«دائرة العشق البغدادية» تنبذ خونة الأوطان

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
16/08/2009 06:00 AM
GMT



حسين محمد:
«كانوا مشغولين باختلاس الأموال العامة وتوفير الحطب لنيران الحرب، أشعلوها ثم هربوا، الحاكم وحاشيته فرُّوا عند قدوم الأعداء وعادوا بعدها».

تلك عباراتٌ قويَّة وجَّهها الفنانُ العراقي عزيز خيون و7 من رفاقه في «الفرقة القومية للتمثيل» بالعراق التي حلت ضيفة على الجزائر مؤخراً لتقدِّم عرضاً مسرحياً بعنوان «دائرة العشق البغدادية»، التي استوحتها المخرجة الدكتورة عواطف عبد الكريم من مسرحية «دائرة الطباشير القوقازية» للألماني برخت. وتميزت المسرحية بتقديم مشاهد عديدة منها وسط الجمهور بعيداً عن الخشبة وأدت إلى تفاعل وحميميةٍ بين الجمهور والممثلين وكان انتقالهم سلساً بين الخشبة ووسط القاعة، حيث اعتلى «القاضي» طاولة عالية ليدرس مجموعة من القضايا برفقة مساعديه بأسلوب يمزج بين الجد والهزل ويوجِّه العديد من الرسائل النقدية للحكام المستبدين والشعوب المستكينة معاً فـ»الكراسي تجد دائماً من يجلس عليها وعلينا». وبعدها بدأت الأحداثُ تتوالى بعد أن اندلعت الحرب وهرب الحاكم وحاشيتُه وتركوا الشعب في مواجهة الموت والهلع والرعب من أزيز الطائرات وأصوات المدافع والقنابل، ثم ظهرت امرأتان تتنازعان طفلاً؛ حيث ادَّعت خادمة القصر أنه ابنُها وأنها هي التي حمته ولم تتخلَّ عنه وقت الشدة وتجشمت المشاق للحفاظ عليه، إلا أن زوجة الحاكم التي تذكرت ذهبَها ومالها ونسيت ابنها أثناء اندلاع الحرب، قالت إنها أمُّه الحقيقية وهي التي حملت به ووضعته، ويطلب القاضي من المرأتين جذب الطفل من ذراعيه ومن انتزعته من الأخرى فهو ابنُها، لكن الخادمة ترفض ذلك خوفاً عليه من الأذى، فيقر القاضي أن الطفل لها، ويقول إن العبرة ليست بالحمل والولادة بل بالخوف على مصير الطفل وحمايته والتضحية من أجله ومن ثمة، فإن «الأشياء ينبغي أن تُعطى لمن يقوم عليها خير قيام». القصة مستمدة من حكاية النبي سليمان مع المرأتين اللتين تنازعتا ولداً. ويقول الفنان عزيز خيون الذي أدى دور «القاضي» إنها حكاية شرقية بالأساس وأخذها برخت لينتج منها «دائرة الطباشير القوقازية» وقد قامت الفرقة العراقية بـ»استعادتها» وتقديمها بطريقة أخرى مغايرة ملأى بالإسقاطات على الوضع الراهن في العراق والوطن العربي، في قراءة جديدة تحمل رسالة مضمونها «إن الوطن لمن يدافع عنه»، كما تدعو إلى احتضان الوطن وحبه بدل التنازع عليه، ومن ثمة فإن العمل أيضاً يتجه إلى الإنسانية كلها باعتبار أن المسرح لا يخاطب منطقة أو مكاناً ما أو زمناً بعينه، فهو فن لا يعرف الزمان والمكان، ويضيف خيون: «لقد أردنا تقديم عرض مكتنز بالجمال والدهشة لإمتاع المشاهد واستفزازه في الوقت نفسه»