تم مساء امس الاول في دارة الفنون - البيت الرئيسي ، افتتاح المعرض الفني المشترك للفنان الشاعرادونيس والفنان العراقي حيدر وهو العرض الاول لهذه التجربة المشتركة التي ستجوب الوطن العربي ودول الاتحاد الاوروبي.
ويقدم كل من الفنانين في المعرض الذي نظم بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي ثلاثين عملا انجز معظمها خلال هذه السنة وبعضها خلال سنتي 2005 2006و .
قدم الشاعر السوري ادونيس والرسام العراقي حيدر تجربتهما المشتركة القائمة على حوار بين الشعر والرسم والكولاج ، بما يؤشر على العلاقة الجمالية بين النص الشعري والنص البصري.
ويقترح ادونيس في اعماله ابداعا جديدا في التشكيل بموازة منجزه الشعري الثري والمتجدد ، مانحا لوحاته مساحات بصرية يستثمر فيها قصائد كتبت بخط اليد تستحضر ابداع الشعر العربي الكلاسيكي ورموزه من مختلف الازمنة والحضارات: المعري وابوتمام ووضاح اليمن وهم الشعراء الذين يربطهم التمرد والرفض والنظر الى العالم بعين ثالثة.
ويتبع الاتجاه الجرافيكي للخط نموذجا فضائيا تنتظم فيه الاتجاهات لتشير الى اللغات كلها ، وسواء كانت هذه الكتابة مقروءة او مستعصية على القراءة ، فهي تؤشر على رغبة ادونيس بالتحرر من قواعد اللغة ليجد لغته الحسية في التشكيل ، كولاج ادونيس ضرب من ضروب النحت البارز بما يخلق فضاء متضادا ومتعاكسا مع الكتابة الملساء الصقيلة ، وهما تتكاملان معا رغم تناقضاتها.
يقول الناقد زياد دلول عن معلقات ادونيس بأنها تبدأ اللوحة وربما القصيدة ايضا في تحريضات لا ضابط لها سوى عبث المصادفة ، وما اجمل ان تبحث بوعي عن المصادفة: التقاط اشياء صنعتها الطبيعة بآلات الزمن وبأكاسيد المطر والغبار ، اوراق نحتها تمزيق لهو الريح ، وحصى صقلها حفيف الرمال ، جمع اشباح هيئات من كرتون مطبع بلغات الصناعة والتغليف ، ومحنط بخيوط القنب وبخرازات النحاس ، صفائح معدنية مرققة بعجلات السيارات بلاستيك معجون بسخام نعال المارة ، ويندر ان يلجأ ادونيس الى اللون مادة تصورية وعجينة ، وانما يأتي اللون مع المادة الملصقة ، اسود ترابيا ارجوانيا صدئا خشبيا ، الوان مستعارة من تقاليد الكولاج ، من قصاصات القماش وتعريقات عبث التآكل لما يمكن استعماله وما يتيح للصمغ ان يثبته على الورق ، وربما في سيطرة الاسود تذكير بحبر الكتابة وربما في تقشف الالوان اخلاص لتقاليد المخطوطة وكيف لنا ان ننسى ان بالحبر والورق وحدهما يعمل الشاعر.
وفي باب آخر يطرق ادونيس صناعة اخرى: نحت الفراغ لاعمال ثلاثية الابعاد استقلالية كاملة عن الكتابة ، وهي ليست نحتا وانما هي تركيب نحتي لكل ما تلتقط يده ، ولكل ما يسمح بتشكيلة الاحتلال فضاء منمنما ، انها اعمال لا تدعي النصبية ولا تسكن الاحات والشوراع ، بل تعتلي منصات الطاولات الشبابيك ومحطات القراءة ، تركيبات تتجنب الصقل التزويق الحرفة ، وتؤالف مواد غير متألقة ، بوحدها منطق الانشاء وضرورة التاسق قانونها ادائي وجذورها في الايحاء والاشارة ، مثل ادونيس في ذلك صانع دمى لعبادة الريح ، او صانع ثمينة لحصى الارض والوديان والشواطىء لبازلت كريم او لفخار مبتذل ، يندرج عمل ادونيس التشكيلي في باب اللعب كمثل سائرالفنون ، وفي تحديد آخر لاينفصل عن تقنية الكتابة بمعاها الكبير.
ويذكر ان ادونيس ولد في قرية قصابين في محافظة اللاذقية - سوريا ، وعاش في بيروت من عام 1956 الى عام 1986 ، يعيش حاليا في باريس ويمضي اوقاتا كثيرة متنقلا بين باريس وبيروت ودمشق ، له العديد من الاعمال الشعرية ، ترجم معظمها الى الفرنسية والايطالية والاسباية والالمانية والسويدية ، وله كتب في النظرية الشعرية العربية ، وقد ترجمت ايضا الى اللغات الاجنبية ، مارس التعليم في عدد من الجامعات الاوروبية كان آخرها في مدينة جنيف.
اما الفنان العراقي حيدر فيتعامل مع المادة واللون بحساسية ، خالقا مساحات شبيهة بالابواب والنوافذ تحمل دلالات متعددة تشير غالبا الى الكآبة والخوف رغم الوانها المشعة (خصوصا حين تكون موصدة) في محيط هذه الابواب والنوافذ تدور حكاية الانسان وتاريخه وهو يحاول في اعماله ايجاد علاقة جديدة بين الشكل الهندسي للوحة ومضمونها.
والفنان حيدر ولد عام 1954 في مدينة الشطرة من اور عاصمة بلاد الرافدين ، اقام معرضه الشخصي الاول في بغداد 1973 ، وشارك في عدد من المعارض الجماعية بين سنتي 1973 - 1976 غادر العراق واقام في فرنسا سنة 1976 درس التقنية والرسم المعمري في مدينة تور ودرس التقنيات الحديثة للفنون الرقمية في المدرسة الاوروبية للصور في بواتييه ، وله مساهمات في التجمعات والمبادرات الفنية في اوروبا وفي فرنسا بشكل خاص ، اسس مشاغل للرسم والصور الرقمية والفيديو في مؤسسات خاصة في فرنسا ، ويعمل مدرسا فيها ، اقام زهاء 70 معرضا شخصيا وجماعيا في فرنسا وبلجيكا وسويسرا والمانيا وغيرها وتتوزع مقتنيات من اعماله في مجاميع خاصة في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية. |