أعلن في بغداد عصر اليوم الثلاثاء عن رحيل الفنان التشكيلي العراقي الكبير نوري الراوي عن عمر ناهز الـ 89 عامًا في مستشفى اليرموك في بغداد، الذي نقل إليه قبل يومين، بعدما زاد تدهور حالته الصحية.
عبد الجبار العتابي من بغداد: ودّعت بغداد عصر اليوم الثلاثاء الفنان التشكيلي نوري الراوي، الذي وافاه الأجل بعد معاناة طويلة من الأمراض، التي وجدت في شيخوخته مجالًا رحبًا للعبث بصحته، فأحاطته بكل أنواع الوجع، وتركت آثارها واضحة على جسده، على الرغم من مقاومته المستمرة، بصبره وقوة تحمله وحبه للحياة، إلا أن الوهن الذي أصابه كانت له كلمة الرحيل الأخيرة، فخارت قواه، وكانت نهايته المؤسفة على سرير المرض، الذي يكرهه في المستشفى، الذي كان ينظر إليه بكثير من الموت!!.
معهد الفنون
الراحل الراوي يمتلك سيرة فنية طيبة تمتد إلى سنوات طفولته الأولى، وقد ولد في قرية راوة التابعة لمحافظة الأنبار عام 1925،وعاش فيها عاشقًا لإطلالاته التي يتأمل فيها نهرالفرات، حيث هناك البساتين والنواعير والقباب والنخيل، فمنحت مخيلته جمالًا ودهشة، فعشق الفن والكتابة والسينما، وسرعان ما التحق بمعهد الفنون الجميلة في بغداد في العام الدراسي 1940-1941 ويعد واحدًا من أهم وأبرز رواد الفن التشكيلي العراقي، فهو من مؤسسي المتحف الوطني للفن الحديث (كولبنكيان) ومتحف الرواد ومتحف فائق حسن ومتحف الإبداع العراقي.
نال زمالة دراسية في التصميم الطباعي مونتاج المطبوعات وديكور البرامج التلفزيونية من بلغراد 1962- 1963، وقَدم برامج في الفن التَّشكيلي في تلفزيون بغداد لنحو ثلاثين عامًا (1957-1987).
ترأس جمعية التَّشكيليين العراقيين، وعضو اللجنة العليا لمهرجان بغداد العالمي التَّشكيلي (1986-1994)، نال وسام الاستحقاق العالي عام 1993، ولقب رائد تشكيلي عام 1993، كما إنه مارس الكتابة في الفن والأدب والنقد الفني وزاول النشر في الصحف والمجلات العراقية والعربية والأجنبية، وتولى سكرتارية تحرير (مجلة العراق الجديد) و(مجلة الرواق)، وله مؤلفات عديدة منها: تأملات في الفن العراقي الحديث 1962/الجزء الأول، المدخل إلى الفلكلور العراقي 1962، جواد سليم 1963، الفن الألماني الحديث 1965،العراق في كرافيك 1966، منعم فرات نحات فطري 1975، اللون في العلم والفن والحياة 1986، متحف الحقيقة متحف الخيال 1998،تأملات في الفن العراقي الحديث 1999 (الجزء الثاني) وله عدد من المؤلفات المعدة للطبع.
صفحة للفنون
كما إنه أسس لأول مرة في تاريخ الصحافة العراقية صفحة خاصة بالفنون وأشرف على تحريرها في صحف (الزمان والأخبار وصوت الأحرار) 1952.
في السنوات الأخيرة، عملت وزارة الثقافة على جمع الأعمال والمقتنيات الفنية والأرشيف الخاص للفنان الراوي، منذ الخمسينيات من القرن الماضي ولحد الآن والذي يضم مئات الدراسات والبحوث والمقالات والأدلة عن المعارض والملصقات، ومراسلات مع فنانين عالميين والتي تعد إرثًا فنيًا يهم الثقافةالعراقية والحركة التشكيلية. رحم الله نوري الراوي فنانًا وإنسانًا الذي توارى خلف ظلال ألوانه الغامضة.
عبد الجبار العتابيعن ايلاف