هل نفلش نصب الجندي المجهول

المقاله تحت باب  أخبار و متابعات
في 
17/08/2009 06:00 AM
GMT



إزالة النصب الحالي لعدم صواب ايجاد نصبين أو رمزين لنصب الجندي المجهول في مدينة واحده . كلنا متفق على الرأي القائل بأن ثورات العراق وحروبه منذ خمسينات القرن العشرين قد أخرت تقدم البلد عمرانيا إلى درجة كبيرة وحطمــــت العديد من الأبنية العمرانية وعلى وجه الخصوص ما صاحب تدمير القرى العراقية الحدودية ومدنها خلال الحــــرب العراقية الأيرانية وحرب احتلال العراق و تغيير نظام البعث.. ولا تزال مئات الأبنية والمنشأت مدمرة بشكل كامل أو لم يتم اصلاحها لأسباب عديدة منها قلة الموارد المالية و الكفاءات المطلوبة ، لأتخاذ القرارات والاستمرار باعمال و مهام إعادة الإعمار. أستندت أفكار صدام حسين لإزالة نصب الجندي المجهول الذي وضع بموجب توجيهات الزعيم عبد الكريم قاسم في ساحة الفردوس، على أعتبار إن الشعلة التي يحرسها الجندي العراقي هي النار المجوسية إضافة إلى إن موقعه غير مناسب للأحتفالات. وضعت فكرة الجندي المجهول الحالي من قبل الفنان العراقي الكبير ونحات العراق الخالد (خالد الرحال) وبذلك خصصت له مساحات كبيرة في الجزء الحكومي من مدينة بغداد وعملت -على تشييده الألاف من السواعد العراقية في مختلف الأختصاصات لتنفيذ الأفكارالتي عمل عليها خالد الرحال ومستشارون ومعماريون كبار أيضا ليحتوى ذلك النصب على عناصر- رئيسية ثلاث هي؛ الأول رفاه الجندي العراقي المجهول عظيم الأحترام-ومنصته، و الثاني هو المتحف العسكري العراقي و يكون تحت المنصة الرئيسية حول النصب وتحت المظلة التي هي أشعاعات الشمس العراقية وليحتوي التأريخ-العسكري للحضارات العراقية، والقسم الثالث وهو الحدائق والساحات لتنزه الزوار حيث أعتبرت حدائق الجندي المجهول هي أحدى متنزهات بغداد قرب حدائق الزوراء وساحة الأحتفالات. لا يرمز الجندي العراقي المجهول إلى حرب معينة أو معركة معينة ولا يرمز إلى فكر سياسي معين لأنه إن كان كذلك لتعددت هذه النصب عبر العصور كما أنه لايرمز إلى صنف معين من أصناف أو أختصاصات الجيوش العراقية . تحمل-كلمة (الجندي المجهول) التي تستعمل مجازا في بعض اللأحيان، حاملة مفاهيم و أفكار تتجاوز كونها-تعبر عن-أصطلاح-عسكري وحسب، بل هنالك الكثيرون-من الجنود المجهولون في جميع-أصناف-المهن والحرف-والأختصاصات غير العسكرية-يعتبر عملهم إحدى أحجار الأساس في كيان أي منشأ أو مؤسسة-ولذا يصطلح عليه-بين زملائه بالجندي المجهول. إن العناصر الفنية-الداخلة في عمارة نصب كهذا ترمز إلى العمارة العراقية وتاريخ البلد ولا تتأثر بفكر سياسي معين، ومن هذا-المنطلق يجدر بنا-أن نلاحظ-إن نصب الجندي المجهول الحالي لا يحمل أي رمز أو إشارة إلى حرب عراقية-تجاه بلد مجاور أو عدو معين بل ان معالم نصب الجندي المجهول الحالي ، جاءت كعمل فني-لفنان خالد هو ¢خالد الرحال¢ تم وضع أفكلرة الأساسية في روما بسنوات قبل نشوب الحرب العراقية الايرانية. تعتز الأمم بحضاراتها و بتاريخها وفكرها ، كما تعتز بالأرث الحضري الذي يتركه الأنسان والذي ينصب جل أهتمامه على-أيجاد المحيط أو البيئة المناسبة التي يتعايش-فيها الفرد في مجتمعه. وكما بينا سابقا بأن الأحداث السياسية التي مرت على العراق خلال نصف قرن من الزمن قد أثرت على تطور المدن-العراقية وتوقفت نشاطات صيانتها وادامتها تقريبا، وتردى المستوى-المعيشي للفرد العراقي، فالقرى العراقية مهملة والنواحي والأقضية في المحافظات العراقية تتردى فيها مستويات المعيشة الى درجة كبيرة ، وتتردى فيها جميع-خدمات البلدية-وتنتشر-في معظمها الورش المبعثرة-لتصليح وسائط النقل المتخلفة والأجهزة والمعدات البيئية العاطلة وفوضى تداخل التخلف في معظم الأتجاهات . أما المدن الرئيسية في المحافظات ومنها عاصمتنا بغداد في ما عدا المناطق التي يسكنها ويعمل فيها السياسيون اصحاب النفوذ فتعمها فوضى التخلف بالخدمات البلدية ومنها أرصفة الطرق المتهرئة وأكوام الأزبال المنتشرة والأبنية البالية ، وتتخللها العديد من الأبنية المتروكة و التي تعرضت-الى التخريب-والسرقة-نتيجة-حروب-العقود الماضية-و تعجز دوائر الدولة عن اصلاحها واستعمالها. لقد تحملنا-الكثير من الأعباء والشعور بالغبن نتيجة تخلفنا الحضري في مدننا نتيجة قرارات غير مدروسة وتدهورت مستويات معيشة العائلة العراقية وبدأ التخلف ينخر في تاريخنا الفكري والحضري وامتلأت مدننا بالابنية المخربة، نتيجة التباينات والتناحرات السياسية ضيقة الافق في الوقت الذي تذهب ثروات العراق هباءَ . ألا يكفينا هذا التخلف ؟ الأ-يتوجب علينا اصلاح واعمار مدننا ؟ الا يتطلب ان نلتفت الى الابنية المخربة والمحطمة وضرورة اصلاحها ؟ الا يتطلب منا ان نتوجه الى البناء والاعمار عوضا عن التفليش؟ دعونا نصلح ماشيده اسلافنا كونة يعبرعن تأريخنا مهما كان مفهومه، ولنتوقف عن التفليش. هل نسمح لأنفسنا أن نفلش عمل فني متميز مثل عمل خالد الرحال كيما نعيد بناء عمل آخر تم تفليشه بمعرفة ودراية الاستاذ رفعت الجادرجي واثناء وجوده في أمانة العاصمة في بغداد ؟ لذا اتوجه الى مثقفي هذا البلد ومهندسيه ومعمارييه وعن طريقهم الى اصحاب القرار الموقرين، واتوجه الى كل من يعمل الى بناء عراق جديد ، على الحفاظ على تراث العراق ، و تأييد دعوتي هذه لايقاف-تفليش او هدم اي بناء ومنها نصب الجندي المجهول الذي هو من ابداعات فناننا الكبيرالمرحوم خالد الرحال ، والاتجاه الى الحفاظ على ما هو موجود من بناء وتحسين-معالمه واضافة ما يتطلب لتمكين استفادة المواطن منه. كل لبنة من لبنات البناء التي وضعناها او بناها-اباؤنا واجدادنا وما قبلهم-هي امانة لدينا وعلينا الحفاظ عليها والاعتزاز بها. نرجو ان تدخل جهودنا في سجلات البناء مستقبلا وليس في سجلات التفليش والتخريب عن جهل.