من اخراج عوطف نعيم .. نساء لوركا في الجزائر

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
16/07/2008 06:00 AM
GMT



حسين محمد:
قدمت فرقة ''محترف بغداد المسرحي'' العراقية، مؤخراً في العاصمة الجزائرية عرضاً مسرحياً بعنوان ''نساء لوركا'' من إخراج الدكتورة عواطف نعيم وإشراف عزيز خيون.

وبرغم أن الجمهور المسرحي الجزائري تابع من قبل عرضاً مشابهاً بعنوان ''بيت برناردا ألبا'' للشاعر والكاتب المسرحي الإسباني لوركا، إلا أن العرض العراقي حمل جديداً؛ إذ إن المخرجة اعتمدت ''مزيجاً مسرحيا'' مأخوذاً من أربعة نصوص للوركا، أساسها ''بيت برناردا ألبا'' و''يرما'' وزاوجت بين هذه النصوص في حبكة عجيبة أثارت إعجاب الجمهور الذي صفق طويلاً للفريق المسرحي في ختام العرض.

وبدا واضحاً أن المخرجة قد برعت في أخذِ ما تراه مناسباً من نصوص لوركا لإسقاطه على ما يجري في العراق منذ مارس 2003 إلى الآن، وهذا في رمزية عالية جسَّدتها قصة أربع بنات تقرِّر أمُّهن المستبدة القاسية سجنهن بعد وفاة أبيهن وعزلهن عن العالم الخارجي وإغلاق كل أبواب البيت ونوافذه، وفرض''الحداد'' عليهن لسنوات طويلة.

وبمرور الوقت، تشعر البنات الأربع أن حدادَهن غير طبيعي، وأنهن محرومات من حقهن في الحرية والعيش الكريم وكذا الحب والزواج كباقي البنات، فيحاولن جاهدات إقناع والدتهن بإطلاق سراحهن وفك قيود سجن البيت عنهن، ولكن دون جدوى، فيقرِّرن التمرد، ويبدين استماتة في الدفاع عن حقهن في الحرية مهما بلغ رد فعل أمهن التي تقرِّر بقسوة شديدة إبقاءهن في حالة ''حداد'' طوال حياتهن، ويشتدُّ الصراع بين الطرفين وتنتهي المسرحية بنهاية مفتوحة ذات دلالة واضحة مرتبطة بالوضع الحالي في العراق.

وتميز العرضُ بالأداء المتألق للفنانات الخمس، فقد جسَّدت ''فاطمة الربيعي'' بنجاح دور''برناردا'' الأم المستبدة الظالمة القامعة لبناتها، بينما أبدعت البناتُ الأربع في التعبير عن مشاعرهن وانفعالاتهن النفسية بشكل مؤثر من معاناةٍ وألمٍ وخوفٍ وحيرة وقلق ورجاء وتوسل وضعف ووهج وتمرد... فكنَّ يعبِّرن عن ذلك بالصمت حيناً وبالصراخ من فرط الألم والقيام بحركات هستيرية حيناً آخر والحوار المملوء بالدلالات والرسائل المشفرة في أحايين أخرى مثل هذه المقاطع في الحول: كيف أستطيع أن أحب دون أن أكون حرة؟! ما الإنسانُ دون حرية، هذا النور الرائع الذي ينبـــجس في داخــــله ويُحرم منه؟.

قبل أن تعلن ماريانا ''سمر محمد'' عن تحدِّيها الموت في سبيل حبها صارخةً في وجه أمِّها: ''توقفي، لم يعد لك سلطانٌ عليَّ، لقد آن الأوان لتصمت في هذا المكان أصواتُ السجانين''.

وتقول المخرجة عواطف نعيم لـ(الاتحاد) عن دلالات المسرحية، إنها تريد إيصال فكرة أساسية للجمهور وهي: أن الخوف هو الذي يولــِّد الديكــــتاتورية، ولو أن الشعوب تصدَّت لها لما كان هناك استبدادٌ ولما كان هناك احتلال.

بينما قالت الفنانة شذى سالم ''أديلا'': إن طبيعة الوضع في العراق وكذا في فلسطين يفرض اللجوءَ إلى الإسقاط والرمزية والإيحاءات وهي مهمَّة الفن لتبليغ الرسالة كاملةً إلى الجمهور العربي.

المُخرجة أحسنت توظيف أقصى ما يمكن من تقنيات الصورة على المسرح، كما كانت السينوغرافيا موفقة بتركيزها على استخدام أدوات بسيطة غير ثابتة تمثلت في قماش أسود كبير يرمز إلى ثِقلِ حياة الحداد والكآبة التي تعيشها البناتُ الأربع، بينما كانت الأشرطة القماشية البيضاء الصغيرة ترمز إلى بارقة أمل في انبلاج نور الحرية يوماً.