح (قيل لي قد تبدلا) لعفيفة اسكندر و ( مر يا اسمر وبيا عين جيتو تشوفني ) و( انتظار وحرام وحمد يا حمود و اسألوه لا تسألوني ) لمائدة نزهت و( تفرحون افرح لكم ويا بنت البلد ) لزهور حسين والأغنية الأخيرة غنتها المطربة زهور في فيلم وردة .
اما للمطربات العربيات فقد قدم رضا علي عشرات الاغاني الجميلة منها .. ( اللوم مرمر حالتي ) لسميرة توفيق و(ادير العين ما عندي حبايب) لراوية و(ادلل واشلون عيون عندك) لنهاوند و(يا سامري دك الكهوة) لفهد بلام . ولم يقتصر دور الفنان رضا علي على الغناء والتلحين بل اسهم كممثل في بعض افلام السينما العراقية منها فيلم (ارحموني) مع المطربة هيفاء حسين اخراج حيدر العمر وغنى فيه يا وليدي يلة نام واغنية رمضانية بعنوان (عباد الله) واستعراض غنائي بعنوان (وادي الرافدين) غنى فيه كل الوان الغناء العراقي من شماله حتى جنوبه. كما شارك في فيلم (لبنان في الليل) تم تصويره في لبنان اخراج المطرب اللبناني محمد سلمان ومثلت معه صباح وسميرة توفيق ورشدي اباظة وغنى فيه اسألوه لا تسألوني التي غنتها فيما بعد الفنانة مائدة نزهت، كذلك شارك في لبنان بفيلم آخر بعنوان (يا ليل يا عين) اخراج كاري كاربنتيان. وقد عانى الفنان الكبير رضا علي من اصله الكردي الفيلي وكاد ان يطرد خارج العراق لولا الواسطات التي احرزت تقدماً في بقائه في العراق لكنه مقابل ذلك جرى تعتيم مقصود ضده اضطره قبل اكثر من ثلاتة اعوام الى مغادرة العراق الى اوروبا للعيش هناك والعمل في معمل للصناعات الجلدية! . ان رضا علي يمثل مرحلة متكاملة في تطور الغناء العراقي واضاف لها اضافات نوعية تجلت في نقله ألحان الموروث الفلكلوري الى الاغنية الشعبية الملحنة اصلاً للروح المدينية كما يشير الى ذلك الناقد الموسيقي عادل الهاشمي. كما اعتمد رضا علي جانب البساطة والسلاسة في اسلوب التلحين التي اضفت على اعماله نسمة شعبية الامر الذي قربه كثيراً الى قلوب المستمعين… وجعله احد رواد الاغنية العراقية اداءً ولحناً على مدة عقود من الزمن وما يزال. قبل عدة اعوام من سقوط النظام السابق غادر العراق الى اوربا بعد ان ضاقت السبل به.. وظل هناك الى حين سقوط النظام وعاد إلى ارض الوطن ثانية ليسجل بعض الاغاني الدينية لكنه لم يشارك في اغنيات عاطفية رغم قدرته الرائعة في ذلك بسبب هروب المطربين الى خارج العراق وكذلك لعدم استفادة الجهات الفنية من قدرته وهي نفس القضية التي عانى منها سابقاً.. لكن سيبقى رضا علي منارة للاغنية العراقية لجهوده وخدماته الجليلة لها.
|